مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ما أروع مرافقة الحبيب

يا ما في الدنيا من عجائب، المهم يا مين يعيش ويشوف، وفوق ذلك (يتحسر)، مثلما تحسرت أنا عندما قرأت هذا الخبر الذي (يسطح)، والذي جاء فيه:
إن رجل الأعمال الصيني (وانغ جيا نلين) الذي يملك (داليان واند)، وهي مجموعة شركات تضم متاجر ومراكز تسوق ومصانع وفنادق وحدائق ترفيه ونوادي رياضية ومطاعم، وتبلغ قيمتها السوقية إلى هذه اللحظة ما يقارب من (122) مليار دولار... الشاهد وش لكم من طول الحكي، فـ (وانغ) هذا يعتبر أغنى رجل في الصين إن لم يكن في العالم، ورغم ثرائه الفاحش يقول إنه غير سعيد في حياته، وما أن قرأت تصريحه هذا حتى قلت لا شعورياً بيني وبين نفسي: (أحّا)!!، ولو أنني أملك عشر عشر عشر معشار ما يملك، لطفقت أرقص ليلي مع نهاري و(أعمل اللي ما ينعمل)، ولن يهد حيلي غير فترة النوم، ولكن مع الأسف (ربي عارف الشوكة وراقمها)، لهذا لا زلت أردد (يا..... حسرة).
وعندما تقصيت عن سبب تعاسة ذلك الملياردير، اتضح لي أن السبب هو ابنه الوحيد المتمرد (وانسغيس نغ) البالغ من العمر (28) سنة، الذي يرفض رفضاً قاطعاً أن يرث والده.
وقد أسس الابن له شركة استثمارية خاصة يريد أن ينميها لينافس والده بعد عشرين عاماً، وقد انطبق عليه في هذه الحالة المثل القائل: (خذ خير، قال: ما عندي ماعون)، والله لا يبارك فيه من ولد أهبل، لا وفوق ذلك هو لا يريد أن يتزوج نهائياً لكي لا يرثه أحد.
ولا يزال والده يندب حظه ويضرب كفاً بكف، فهل يحق لي أن أصف وأسمي فلسفة الأب وابنه (بفلسفة المجانين)؟!، أم أنني أنا المجنون ولا أدري؟!
وما أبعد الفرق بين موقف هذا الابن من وراثة أموال والده، وبين موقف ثلاثة أبناء أشقاء في دولة خليجية من وراثتهم لأموال والدهم (الملياردير) المتوفى، عندما لعبت الشناعة والطمع إلى درجة أن كل واحد منهم ود أن يأكل لحم أخيه حياً، ولهم إلى الآن أكثر من عشرة أعوام لا يكلم أحد منهم الآخر، والقضايا بينهم تملأ أروقة المحاكم، وصدق المولى عندما قال: إن من أموالكم وأبنائكم عدواً لكم فاحذروه.
وأختم بطقوس عند الهنود الحمر القاطنين في الوسط الأميركي، وقد كانت العائلة إذا رزقت ولداً، تحيط به باكية على البؤس الذي سوف يهبط عليه خلال وجوده على الأرض، أمّا إذا حلّ الموت، فكان الأحياء يفرحون معتقدين أنه ذهب إلى السعادة الأبدية، وأحلى ما في الموضوع وزيادة منهم بالحماس كانوا يلحقون زوجته المفضلة به، كي تتمكن من مرافقة حبيبها إلى الجنة.