مسؤولون أميركيون يتوقعون عملية روسية جوية مكثفة في حلب هذا الأسبوع

آراء متفاوتة حول سياسة موسكو في سوريا قبل تسلّم ترامب مهامه

مسؤولون أميركيون يتوقعون عملية روسية جوية مكثفة في حلب هذا الأسبوع
TT

مسؤولون أميركيون يتوقعون عملية روسية جوية مكثفة في حلب هذا الأسبوع

مسؤولون أميركيون يتوقعون عملية روسية جوية مكثفة في حلب هذا الأسبوع

توقع مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية أن تبدأ روسيا هذا الأسبوع عملية جوية مكثفة في حلب بمشاركة الطائرات الحربية التي تحملها على متنها حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف»، في وقت لا تزال التوقعات متفاوتة بشأن سياسة موسكو في المدى القريب حيال الأزمة السورية وتحديدا في المرحلة الانتقالية التي تفصل بين انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وفي حين يبقى الترقّب سيّد الموقف نتيجة عدم وضوح مواقف ترامب وسياسته الخارجية، يرى البعض أن موسكو ستعيد حساباتها قبل اتخاذ أي قرار فيما يرى آخرون أن «هذه المرحلة ستكون حاسمة في حلب ولا سيما لجهة تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي الذي يقضي بإنهاء معركة حلب وخروج مقاتلي المعارضة»، بحسب ما يقول الخبير الروسي فيتشلاف ماتوزوف، معتبرا أن وصول المقاتلات الروسية إلى سواحل سوريا تأتي ضمن هذا التوجّه، قائلا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «هذه المقاتلات لم تأت لتتفرج إنما لتقوم بعملها». ويضيف: «خلال الأشهر الثلاثة التي تسبق تسلّم ترامب لمهامه في البيت الأبيض ستبذل الجهود لتطبيق اتفاق وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري بشأن حلب والذي يقضي بإخراج مقاتلي المعارضة والممرات الإنسانية لإيصال المساعدات إلى الأهالي المحاصرين». ويرى ماتوزوف أن هناك قرارًا روسيًا بعدم التراجع ولن يكون أمام موسكو أي خيار سوى الحسم حتى قبل موعد انتقال ترامب إلى البيت الأبيض، مرجّحا إتمام المهمة قبل رأس السنة، وبالتالي قرار وقف القصف على حلب لن يطول.
في المقابل، يجتمع كل من الخبير الاستراتيجي خطار بو دياب والمتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا، على أنه ستعيد روسيا حساباتها قبل اتخاذ أي قرار في سوريا. ويقول بودياب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض سيكون هناك تغيير في أسلوب ونهج السياسة الأميركية، وبالتالي فإن موسكو التي تتطلّع إلى عودة العلاقات مع واشنطن ستحاول عدم تأجيج الصراع في المرحلة الانتقالية». ويضيف: «منذ فترة نسمع أن روسيا ستبدأ عمليات كبيرة في شرق حلب كما أن لاحظنا مواقف وبيانات روسية متناقضة بين وزارة الدفاع الروسية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يعني أن هناك ترددا أو غياب قرار بالحسم، كما أن وصول ترامب إلى الرئاسة من المرجّح أن يفرمل أي قرار بهذا الشأن». ويرى بو دياب أن النظام وإيران يحاولان تحريض موسكو على الحسم لتكون حلب ورقة ضغط بأيديهم عند انطلاق العهد الأميركي الجديد، لكن أي خطوة كهذه إذا اتخذتها موسكو لن تمر مرور الكرام بالنسبة إلى واشنطن التي لا تقتصر سياستها على شخص إنما على مؤسسات وأطراف عدّة تعمل على الملف السوري ما من شأنه أن يصعّب أي مفاوضات بشأن سوريا.
بدوره، يرى نعسان آغا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن موسكو ستكون حذرة في التعامل مع الموضوع السوري لا سيما في ظل عدم وضوح سياسة ترامب الخارجية لغاية الآن، باستثناء إصراره على محاربة الإرهاب، وهو الأمر الذي قد تلجأ إليه روسيا عبر تكثيف القصف ضد «داعش» هذه الفترة للقول: إنها تحارب الإرهاب.
ويرى نعسان آغا أن وصول المقاتلات الروسية إلى سواحل سوريا ليست إلا استعراض قوة وموسكو في حال قرّرت الحسم لا تنتظر هذه المقاتلات لديها من الطائرات ما يكفي وأكبر دليل على ذلك ما تقوم به في حلب وغيرها من المناطق، ويضيف: «لا بدّ أيضا من الأخذ بعين الاعتبار إعلان وزارة الدفاع الروسية عن توقف الدعم العسكري للنظام إضافة إلى الهدن المستمرة التي تعلن موسكو عنها، ما يدّل أنها حذرة في أي قرار تتخذه».
وكانت «إنترفاكس» نقلت عن مسؤولين أميركيون قولهم إنّ مقاتلات «سو - 33» و«ميغ - 29 كا» التي وصلت إلى سواحل سوريا على متن حاملة الطائرات في إطار مجموعة سفن حربية تابعة لأسطول الشمال الروسي، قد بدأت بالتحليق فوق الأراضي السورية.
ولفت المسؤولون إلى أن تلك الطائرات لم تشارك حتى الآن في عمليات قتالية، «لكن هناك دلائل على انضمام طائرات الأميرال كوزنيتسوف لقوة كبيرة ستشارك في عملية بمدينة حلب السورية هذا الأسبوع». واعتبروا أن مجموعة السفن الروسية التي تضم، بالإضافة إلى «الأميرال كوزنيتسوف»، الطراد الذري الصاروخي الكبير «بطرس الأكبر»، والسفينتين «سيفيرومورسك» و«الفريق البحري كولاكوف» الكبيرتين المضادتين للغواصات، انتقلت إلى منطقة بجنوب شرقي قبرص، وباتت على مسافة مناسبة لتوجيه ضربات إلى حلب.
ويرى العسكريون الأميركيون أن الفرقاطة «الأميرال غريغوروفيتش» المزودة بصواريخ من نوع «كاليبر» والموجودة في المتوسط، ستشارك في توجيه الضربات أيضا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».