المنظمات الدولية تجدد قلقها على مصير المدنيين في الموصل

هاربون من جحيم «داعش»: يطالب السكان بالتجمع في المدارس لاستخدامهم كدروع

عراقيون نازحون من الموصل هرباً من تنظيم داعش المتطرف أمس (أ.ب)
عراقيون نازحون من الموصل هرباً من تنظيم داعش المتطرف أمس (أ.ب)
TT

المنظمات الدولية تجدد قلقها على مصير المدنيين في الموصل

عراقيون نازحون من الموصل هرباً من تنظيم داعش المتطرف أمس (أ.ب)
عراقيون نازحون من الموصل هرباً من تنظيم داعش المتطرف أمس (أ.ب)

بعد يومين من إعلان القوات العراقية بدء العملية الفعلية لمعركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، جددت المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية قلقها على مصير المدنيين داخل المدينة، التي يحاصرها ويسيطر عليها التنظيم المتطرف منذ عامين، ومخاوف من انتقامات طائفية على يد الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران.
فمصير أكثر من مليون ونصف، دفع المجلس النرويجي لحقوق الإنسان لأن يصرح أمس بأن العراق سيعيش أوقاتًا صعبة إنسانيًا في حال نزوح سكان الموصل.
وتشير تقارير صحافية إلى فرار أكثر من عشرين ألف شخص من منازلهم تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية، حسب أرقام نشرتها المنظمة الدولية للهجرة. وفي الوقت ذاته، لا يزال هناك 1.5 مليون شخص عالقين في المنطقة بينهم أكثر من 600 ألف طفل، حسب منظمة «سايف ذا تشيلدرن».
أما ميدانيًا، فكانت قوات مكافحة الإرهاب تعمل الأربعاء على تنظيف بلدة قوقجلي المتاخمة للموصل بعد انسحاب الإرهابيين منها، وتقوم القوات العراقية بعمليات تفتيش داخل المنازل وبين المدنيين، تحسبًا لاحتمال اختباء عناصر من تنظيم «داعش».
وواصل المدنيون مغادرة قوقجلي الأربعاء، متحدثين عن وحشية تعامل «داعش». وتحدث أحد المواطنين عن معاناته لوكالة الصحافة الفرنسية بقوله: «صادروا جراري وسجنوني لستة أيام. لقد ضربوني، وعندما خرجت لم أعد قادرًا على القيام بعملي». وتحدث المزارع الأربعيني وقال إن التنظيم أجبره على إطلاق لحيته، وعاملوه بعنف، وضربوه. أما والدته فوصفت الوضع بقولها: «كانوا يقتلوننا، دائما يطلبون النقود، لم نكن قادرين على الذهاب إلى أي مكان. عشنا جحيما».
على الجبهات الأخرى من أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات، تقدمت قوات الجيش أيضا من المحور الشمالي لتصبح على بعد كيلومترين من الموصل، فيما لا تزال المسافة طويلة أمام قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية الآتية من الجنوب.
وتلقى القوات العراقية دعما من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ومن مستشارين إيرانيين. وتعتبر الموصل آخر أكبر معاقل الجهاديين في العراق، بعد أن خسر تنظيم الدولة الإسلامية مساحات واسعة من الأراضي التي سيطر عليها في يونيو (حزيران) 2014.
ويقدر عدد الجهاديين بين أربعة وسبعة آلاف يقاتلون في الموصل ومحيطها، بينما تتألف القوات الاتحادية والكردية والفصائل المنضوية تحت قيادة الحكومة من عشرات آلاف العناصر.
وقال شهود من سكان الموصل لوسائل إعلام عالمية ووكالات أنباء إن «داعش» دعا الأهالي للتجمع داخل المدارس في الأحياء التي يسيطر عليها، ما يبدو أنها عملية لاستخدامهم كدروع بشرية.
وتفيد تقارير لمكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأن التنظيم الإرهابي أعدم نحو 300 شخص في الموصل منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفقا لمكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وفي فصل جديد من التصعيد الكلامي بين تركيا والعراق، وصف وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أمس الأربعاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأنه «ضعيف»، بعدما حذر هذا الأخير تركيا من مغبة اجتياح بلاده.
وكان العبادي حذر أول من أمس الثلاثاء من أن اجتياح تركيا للعراق «سيؤدي إلى تفكيك تركيا»، وذلك بعد ساعات على إرسال أنقرة دبابات إلى الحدود التركية - العراقية.
وقال تشاوش أوغلو: «إذا كنت بمثل هذه القوة، لماذا سلمت الموصل إلى منظمات إرهابية؟ إذا كنت قويًا، لماذا سمحت لحزب العمال الكردستاني باحتلال أرضك منذ سنوات؟!».
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول: «أنت لست قادرًا حتى على محاربة منظمة إرهابية، أنت ضعيف. وبعد ذلك تحاول لعب دور الأقوياء».
وتلقي الأزمة العراقية بظلالها على العلاقات بين تركيا والعراق، في ظل إصرار أنقرة على المشاركة والحشد لمعركة تحرير الموصل، في الوقت الذي تحشد إيران من جهتها، مستخدمة حشودًا من الميليشيات الشيعية وعلى رأسها «الحشد الشعبي» للمشاركة في المعركة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.