زيارة يلدريم للعراق اليوم تؤكد الوجه الجديد للسياسة الخارجية التركية

تأتي امتدادًا لنهج سلفه داود أوغلو الهادف لـ«تصفير المشاكل»

زيارة يلدريم للعراق اليوم تؤكد الوجه الجديد للسياسة الخارجية التركية
TT

زيارة يلدريم للعراق اليوم تؤكد الوجه الجديد للسياسة الخارجية التركية

زيارة يلدريم للعراق اليوم تؤكد الوجه الجديد للسياسة الخارجية التركية

ينتظر أن يبدأ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم زيارة رسمية للعراق يستهلها ببغداد ثم أربيل في مسعى، على ما يبدو لفتح صفحة جديدة في العلاقات التي شهدت في السنوات الأخيرة توترا، كم أنها تأتي في إطار التحول اللافت في السياسة الخارجية التركية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي بدأ بتقارب حميم مع محيط تركيا في الشرق الأوسط ورفع مبدأ «سياسة تصفير المشاكل مع دول الجوار» التي أسس لها وزير الخارجية رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو حتى قبل أن يتولى منصب وزير الخارجية، كونه كان المستشار السياسي وأهم المستشارين للرئيس رجب طيب إردوغان وقت توليه رئاسة الحكومة.
وكشف الستار عن الصفحة الجديدة مع العراق بعد اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد في القصر الرئاسي برئاسة إردوغان الأسبوع الماضي وأجرى الرئيس التركي اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 30 ديسمبر (كانون الأول) اعتبره بعض المراقبين خطوة مفاجئة بعد التراشق الحاد بينهما بالتصريحات قبل عملية الموصل إلى انطلقت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وخلالها.
وستشكل زيارة يلدريم للعراق، التي تشمل أيضا أربيل، تدشينا صريحا لسياسة «العلاقة بين دولتين» بدلاً عن إقامة علاقات مع المجموعات والفصائل في دول الجيران التي ظلت تركيا تطبقها تركيا منذ عهد مؤسس جمهوريتها مصطفى كمال أتاتورك.
ويرافق رئيس الوزراء التركي وفد كبير لبحث العلاقات بين تركيا والعراق وإقليم كردستان في مختلف المجالات لكن ملف الإرهاب يأتي في المقدمة. ولن تتوقف الزيارة كثيرا أمام فترة التوتر التي وصلت إلى ذروتها قبل انطلاق عملية التحالف الدولي لتحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش ومطالبة بغداد من تركيا سحب قواتها من معسكر بعشيقة في شمال الموصل واعتبار وجودها احتلالا، بل سيتم العمل على التعاون بين الحكومتين وقبول بغداد بالوجود التركي من منطلق هذا التعاون.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن يلدريم سيزور بغداد وأربيل لمناقشة الكثير من المواضيع منها العلاقات بين البلدين، ووضع معسكر بعشيقة، ومكافحة الإرهاب وحزب العمال الكردستاني، وما بعد عملية الموصل، وإعادة إعمارها، وتلعفر وسنجار وغيرها. وأكد أن تركيا لن تسمح بتحول سنجار شمالي العراق إلى جبال قنديل أخرى (معقل حزب العمال الكردستاني على الحدود العراقية الإيرانية)، مشيرا إلى الحزب يحاول استغلال محاربة «داعش» والتذرع بحماية الإيزيديين للحصول على موطئ قدم له في سنجار، مشددا على أنه على السلطات العراقية عدم السماح بحدوث ذلك.
العبادي من جانبه غير نبرته إلى الحديث عن التعاون بدلا عن العداء والتهديد، قائلا في تصريحات سبقت زيارة نظيره التركي: «نرفض استخدام الأراضي العراقية لشن اعتداءات ضد تركيا ودول الجوار»، وقال كالين إنه «تصريح مهم»، إلا أن تركيا تنتظر من بغداد وأربيل اتخاذ إجراءات أكثر وضوحا ودقة، وتؤدي إلى نتائج.
وليس الجانب السياسي ومكافحة الإرهاب هما فقط المحاور المهمة للعلاقات بين تركيا والعراق، فهناك ملف العلاقات التجارية والاستثمارات التركية في العراق التي تلقت ضربة قوية بسبب التوتر في العلاقات السياسية وشكا مستثمرون أتراك من أن توتر العلاقات أثّر بشكل كبير على عملهم في العراق.
وزيارة يلدريم هي الأولى لرئيس وزراء تركيا بعد زيارة سلفه داود أوغلو للعراق في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. وشهدت الأشهر الماضية حرب تصريحات بين أنقرة وبغداد تصاعدت إلى حد تبادل استدعاء السفراء في الخامس من أكتوبر إلى أن بدأ البلدان يتجهان إلى تبادل الزيارات والتشاور السياسي والتقارب الدبلوماسي.
وبدأ التوتر بين البلدين على خلفية إرسال تركيا في أوائل ديسمبر من عام 2015 قوات عسكرية إلى منطقة بعشيقة الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال شرقي الموصل لتدريب متطوعين من السنة العراقيين، طالب العراق مرارا بسحبها دون استجابة من أنقرة. وتزايدت حدة هذا التوتر في أكتوبر الماضي بعدما صوت البرلمان التركي على تمديد تفويض للجيش يجيز له مواصلة التدخل في العراق وسوريا لعام إضافي، ورغبة أنقرة في المشاركة في عملية الموصل، وهو ما رفضته بغداد بشدة.
ورفض إردوغان نفسه في تصريحات في أكتوبر الماضي مطالب العبادي بسحب القوات التركية، وتهديده بالتصعيد حتى الحرب ضد تركيا رد إردوغان وهاجمه بشدة قائلا: «الزم حدك».
وأثار تصاعد التوتر بين تركيا والعراق، تساؤلات حول وجود دور إيراني يقف وراء هذه الأزمة، واتهم بعض المسؤولين الأتراك إيران بالفعل بتحريك العبادي للهجوم على تركيا. كما اعتبر مراقبون أن التقارب بين تركيا والسعودية بشأن ملفات المنطقة، ومنها العراق، لم يرق لطهران ما جعلها تلجأ إلى دفع مقربين منها في حكومة وبرلمان العراق لاتخاذ مواقف حادة والإدلاء بتصريحات مستفزة ضد تركيا.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.