الليمون دخل أوروبا عن طريق الأندلس

استخدمه العرب في زينة الحدائق

الليمون دخل أوروبا عن طريق الأندلس
TT

الليمون دخل أوروبا عن طريق الأندلس

الليمون دخل أوروبا عن طريق الأندلس

ما زال المنشأ الأول لأشجار الليمون غير معروف، وإن كانت بعض المصادر تشير إلى بعض الأنحاء الآسيوية التي تتراوح بين آسام في الهند إلى شمال بورما والصين. ولم تدخل أشجار الليمون إلى أوروبا إلا مع الفتح العربي للأندلس، وانتشر بعدها في أنحاء جنوب أوروبا، حيث المناخ المثالي لنمو أشجار الليمون.. وفي ذلك الوقت كان الليمون قد انتشر في أنحاء المنطقة العربية من حدود فارس إلى العراق ومصر.
وظهر التوثيق الأول لثمار الليمون في القرن العاشر الميلادي في وثيقة حول الزراعة وكيفية استخدام أشجار الليمون في الزينة في الحدائق العربية. واكتمل انتشار أشجار الليمون في منطقة البحر المتوسط في نهاية القرن الميلادي الثامن.
أول مزرعة أوروبية لأشجار الليمون كانت في مدينة جنوا الإيطالية في منتصف القرن الخامس عشر. وتم بعدها تقديم الليمون إلى العالم الجديد بعد اكتشاف أميركا، حيث اصطحب كريستوفر كولومبوس معه بعض حبوب الليمون في رحلاته التالية إلى أميركا. ومع انتشار الغزوات الإسبانية في العالم الجديد انتشرت أيضا أشجار الليمون التي كانت تستخدم كأشجار زينة وفي صناعة بعض الأدوية. ومع قدوم القرن التاسع عشر انتشرت زراعة أشجار الليمون في كل من فلوريدا وكاليفورنيا. وتتفق عدة مصادر على أن أصل كلمة ليمون عربي، وأخذته اللغات الأوروبية الأخرى من الأصل العربي.
وهناك الكثير من أنواع الليمون التي تختلف في الحجم واللون والنكهة، وبعضها ينتج ثمارا طوال العام، وبعضها الآخر يعتبر هجينًا بين الليمون والبرتقال. وتتنوع استخدامات الليمون بين الإضافة إلى الأطعمة وصناعة شراب الليمونادة، إلى استخدام القشر في الطبخ والاستفادة منه في صناعة المنظفات. ويعتبر الليمون منظفًا عضويًا ومطهرًا جراحيًا. وهو يحتوي على حامض الستريك.
والليمون غني بفيتامين ج، وتوفر كمية 100 غرام منه 64 في المائة من الاحتياجات اليومية من هذا الفيتامين، كما تحتوي الكمية نفسها على 121 سعرا حراريا، وتسعة غرامات من النشويات، وغرامين من السكر، وثلاثة غرامات من الألياف، وغرام واحد من البروتين. ويحتوي الليمون أيضا على بعض المعادن وأهمها الكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور والبوتاسيوم.
ويدخل عصير الليمون في الكثير من الصناعات الغذائية ويضاف إلى الأسماك واللحوم للتخلص من زفارة الرائحة وإضافة بعض النكهة إليها. ويضاف عصير الليمون إلى بعض الكعك والمعجنات أثناء الخبز لإضافة المذاق المميز.
ويستخدم عصير الليمون أيضا لمنع أكسدة بعض الأطعمة التي يتغير لونها بعد تقشيرها مثل التفاح والموز والافوكادو. كما يستخدم الليمون في صناعة بعض أنواع المربي التي تسمى مرميلاد. ويضاف قشر الليمون إلى الكعك وأحيانا إلى الأرز والأطباق الأخرى. وتضاف أوراق الليمون أيضا إلى الأغذية واللحوم والأسماك أثناء طهيها لإكسابها نكهة ذكية.
من الاستخدامات الأخرى لليمون استخلاص حامض الستريك منه. ويستخدم عصير الليمون كمنظف، كما يضاف الملح أو البيكربونات إلى الليمون لتلميع النحاس والمعادن. وهو مفيد أيضا في تنظيف المطابخ وإزالة الدهون. ويستخدم قشر الليمون في تنظيف الخشب وصقله؛ حيث يذيب الليمون الشمع القديم وآثار الأصابع والأتربة. وهناك استخدام آخر لعصير الليمون كمبيد حشري غير ضار بالإنسان والحيوان.
ويستخدم الليمون طبيا في مجالات العلاج الطبيعي والاسترخاء وفي تنظيف الجروح. أما الاستخدامات غير العادية فتشمل توليد التيار الكهربائي من الليمون بتوصيل أسلاك كهربائية إليه، واستخدامه كحبر سري يمكن إظهاره بالحرارة.
ويبلغ الإنتاج العالمي من الليمون وفق إحصاءات عام 2013 نحو 15.5 مليون طن، وأكبر خمس دول منتجة له هي بالترتيب: الهند (2.5 مليون طن)، والمكسيك (2.1 مليون طن)، والصين (1.9 مليون طن)، والأرجنتين (1.3 مليون طن)، ثم البرازيل (1.2 مليون طن).
فوائد علاجية
الليمون له الكثير من الفوائد العلاجية المثبتة منها علاج التهاب الحلق، والمساعدة على الهضم ومكافحة الإمساك. وهناك اعتقاد سائد بأنه يعالج متاعب التنفس والنزيف الداخلي وارتفاع ضغط الدم. من فوائد الليمون أيضا المحافظة على صحة الشعر والجلد، وهو يقوي جهاز المناعة، وينظف المعدة، وينقي الدم.
من الفوائد الأخرى لعصير الليمون أنه يعتبر علاجًا نافعًا لحصوات الكلى، وتخفيف آثار الصدمات القلبية، وخفض درجة حرارة الجسم. وهو أيضا شراب منعش يبقي الجسم منتعشًا وهادئًا.
وتعود معظم هذه الفوائد لاحتواء الليمون على الكثير من الفيتامينات مثل: فيتامين ج، وفيتامين ب 6، وفيتامين أ، وعلى مواد النياسين والثيامين والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والبوتاسيوم والزنك والفوسفور والبروتين. وهو مضاد للأكسدة، وله خواص تساهم في مكافحة السرطان ومنع مرض السكر.
وينتشر استخدام شراب الليمون (الليمونادة) في البلاد الحارة، كما يستخدم الليمون في مكافحة البعوض بدهنه على الجلد، أو بنشر رائحته. وهو مفيد أيضًا في التخلص من ألم الأسنان، ومنع نزيف اللثة، والتخلص من روائح الفم الكريهة.
وهو يدخل في تركيب بعض معاجين تنظيف الأسنان، ويستخدمه البعض لتنظيف الأسنان بإضافته لمعجون الأسنان. وأثبت الليمون فعالية أيضًا في التخلص من قشر الشعر، ومعالجة فقدان الشعر، ويمنح عصير الليمون الشعر لمعانًا وبريقًا.. كما أنه مطهر للجلد ومخفف لآلام ضربة الشمس، وله فوائد في علاج الأكزيما. ويعمل الليمون كمضاد للشيخوخة، ويزيل التجاعيد، ويمكن الاستفادة من الليمون بشرب العصير المخلوط بالماء وعسل النحل. ويدخل الليمون في صناعة بعض أنواع الصابون المطهر.
ويستخدم البعض الليمون ضمن حمية غذائية لخفض الوزن، وذلك عن طريق شرب الليمون بالماء الدافئ وعسل النحل. ويساعد الليمون في تخفيف أزمات السعال وضيق التنفس، كما يساهم في علاج أمراض خطيرة مثل الكوليرا والملاريا؛ لأنه يعمل منقيًا للدم.
وفي مجال التجميل يستخدم الليمون لتنعيم الجلد خصوصا الكعبين والركبتين، كما أنه يخفف آلام الروماتيزم. وبعض هذه الفوائد ثبت صحتها طبيًا وبعضها من التجارب العملية التي اتبعها الناس تقليديًا. ويقدم شراب عصير الليمون في حالات الاضطراب والتوتر لتهدئة الأشخاص واستعادة زمام أعصابهم.
ويطرح الليمون في الأسواق طوال العام، وأفضل أنواعه تكون متاحة خلال الربع الأول من العام. ويمكن اختيار أفضل أنواع الليمون بانتقاء الحبات التي تبدو ثقيلة بالنسبة إلى حجمها، مع لون أصفر فاتح يميل إلى الخضرة. ويجب تجنب الأنواع ذات اللون الباهت الذي يدل على أنها قديمة ولا تحتوي على الكثير من العصير. ويجب اختيار الأنواع ذات الملمس الناعم للقشرة الخارجية والحجم الكبير من أجل أفضل أنواع العصير.
وللحصول على أكبر كمية من العصير يجب أن تكون الليمونة في درجة حرارة الغرفة مع تحريكها تحت كف اليد عدة مرات، أو تسخينها في المايكروويف لمدة 30 ثانية. ويمكن تخزين الليمون في البراد لمدة أسبوعين داخل كيس به مسام. أو في درجة حرارة الغرفة مع باقة من الفواكه لمدة أسبوع. وبعض قطع الليمون يمكن حفظها في غلاف حافظ لمدة أربعة أيام في البراد.
ويمكن تقديم الليمون طازجًا في شرائح مع السمك أو اللحم، كما يمكن إضافة العصير إلى السلاطة وإلى المخبوزات والشوربات. ويستخدم العصير لصنع خليط التوابل المضافة للسلاطة أو لشراب الليمونادة. ويستخدم القشر في صناعة المرميلاد وبعض أنواع المربي، كما يدخل الليمون في حشو الدجاج قبل تحميره.
وتستمر شجرة الليمون خضراء وتحتفظ بأوراقها طوال العام، وهو يزرع الآن في جميع أنحاء العالم.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».