بعد السيطرة على حلب... ابتهاج في الإعلام الرسمي ووجوم في الشارع

الاقتصاد المتدهور جعل السكان في حالة لا مبالاة حيال وضع جبهات القتال

بعد السيطرة على حلب... ابتهاج في الإعلام الرسمي ووجوم في الشارع
TT

بعد السيطرة على حلب... ابتهاج في الإعلام الرسمي ووجوم في الشارع

بعد السيطرة على حلب... ابتهاج في الإعلام الرسمي ووجوم في الشارع

لم يظهر الموالون للنظام في العاصمة دمشق الابتهاج في الشارع العام، كما جرت العادة لدى تحقيق قوات النظام تقدمًا على الأرض، واستعادته السيطرة على مدينة مهمة، كمدينة حلب التي تُعدّ العاصمة الاقتصادية لسوريا، فلم تخرج مظاهرات سيارة، ولم تطلق الأبواق والأغاني الحماسية الحربية، بل ربضت العاصمة تحت وطأة صمت ثقيل، رده البعض إلى تردي حالة الطقس وتدني درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، وازدياد اعتيادي في ساعات تقنين الكهرباء، ترافق مع شح مادتي المازوت والغاز المنزلي اللتين تستخدمان وقودًا بديلاً للتدفئة شتاء. وهو وضع لا ينسجم مع المشهد الذي يصدره إعلام النظام عن الاحتفالات الشعبية بـ«النصر المؤزَّر في حلب».
وترافق المنخفض الجوي الذي يلف البلاد، مع انخفاض حاد في الأمل بخلاص أو بقرب حصول انفراجة عند السوريين عمومًا الموالين قبل المعارضة، إذ ثمة قناعة تكرست خلال السنوات الخمس من الصراع، بأن نتائج المعارك العسكرية و«الانتصار» لا تعني بالضرورة أن أوضاع المدنيين ستتحسن. وبينما كسب النظام حلب، خسر تدمر وحقول النفط والغاز في محيطها لصالح تنظيم داعش، مع تمدد تركي عسكري مدعوم بقوات محلية قرب منطقة الباب، مما يعني أن أزمات الوقود والطاقة ستتفاقم، والليرة السورية إلى مزيد من التخبط أمام الدولار، والأسعار إلى ارتفاع، و«التقدم الذي حصل في حلب ستكون نتائجه اقتصاديًا (صفرًا)»، بحسب رأي مدرس فلسفة في إحدى مدارس دمشق، الذي عبر عن ارتياحه لحسم الموقف في حلب بغض النظر عن النتيجة قائلا: «المهم أن يتوقف القتال وسيل الدماء الجاري»، مؤكدا أنه لا منتصر في هذا النوع من الحروب، ونتائجها معروفة سلفًا وهي دائما الخسارة، والجزء الأعظم منها يدفعه المدنيون من أرواحهم وممتلكاتهم ومصالحهم».
ويسود انطباع عند كثيرين، بأن أرض حلب عادت الآن موحَّدة لا شرقية ولا غربية، لكن حلب المدينة العظيمة بتراثها لم تعد، ولا نعرف إذا كانت ستعود في الأمد المنظور؛ فنصف المدينة مدمَّر خاوٍ، والنصف ضعيف مُنهَك اقتصاديًا.
الإنهاك الاقتصادي والارتفاع المتواصل في الأسعار مع انعدام القدرة الشرائية وارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت حسب الأرقام الأخيرة المتداولة نسبة الـ85 في المائة، أسباب كافية لتجعل السوريين القاطنين في مناطق سيطرة النظام لا سيما العاصمة دمشق، في حالة لا مبالاة حيال أي تقدم أو تراجع يحصل على جبهات القتال. وتقول غادة موظفة إدارية نزحت من ريف حمص إلى دمشق: «تحررت حمص والقصير والنبك ويبرود وغيرها، ولم تنتهِ الحرب ولم تتحسن أوضاعنا ولم نتمكن من العودة إلى بيوتنا ومناطقنا التي نزحنا منها، فهل سنعود بعد تحرير حلب؟ لا نظن. المناطق المستعادة هي مناطق مدمرة محروقة تحتاج إلى كثير من المال والزمن، ونحن يوما بعد آخر نزداد فقرا وبؤسا ولا نرى خلاصا لنا سوى الهجرة».
وتتحدث غادة عن أن عائلتها فقدت ثلاثة شباب؛ شقيقًا وأبناء عمومة، قاتلوا في صفوف جيش النظام وجيش الدفاع الوطني، وتتمنى أن لا تفقد المزيد من أقاربها على جبهات دير الزور. وتقول: «أولادنا ما زالوا يقتلون».
وبينما رفض أحد المعارضين ممن لا يزالون في الداخل التعبير عن شعوره، وبدا محبطًا مكتفيا بالقول: «القصة مطولة»، قالت سيدة كانت تنتظر دورها في الحصول على حصتها من المساعدة أمام جمعية خيرية: «اللي بيرجع يرجع واللي بده يروح يروح. بدي شي طعمي ولادي. لا بشوف شي ولا عم اسمع شي».
مشهد الوجوم في شوارع العاصمة الغارقة بالوحول بعد أمطار غزيرة، لا ينسجم مع المشهد الذي يصدره إعلام النظام عن الاحتفالات الشعبية بـ«النصر المؤزَّر في حلب»، التي تظهر شباب وفتيات يعقدون الدبكات في الشوارع ابتهاجًا بما يسمونه «تحرير حلب من الإرهاب»، دون أي ذكر لوجود مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين الواجب إنقاذهم، بحسب القوانين الدولية. كما لا ينسجم مع الذعر الذي انتشر بين ما تبقى من رجال وشباب على خلفية معلومات عن إصدار قائمة جديدة بأسماء نحو 87 ألف مطلوب للخدمة العسكرية (الاحتياط)، التي تم تعميمها على الحواجز في دمشق وريفها وحمص والساحل، الأمر الذي يشي بموجة فرار واسعة، بعد أن وصل سن المطلوبين للاحتياط إلى مواليد عام 1974. وجاءت هذه المعلومات مع دعوات محمومة من قبل النظام للالتحاق بالفيلق الخامس الذي أعلن عن تشكيله أخيرًا، وتبث شبكتا الجوال المشغلتان في سوريا «سريتيل» و«إم تي إن» الدعوات لمشتركيهما عبر الرسائل القصيرة، وتقول واحدة منهما: «كن واحدا من صانعي الانتصار وانضم إلى الفيلق الخامس.. كي تنال شرف الدفاع عن سوريا». وترفق الدعوات برقم هاتف للاطلاع على مزايا الانضمام للفيلق الخامس، التي من بينها رواتب مغرية!
واللافت أن تلك الدعوات تحولت إلى نكتة على ألسن السوريين لا سيما الشابات، حيث اعتبرن أن الدعوة موجهة للنساء، إذ لم يبق عدد كافٍ من الشباب والرجال للتطوع، فالحرب أكلت الجميع. وكتبت إحداهن: «الأشاوس حرروا حلب وجاء دور النسوان لتحرير إدلب... همتكن صبايا عالفيلق الخامس».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.