تصاعد التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية توقيف النواب

وزير خارجية لوكسمبورغ: أنقرة تستخدم أساليب النازية.. ووزير تركي: اقرأ التاريخ

تصاعد التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية توقيف النواب
TT

تصاعد التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية توقيف النواب

تصاعد التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية توقيف النواب

ردت أنقرة بحدة على تصريحات لوزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن، أمس (الاثنين)، قال فيها إن تعامل الحكومة التركية مع الموظفين الحكوميين المفصولين، بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، يذكره بالأساليب التي استخدمها النازيون، وأن الاتحاد الأوروبي سيضطر إلى الرد على ذلك بفرض عقوبات عاجلاً أم أجلاً.
ولم يتوان وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك، عمر جليك، في الرد على اسلبورن، قائلا «إنه غير مطلع على التاريخ، وإن أفعال أنقرة ينبغي أن تقارن بجهود حماية الديمقراطية أثناء الحرب ضد النازيين»، مضيفا: «النازيون يبدون مثل الهواة مقارنة بمنظمة فتح الله غولن الإرهابية (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية لوصف حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة).. نتحدث عن منظمة تقتل شعبها باستخدام الطائرات والدبابات والسفن الحربية وطائرات الهليكوبتر. يجب ألا يظن أحد أننا سنتراجع في حربنا ضدهم».
ومنذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) الماضي، اعتقلت السلطات التركية أو فصلت وأوقفت عن العمل أكثر من 110 آلاف من الموظفين الحكوميين، من بينهم عسكريون وقضاة ومعلمون وصحافيون، فيما قال منتقدو الرئيس رجب طيب إردوغان إنها حملة لقمع أشكال المعارضة كافة. ونُشرت أسماء الذين عزلوا من وظائفهم في الجريدة الرسمية التركية ما قد يعني صعوبة عثورهم على عمل في أي مكان آخر، وتم إلغاء جوازات سفرهم، وبلغ عدد من تم حبسهم احتياطيا 37 ألف شخص وسط حديث عن إعادة عقوبة الإعدام للتعامل مع المتهمين بالتورط في محاولة الانقلاب لعدم قدرة السجون على استيعابهم، ولأن الحكومة لا تريد إطعام «الخونة» في السجون. وقال اسلبورن إن هناك أشخاصًا جردوا من شهاداتهم الجامعية، وإن كثيرين لم يعد لهم مصدر للدخل. واشتكى بعض المعلمين المفصولين الذين كانوا العائل الوحيد لأسرهم من عجزهم عن إطعام أسرهم.. «أقول بوضوح إن هذه أساليب استخدمت خلال الحقبة النازية وهذا تطور سيئ جدًا.. لا يمكن للاتحاد الأوروبي قبوله ببساطة».
واقترح فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، مشيرًا إلى أن 50 في المائة من الصادرات التركية تذهب إلى الاتحاد الأوروبي، و60 في المائة من الاستثمارات في تركيا تأتي من الاتحاد. وقال: «في وقت ما، لن يكون لدينا أي خيار سوى تطبيق العقوبات للتصدي للوضع غير المحتمل لحقوق الإنسان». وقال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي، عمر جيليك، في مؤتمر صحافي عقب انتهاء لقائه سفراء دول الاتحاد الأوروبي على إفطار عمل في أنقرة أمس: «أبلغناهم باستيائنا من المواقف التي اتخذها الاتحاد الأوروبي»، وأضاف: «نمر في مرحلة حساسة جدًا في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. معارضة تركيا في شكل دائم ليست سياسة سليمة».
وانتقد جيليك الأصوات التي وصفها بـ«العنصرية» في الاتحاد الأوروبي التي دعت إلى وقف عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد، بسبب حملة التطهير التي أعقبت المحاولة الانقلابية. واعتبر أن الاتحاد لم يظهر تضامنًا كافيًا مع أنقرة بعد محاولة الانقلاب، قائلا: «من غير المقبول أن يقول بعض أصدقائنا الأوروبيين في جملة واحدة إنهم يدعموننا ثم يقولون تسع جمل تتضمن انتقادات».
ومن قبل اقترح رئيس وزراء النمسا ووزير خارجيتها وقف مفاوضات ضم تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، ردا على حملات الاعتقالات الموسعة، وما يقول بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي إنه استخدام سيئ لحالة الطوارئ التي فرضت في تركيا بعد محاولة الانقلاب لتقويض المعارضة والقضاء على الصحافة التي توجه أبسط انتقاد إلى الرئيس رجب طيب إردوغان والحكومة، فضلا عن تجميد العمل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وإساءة استغلال قانون مكافحة الإرهاب.
وحمل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الاتحاد الأوروبي بشدة في خطاب بإحدى الجامعات في إسطنبول (أول من أمس) الأحد، في إطار تصريحات متكررة تنتقد موقف الدول الأوروبية والغرب عموما من مكافحة تركيا حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية، وكذلك الموقف من محاولة الانقلاب الفاشلة التي قال إنهم «لم يأتوا إلينا ولم يبدوا رد الفعل اللازم تجاه ما تتعرض له تركيا». واتهم إردوغان الاتحاد الأوروبي والغرب بفقد الإنسانية من خلال تعامله مع قضية اللاجئين وملايين الناس الذين شردتهم الحرب في سوريا وفتحت لهم تركيا أبوابها. وكان وزير خارجية النمسا، سيباستيان كورتس، عبر عن رغبته في أن يشدد الاتحاد الأوروبي لهجته تجاه أنقرة، وأن يعدل عن تقديم المليارات الموعودة في حال لم تحترم هذه الدولة اتفاقها مع بروكسل حول الهجرة واللاجئين. ووقعت تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس (آذار) الماضي، اتفاقا للاجئين وإعادة قبول المهاجرين وعدت بروكسل بمقتضاه بتسريع مفاوضات انضمام أنقرة وتحرير تأشيرات الدخول وتقديم ثلاثة مليارات يورو لإعادة المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان من السواحل التركية. وقال إردوغان وحكومته مرارًا إن تحديد كيفية التعامل مع محاولة الانقلاب هو قرار تركيا.
وقال الرئيس التركي إنه لا يعبأ إذا وصفته أوروبا بالديكتاتور، واتهم الدول الأوروبية بتشجيع الإرهاب من طريق دعم المسلحين الأكراد. ودعا جليك الاتحاد الأوروبي إلى وضع حد لازدواجية المعايير في مؤسساته المختلفة حيال حزب العمال الكردستاني. وأشار إلى عدم تلقي بلاده دعما مناسبا من الاتحاد الأوروبي عقب محاولة الانقلاب.
وأكد جليك، في الوقت نفسه، أن العلاقات التركية الأوروبية علاقات استراتيجية، داعيا إلى تحقيق مزيد من التقدم في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وتأسيس جسور قوية بينهما.
وحول توقيف الشرطة التركية لنواب حزب الشعوب الديمقراطي، شدد جليك على أن الحصانة لم ترفع عن نواب محددين، بل عن كل نواب البرلمان.
وقال جليك: «لا يوجد مبدأ يتيح حرية قيام شخص ما بأنشطة إرهابية بعد انتخابه نائبا بالبرلمان، واتخذت الإجراءات بحق من قدم الدعم للإرهاب، ولم يذهب للإدلاء بإفادته رغم توجيه الدعوة إليه».
وأشار جليك إلى ضرورة أن يعمل النواب البرلمانيون على تحويل المطالب الشعبية إلى تمثيل سياسي في المجالات المشروعة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».