مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عبد العزيز وكتاب اليمن

لعل أكثر نصيحة توجه للحكومة السعودية حاليًا، ومن الكل، ممن يفهم ومن لا يفهم، هي وجوب «النشاط الإعلامي» للدفاع عن القضايا السعودية، الداخلية والخارجية.
«نحتاج سياسة إعلامية جديدة»، صارت هذه العبارة مبتذلة من كثرة ما قيلت مؤخرًا، تجاه كل قضية، من قانون «جاستا» الأميركي إلى الحرب اليمنية، ودعايات الحوثي وصالح المضادة، التي يرخي كثير من العرب والغربيين السمع لها.
هل هذا التوبيخ كله صحيح؟
أظن أن «بعضه» صحيح، وبعضه لا معنى له، أي أن هناك من قرَّر سلفًا، مهما فعلت، مهما كنت مبدعًا بخططك الإعلامية، رفع راية العداء لك، بسبب سياسي أو عقائدي أو شخصي.
المهم، مؤخرًا قرأت كتابًا قديمًا، أعاد المؤرخ السعودي د. محمد آل زلفة، نشره من جديد، بعد «معاناة» بالعثور عليه، ومعاناة مع الرقيب.
الكتاب بعنوان (بيان عن العلاقات، بين المملكة العربية السعودية والإمام يحيى حميد الدين، 1925 - 1934).
قال عنه آل زلفة بمقدمته، إن «أهم المصادر الوثائقية على الإطلاق هو الكتاب الأخضر السعودي الذي نشرته الحكومة السعودية عام 1933هـ، أي بعد الحرب السعودية اليمنية مباشرة».
الملك عبد العزيز نفسه أشار في خطابه أمام كبار وفود العالم الإسلامي بحج 1353هـ، أي بعد انتهاء الحرب بأيام: «وشرح الأمر الذي بيننا وبينه (الإمام يحيى) يطول، ولكن لا بد أن يطلع المسلمون بعد بضعة أيام على الكتاب الأخضر الذي أمرنا بإعداده، ليعلم الجميع الأقوال التي توافق الأفعال وأننا رجال لا نعمل غير ما نقول» (ص 17). جاء بمقدمة الكتاب الأخضر أن الحكومة، بعد قبول الإمام يحيى للسلم، قررت عدم نشر الكتاب الأخضر الحاوي لكل المحاضر والوثائق المساندة للموقف السعودي: «حفظًا لكرامة رجل ينتسب للأمة العربية ورغبة في تجنب الفضيحة أمام العالم» (ص 25).
لكن ردًا على الدعايات السلبية ضد السعودية التي كان يبثها الإمام يحيى وأنصاره بالصحافة العربية، في الوقت الذي كان «يلين» الكلام مباشرة مع السعودية، و«خشية من أن يغترّ الناس بهذه الأقوال المخالفة للحقيقة والمناقضة للواقع، قررت الحكومة الإسراع في نشر الكتاب لكي يطلع الرأي العام عليه» (ص 26). أوردت هذه النصوص من هذا الكتاب القديم - الجديد، حتى نرى لمحة من نهج الملك عبد العزيز بالمعالجة الإعلامية لأزمة إقليمية، وكيفية الدفاع المحترف عن الموقف السعودي.
لا يزال اليمن، مع الحوثي هذه المرة وصالح، يشن حروب الدعاية السلبية ضد السعودية، ويجد من يصغي له، دوليًا وإقليميًا.
ربما كانت الحاجة ماسة لاستعادة «منهج» الكتاب السعودي الموثق، بصيغة حديثة، موثقة بالحجج.