أكد مصدر قيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي لـ«الشرق الأوسط» أن الأمانة العامة للحزب ستجتمع اليوم الثلاثاء لحسم مسألة تشكيل الحكومة.
وأضاف المصدر ذاته أن الأمين العام للحزب، عبد الإله ابن كيران، ورئيس الحكومة المعين، لم يكشف أية معطيات بشأن لقائه مساء السبت الماضي مع المبعوثين الثلاثة لحزب الاستقلال، بعد تنحي أمينه العام حميد عن لجنة المشاورات بشأن تشكيل الحكومة المرتقبة.
وقال المصدر إن ابن كيران فضل انتظار اجتماع الأمانة العامة لتقديم تقرير نهائي حول مشاوراته مع الأحزاب السياسية وعرض خلاصاته على الأمانة العامة لتتخذ قرارها.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مشاركة «الاستقلال» في الحكومة المرتقبة أصبحت غير ذي موضوع، وأن ابن كيران سيطرح على الأمانة الحزب اليوم تركيبتين للغالبية الحكومية. الأولى تضم العدالة والتنمية (125 مقعدًا) والتجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا) وحزب التقدم والاشتراكية (12 مقعدًا)، وتتكون من 174 مقعدًا نيابيًا، يضاف إليها 46 مقعدًا نيابيًا لحزب الاستقلال، الذي قرر السبت مساندة حزب العدالة والتنمية سواء شارك في الحكومة أم لم يشارك فيها، وتصبح الغالبية بالتالي تتوفر على 220 مقعدًا. أما التركيبة الثانية فتشمل، إلى جانب الأحزاب الثلاثة المذكورة، حزب الحركة الشعبية (27 مقعدًا) ليصبح مجموع مقاعد الغالبية الحكومية 247 مقعدًا من مجموع 395 مقعدًا في مجلس النواب.
وعلمت «الشرق الأوسط» أيضا أن ابن كيران سيطرح على الأمانة العامة مسألة ما إذا كانت المقاعد التي كانت ستمنح لحزب الاستقلال في حالة مشاركته في الحكومة، سيحتفظ بها «العدالة والتنمية» أم يتم توزيعها على بعض التكنوقراط المقربين من حزب الاستقلال من قبيل يوسف العمراني، الوزير المنتدب السابق في الخارجية.
وأمام الوضع الجديد، سيكون حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو الخاسر الأكبر، إذ أصبح استبعاده من الغالبية الجديدة قائمًا. وقبل فك عقدة حزب الاستقلال، واجه ابن كيران وضعية صعبة، بسبب التنافر بين الحزبين اللذين احتلا المرتبتين الثالثة (الاستقلال) والرابعة (التجمع) في الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وزاد الوضع تعقيدًا جراء تداعيات التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الاستقلال، والتي أطلق فيها نيرانه في عدة اتجاهات، وأثارت ردود فعل شديدة ضده وضد الحزب. وكان أبرز هذه التصريحات تلك المتعلقة بحدود موريتانيا التي كادت أن تتسبب في أزمة دبلوماسية عميقة بين الرباط ونواكشوط، واستدعت تدخل الملك محمد السادس شخصيًا، وإيفاد رئيس الحكومة إلى موريتانيا لتهدئة الأمور.
وحاول حزب الاستقلال السبت الماضي تغيير المعطيات عبر عقد اجتماع استثنائي لمجلسه الوطني (برلمان الحزب)، الذي قرر إبعاد الأمين العام عن مشاورات تشكيل الحكومة المرتقبة، والتقليص من صلاحياته التسييرية كأمين عام عبر إسناد بعضها إلى لجنة مكونة من ثلاثة قياديين في الحزب، وإسناد متابعة مشاورات تشكيل الحكومة إلى لجنة أخرى تتكون من ثلاثة أعضاء.
وما أن اختتم المجلس الوطني لحزب الاستقلال أشغاله مساء السبت حتى سارعت اللجنة الحزبية المكلفة بمشاورات الحكومة إلى اللقاء مع ابن كيران في بيته، ناقلة إليه المواقف التي اتخذها المجلس الوطني، وعلى رأسها تنحية الأمين العام من لجنة المشاورات؛ باعتباره سبب الجدل حول مشاركة الحزب في الحكومة، وقرار حزب الاستقلال مساندة ابن كيران من دون شروط، سواء شارك في حكومته أم لم يشارك فيها.
يذكر أنه غداة الانتخابات التشريعية الأخيرة، وتعيين ابن كيران من طرف العاهل المغربي لتشكيل الحكومة، طرح ابن كيران فكرة تشكيل حكومة تضم - بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية - أحزاب «الكتلة الديمقراطية» الثلاثة وهي: حزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية. غير أنه سرعان ما بدأ يشتكي مع بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من محاولة «الانقلاب على الديمقراطية»، متهمًا مجموعة من الأحزاب، ضمنها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بالسعي إلى رفع مذكرة للملك تهدف إلى «تنحية حزبه». كما اشتكى ابن كيران من سعي المجموعة نفسها إلى إعطاء رئاسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) لشخصية من المعارضة. وفي الوقت ذاته، أشاد ابن كيران بموقف حزب الاستقلال الذي رفض الدخول في ما أسماه بـ«المؤامرة الانقلابية». وأعلن حينها أن لديه تحالفًا من ثلاثة أحزاب، يضم أحزاب «العدالة والتنمية والاستقلال والتقدم والاشتراكية»، يتوفر على 183 مقعدًا نيابيًا، ولا ينقصه سوى انضمام حزب واحد لديه 20 مقعدًا نيابيًا لاستكمال الغالبية الحكومة. غير أن غضب ابن كيران آنذاك على الاتحاد الاشتراكي (20 مقعدًا) بسبب مشاركته في ما اعتبره «محاولة انقلابية»، خلقت وضعًا حتم عليه إيجاد بديل له. وبدا أن الحزبين المرشحين كبديل للاتحاد هما حزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا)، والحركة الشعبية (27 مقعدًا).
في غضون ذلك، انتخب حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش رئيسًا جديدًا له خلال مؤتمر استثنائي التأم في نهاية أكتوبر الماضي. وفوجئ ابن كيران بالتحرك السريع لأخنوش، الذي أعلن تحالفًا مع حزب الاتحاد الدستوري، وتقاربًا مع حزب الحركة الشعبية، وإعلان هذا الأخير ربط موقفه من المشاركة في الحكومة بموقف أخنوش، ثم حدوث تقارب بين التجمع الوطني للأحرار وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من جانب آخر، انتهاء بإعلان أخنوش صراحة أنه لن يشارك في حكومة تضم حزب الاستقلال.
ويبدو أن موقف «الاستقلال» الداعم لـ«العدالة والتنمية» من دون شروط، أي من دون المشاركة في الحكومة، خلط أوراق تشكيل الحكومة، وجعل ابن كيران في موضع قوة، ستؤدي به إلى تشكيل غالبية مريحة بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العناء.
الأمانة العامة لـ«العدالة والتنمية» تحسم اليوم تشكيلة الحكومة المغربية
ابن كيران يعرض عليها تركيبتين بشأن الغالبية المقبلة
الأمانة العامة لـ«العدالة والتنمية» تحسم اليوم تشكيلة الحكومة المغربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة