طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

المنطقة وعائلة الرئيس!

بينما تنتظر منطقتنا معرفة أبرز أعضاء إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لتستطيع تحديد ملامح سياسته الخارجية، جاءت المفاجأة، وبشكل غير متوقع، بأن الرئيس ترامب ربما يمنح بعضًا من أبناء عائلته دورًا فعالاً في أهم ملفات المنطقة!
في مقابلته الأخيرة مع صحيفة «نيويورك تايمز» تحدث الرئيس ترامب عن سياسته الخارجية، من دون أن يوغل في التفاصيل، لكنه قال: إنه يطمح إلى أن يكون الرئيس الذي يحقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفًا أن صهره جاريد كوشنر، زوج ابنته المؤثرة، يمكن أن يضطلع بدور في تلك المفاوضات المحتملة. ووصف ترامب صهره بأنه ذكي، ومفيد بملف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، قائلاً إن صهره «يعرف الصراع جيدًا. يعرف المنطقة، والناس، واللاعبين». وقد يقول قائل إن هذا أمر جيد، فعندما يعهد الرئيس بدور ما لصهره بمفاوضات الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي فإن ذلك يعني جدية والتزامًا لحل الصراع، وربما يكون ذلك، لكن القصة لا تقف عند هذا الحد؛ إذ نشرت بالأمس صحيفة «ديلي تلغراف» خبرًا عن لقاء جمع ابن دونالد ترامب البكر ودبلوماسيين وناشطين محسوبين على روسيا الشهر الماضي في باريس، بأحد مراكز الدراسات، حيث تم مناقشة الاحتياج لتعاون أميركي - روسي بسوريا، وقيل إن رد فعل ابن ترامب كان جيدًا، وإنه بدا «براغماتيًا، ومرنًا»! حسنًا، أضف لكل ذلك ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» بالأمس عن أن الرئيس المنتخب ترامب تسلم الموجز الأمني الذي تقدمه له وكالة الاستخبارات الأميركية مرتين فقط، وكأقل رئيس منتخب منذ نيكسون! وهو تقرير تشرح فيه للرئيس المخاطر الخارجية، وما يتم حيالها، والعمليات السرية الأميركية بالخارج، وقضايا مثل سوريا، وروسيا، وإيران، وغيرها.
كل ذلك يقول لنا إن ثمة أمرًا غير مريح هنا، وربما يعتقد البعض بأن القول بذلك يعد تسرعًا الآن، لكن الواقع يقول إن أحداث المنطقة خطرة، ومتسارعة، وما أعلن عنه الرئيس ترامب عن رغبته في منح دور لصهره في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وما كشف عن لقاء لابنه مع محسوبين على روسيا حول الأزمة السورية، وكذلك مناوشات ترامب مع الحليف الأبرز لأميركا بريطانيا، وعبر «تويتر»، مثل «تمني» ترامب بأن تسمي لندن زعيم حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي سفيرًا لها في واشنطن، كل ذلك يقول لنا إننا أمام ملامح مرحلة غير مألوفة، وأميركا جديدة، مما يتطلب تعاملاً مختلفًا من قبل عقلاء المنطقة.
نقول ذلك لأن الأحداث متسارعة، وتستدعي عملاً دبلوماسيا غير تقليدي يساعد في توقع القادم، ومحاولة الشرح، والإقناع، من الآن، لكي لا تؤخذ المنطقة، وتحديدًا العقلاء فيها، على حين غرة. صحيح أن ترامب لم يؤد القسم بعد، لكنه أعلن، مثلاً، أن لديه أفكارًا قوية حول الأزمة السورية، دون الإفصاح، وها هم الروس يتحركون، وغيرهم، ولذا فلا بد من التحرك غير التقليدي لمرحلة غير تقليدية يبدو أن عائلة الرئيس ترامب ستلعب فيها دورًا لافتًا.