تغير موقف كلينتون حيال اتفاقية التبادل التجاري الحر يشكك في مصداقيتها

انتقدها أوباما عام 2008.. وأعادها ترامب إلى قلب النقاش الانتخابي

هيلاري كلينتون قبل إقلاعها من نيويورك أمس (رويترز)
هيلاري كلينتون قبل إقلاعها من نيويورك أمس (رويترز)
TT

تغير موقف كلينتون حيال اتفاقية التبادل التجاري الحر يشكك في مصداقيتها

هيلاري كلينتون قبل إقلاعها من نيويورك أمس (رويترز)
هيلاري كلينتون قبل إقلاعها من نيويورك أمس (رويترز)

يغذي تغيير المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون موقفها من التبادل التجاري الحر، شكوكا عميقة في مدى جديتها وهجمات شرسة من قبل خصمها الجمهوري دونالد ترامب.
وقبل أسبوع من الاقتراع، لم تنته المرشحة الديمقراطية بعد من توضيح موقفها بشأن دعمها السابق لاتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» التي تثير جدلا حادا، وستطرح مجددا في آخر مناظرة رئاسية اليوم.
فعندما كانت وزيرة للخارجية، أكّدت في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 أن هذه المعاهدة بين الولايات المتحدة ومنطقة آسيا المحيط الهادي من دون الصين، تشكل «نموذجا مميزا لتجارة تتسم بالحرية والشفافية والعدالة».
وبعد ثلاث سنوات، أنجز هذا الاتفاق الذي يهدف إلى إزالة الحواجز التجارية، لكنه يواجه اتهامات من المجتمع المدني والجناح اليساري للحزب الديمقراطي ودونالد ترامب. لذلك غيرت كلينتون موقفها تماما.
وكتبت في أكتوبر 2015 أنه «استنادا إلى ما أعرفه اليوم، لا يمكنني دعم هذا الاتفاق».
وأضافت المرشحة التي كانت تواجه خصمها بيرني ساندرز المعارض الشرس «للشراكة عبر المحيط الهادي» في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، أن «الخطر بات كبيرا جدا رغم جهودنا، لأن (هذه الاتفاقات) تؤدي إلى جلب الضرر أكثر من الفوائد للعائلات الأميركية الكادحة».
من جهة أخرى، كشفت رسائل إلكترونية خاصة، نشرها موقع «ويكيليكس»، أن فريق حملتها نفسه يدرك حجم هذا التغيير وصعوبة فرض قبوله. وكتب دان شويرين، أحد مستشاري كلينتون، «إنه فعلا توازن صعب لأننا لا نريد إثارة السخرية عبر معارضة شديدة جدا لاتفاق دافعت عنه في الماضي، أو الإفراط في التركيز على جوانبه السلبية بينما قرار (معارضته) ليس أكيدا». وتلقف فريق حملة ترامب الرسائل التي نشرها موقع ويكيليكس. وقال في بيان نشر الأحد: «نعرف الآن أن تحول موقف كلينتون بشأن (الشراكة عبر المحيط الهادي) خدعة سياسية وقحة تستخدمها أوقح سياسية في التاريخ الأميركي».
والمعسكر الجمهوري ليس الوحيد الذي شكك في جدية السيدة الأولى السابقة. ففي 2008 كان الشاب باراك أوباما ينافسها في الانتخابات الرئاسية وانتقد عدم ثبات موقفها من «اتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية» (نافتا) التي تضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ووقعها في 1994 الرئيس بيل كلينتون.
وقال أوباما «إنها قالت الكثير عن الاتفاقية، إلى أن بدأت تخوض المنافسة على الرئاسة». ووعد حينذاك بإعادة التفاوض حول هذه الاتفاقية، لكنه لم يفعل شيئا منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
في الواقع، وحتى إذا أنكرت ذلك، غيرت كلينتون موقفها من هذه الاتفاقية المتهمة أيضا بتسريع رحيل الصناعات ونقل الوظائف إلى الخارج. وبعدما رأت أن الاتفاقية تسمح «بحصد الثمار وليس بتحمل عبء العولمة»، غيرت المرشحة الديمقراطية رأيها. وقالت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 إن «نافتا كانت خطأ لأن النتائج لم تكن بمستوى التوقعات».
من جانبه، أكّد الخبير السياسي في معهد «بوركينغز اينستيتيوت» في واشنطن، جون هوداك، لوكالة الصحافة الفرنسية أن هذه التبدلات ليست بالضرورة ضعفا، أو دليلا على ازدواجية. وأضاف أن كلينتون «طورت بلا شك موقفها حول التجارة عبر التفكير بشكل أكبر في تأثيرها على الموظفين الأميركيين».
وتابع: «هناك بعض الحسابات بالتأكيد، لكن الاعتقاد بأن كل تبدل سيكون إشكاليا للسياسي خطأ». ويبقى السؤال مطروحا: ما هو موقفها الحقيقي من التبادل الحر؟
وعندما كانت تشغل مقعدا في مجلس الشيوخ عن نيويورك من 2001 إلى 2009 صوتت كلينتون لمصلحة كل الاتفاقات التجارية تقريبا، باستثناء الاتفاقية الموقعة مع خمس دول في أميركا الوسطى وجمهورية الدومينيكان (كافتا).
وتؤكد كلينتون اليوم علنا أنها تريد اتفاقا تجارية «مدروسة بشكل جيد وعادلة»، وإن بدت أقل تحفظا في خطب أخيرة خاصة، كشفها موقع ويكيليكس، وتقول فيها إنها «تحلم بسوق مشتركة في كل أميركا».
وأكدت في أحد هذه الخطب في 2013 أنه في السياسة «يجب أن يكون هناك موقف عام وخاص في وقت واحد».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».