مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

من اختطف «الجيراني»؟

في حادثة نادرة من نوعها، اختطفت عصابة إرهابية القاضي السعودي، الشيعي، بمحكمة القطيف شرق السعودية، الشيخ محمد الجيراني، من أمام منزله بجزيرة تاروت.
الخبر بحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل السعودية، منصور القفاري، الذي أكد اهتمام وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء وليد بن محمد الصمعاني، بمتابعة القضية، والحرص على سلامة الشيخ الجيراني.
زوجة الشيخ الشيعي «الوطني» المناهض لجماعات إيران الإرهابية في السعودية، هي من أبلغت الشرطة التي سارعت بالبحث والتحري، وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الشيخ الجيراني للتهديد من قبل أنصار الخمينية المسلحة، فعمدة تاروت أكد أن الجيراني كان قد تعرض عدة مرات للاعتداء على ممتلكاته ومحاولة حرق منزله من قبل مجهولين. الرجل كان هدفًا للتشويه والتخوين والإسقاط من قبل أنصار الجماعات الإرهابية الخمينية في السعودية، على حسابات التواصل الاجتماعي وخطب الحسينيات والجوامع. السبب أنه كان صريح العداء للشبكات التخريبية التابعة للحرس الثوري الإيراني، تحت أي شعار كان، وكان حاسما في الولاء الوطني، بشجاعة كبيرة، جعلت حتى «بعض» الرموز بالمجتمع الشيعي السعودي يأخذ عليه هذه الحدة والصراحة. تبين اليوم أن ما كان الشيخ الجيراني يحذر منه، وما كان يحاربه في هذه الجماعات المجرمة، لم يكن مبالغة ولا تهويلاً، فعملاء قاسم سليماني، وأنصار الحرس الثوري، حقيقة موجودة على الأرض، لا تقل شرًا ولا شيطانية عن قتلة «داعش» الذين استهدفوا بيوت الله، والأبرياء في الأحساء والقطيف والدمام. هناك حملات تخويف وإرهاب وإسقاط اجتماعي يقوم بها نشطاء الجماعات الإجرامية داخل المجتمع السعودي الشيعي، وتحترف شتم وشطب كل من يعارضها، من رجال دين وقضاة ورجال أعمال وصحافيين وكتاب.
في النهاية، فإن المواطن السعودي الشيعي الحر، يجد نفسه، من هذه «القلّة» - نعم أقول قلّة - المجرمة المحترفة، في كرب عظيم، وحصار اجتماعي، يجعل البعض يحجم عن مواجهتهم بصراحة وإقدام، ويعتمد لغة الجمجمة، والمواربة، وبين بين، بحجة «عدم استفزاز» الشباب أكثر، حتى لا يتطرفوا أكثر. «عدم الاستفزاز» هذا، هو نفس الحجة التي كان بعض مداهني «القاعدة» يرددونها في السعودية، وغير السعودية، لكبح قوة النقد والكشف وحدة المواجهة مع جماعات الإجرام «القاعدي» و«الداعشي».
لكن علمنا التاريخ الحديث، أنه حتى يعرف المجتمع، أي مجتمع، خطورة وطبيعة العدو الذي نواجه، فلا بد من الصراحة والشجاعة، هذا ما فعله القاضي السعودي الشيعي، الشيخ محمد الجيراني، فخطفه المجرمون.
فعل الرجل ذلك، لأن الخطر واحد، من «دواعش البغدادي» أو «دواعش سليماني»، والوطن واحد أيضًا.