لا يزال التفاؤل سيد الموقف في مقر إقامة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد النائب ميشال عون في منطقة الرابية شمال شرقي العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يُعَول على اقتراب موعد إعلان رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري تبني ترشيح عون رسميًا لرئاسة الجمهورية.
وهذا الجو المتفائل ينعكس على المظاهرة المرتقبة، اليوم الأحد، والتي يحشد لها «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) على طريق القصر الجمهوري في منطقة بعبدا، شرق العاصمة اللبنانية، منذ أسابيع، بحيث لن تتخذ المواقف التي ستُعلن خلالها منحى تصعيديًا، بل بالعكس، سيحاول عون أن يكون مهادنًا، وسيمد يده للجميع حتى لمعارضي انتخابه، وفق مصادر مقربة منه وصفت الاستعدادات بـ«الجيدة جدًّا» والحشود المرتقبة بـ«الكبيرة».
هذه المصادر «العونية» قالت لـ«الشرق الأوسط» في شرحها ما أعد له: «سنرفع في هذه المظاهرة شعارَي (يكون الميثاق أو لا يكون لبنان) و(بدأ العد العكسي)، في إشارة إلى اقتراب تطبيق الميثاق بشكل فعلي من خلال انتخاب ممثل الأكثرية المسيحية (والكلام للمصادر العونية) رئيسًا للبلاد ليعمل يدًا بيد مع ممثل الأكثرية السُّنية والشيعية على النهوض بلبنان بعد أكثر من سنتين ونصف من فراغ سُدة الرئاسة». هذا، وقبل الحراك الداخلي والخارجي الذي بدأه الحريري قبل نحو أسبوعين، كان العونيون يُعدون خطة للتصعيد في الشارع للتصدي لما يقولون إنه «ضرب للميثاقية من خلال عدم الأخذ برأي الكتل المسيحية الوازنة»، إلا أن ما أشاعه رئيس تيار «المستقبل» عن توجهه لتبني ترشيح عون للرئاسة جعل أوساط الرابية تعيد حساباتها، وتلتزم لغة الدبلوماسية في التعامل مع الملفات العالقة، وأبرزها ملفَّا الرئاسة والعمل الحكومي.
من ناحية أخرى، لا يوحي مسار الأمور بأن رئاسة عون للجمهورية ستكون محسومة، حتى في حال قرر الحريري تبني الترشيح، وذلك من منطلق أن قسمًا كبيرًا من حلفاء عون من قوى 8 آذار لا يؤيدون تبوأه سدة الرئاسة الأولى، وأبرز هؤلاء رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وفي هذا السياق، شدّد نائب رئيس تيار «المستقبل» أنطوان أندراوس لـ«الشرق الأوسط» على أن الحريري «قام بما كانوا يطالبونه به لجهة أنّه أعرب عن عدم ممانعته السير بعون رئيسًا، إلا أن المسألة تعقدت داخل فريق 8 آذار». وتابع أندراوس: «لا يستطيع حزب الله أو سواه الاستمرار برمي الطابة (الكرة) في ملعب تيار المستقبل؛ لأنها حاليًا في ملعبه وملعب حلفائه». ثم تساءل: «هل نحن من اشترطنا الاتفاق على سلة لانتخاب رئيس؟ وهل نحن من طالبنا بتفاهمات مسبقة مع بري وفرنجية للسير بعون؟».
بالمقابل، يرفض العونيون - على الأقل حاليًا - تحميل المسؤولية لحلفائهم ويصرون على أن الكرة لا تزال في ملعب الحريري. وهو ما عبَّر عنه القيادي في «التيار الوطني الحر» الوزير السابق الدكتور ماريو عون، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم لا يزالون ينتظرون إعلان الحريري رسميًا لتبني ترشيح العماد عون ليُبنى على الشيء مقتضاه. وإذ أكد ماريو عون أن الأجواء لا تزال إيجابية بانتخاب زعيم تياره رئيسًا نهاية الشهر الحالي، قال: «الرئيس الحريري طلب مهلة لإجراء الاتصالات اللازمة داخليًا وخارجيًا، ونحن نتوقع أن يتم اتخاذ قرار لجهة إعلان الترشيح أو عدمه خلال أسبوع أو بحد أقصى أسبوعين، أي قبل موعد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي». واعتبر الوزير السابق أنه «متى اتخذ الحريري قراره فإن حل باقي الأمور العالقة ليس صعبًا، وبخاصة أن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل قد بدأ اتصالات وجولات سياسية ستتوسع لا شك بعد إعلان تيار المستقبل تبني الترشيح».
في هذه الأثناء، بينما يشكك قسم كبير من قوى 14 آذار بنية ما يسمى «حزب الله» تجاه انتخاب رئيس للبلاد، وترجح أنه يفضل الفراغ القائم، رغم تأكيد أمينه العام حسن نصر الله في إطلالاته الأخيرة في عاشوراء تمسكهم بترشيح عون قائلاً: «عند الامتحان يكرم المرء أو يُهان»، تتردد معلومات عن وجود قلة حماسة خارجية سواء في سوريا أو لدى بعض المرجعيات الإيرانية لخيار انتخاب عون رئيسًا للجمهورية وسعد الحريري رئيسًا للحكومة.
وتجدر الإشارة إلى أن أوساطًا متابعة للمناخ السياسي في طهران، وترصد اختلاف الأولويات بين الحرس الثوري من جهة والمؤسسة المدنية للحكومة بما فيها وزارة الخارجية من جهة ثانية، تجزم بأن الالتباس في موضوع انتخاب رئيس للبنان يعود إلى ميل الحرس الثوري لعون، وتحفُّظ الطرف الآخر عنه. وترى هذه الأوساط، أن غموض مواقف طهران على هذا الصعيد، ثم إرسال ما يسمى «حزب الله» رسائل متناقضة حتى لحلفائه المحليين، شجع أوساط لبنانية مناوئة له على القول إنه لا يريد رئيسًا، بل يفضل الفراغ في سدة الرئاسة.
كذلك يبقى موقف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، غير محسوم حتى الساعة. وللعلم، كان مناصرو عون قد قرأوا في التغريدات التي أطلقها أخيرًا على صفحته على موقع «تويتر» انحيازًا لرئاسة عون وابتعادا عن برّي، وبالتحديد حين قال: «كفانا جدلاً بيزنطيًا من هنا وهناك حول كيفية انتخاب الرئيس، وكفانا سلال فارغة وأوهام بأن لبنان في جدول أولويات الدول.. آن الأوان للخروج من هذا الجدال وانتخاب أي يكن دون قيد أو شرط». غير أن جنبلاط عاد يوم أمس ليوضح ما قصده، معتبرًا أنه «قد يكون جرى سوء فهم حول قضية السلة، لكنها نوقشت مرارًا وتكرارًا، وهي متكاملة كما وضع أسسها الرئيس بري في الحوار»، مشيرًا إلى أنها أساس الانطلاق ولا تستكمل إلا بانتخاب رئيس.
لبنان: العونيون يتوقعون حسم الحريري موقفه من ترشيح عون خلال أيام
«التيار الوطني الحر» يحشد لمظاهرة اليوم على طريق قصر بعبدا
لبنان: العونيون يتوقعون حسم الحريري موقفه من ترشيح عون خلال أيام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة