بعد ثلاثة أسابيع من الخلاف، تستأنف الولايات المتحدة وروسيا اليوم (السبت)، في مدينة لوزان السويسرية لقاءاتهما بشأن سوريا من دون آمال كبيرة في تحقيق اختراق، بينما يتواصل قصف الطائرات الروسية والسورية على الأحياء الشرقية لمدينة حلب.
ويعقد هذا الاجتماع الذي تحضره أيضًا دول المنطقة المتورطة عسكريًا في النزاع السوري، في أجواء من التوتر الكبير بين روسيا والغربيين، الذين يتهمون موسكو «بجرائم حرب» في الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في مدينة حلب. وتواصل الطائرات الروسية والسورية قصف هذه الأحياء منذ 22 سبتمبر (أيلول).
ولم تدع الدول الغربية ولا سيما فرنسا وبريطانيا اللتين تبنتا أخيرًا موقفًا متشددًا حيال موسكو، محملين إياها مسؤولية «جرائم حرب» في الأحياء الشرقية في حلب، للمشاركة في الاجتماع.
وانتقدت المعارضة السورية اليوم، عدم دعوتها إلى محادثات لوزان، محملة الروس والأميركيين مسؤولية تدهور الوضع في سوريا.
وقال نائب رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» أبرز ممثلي المعارضة السياسية، عبد الأحد اسطيفو لوكالة الصحافة الفرنسية، عبر الهاتف، إنّ «تغييب السوريين عن الاجتماعات التحضيرية هو إحدى الإشكاليات التي تتسبب بزيادة التعقيد وخلط الأوراق». واعتبر أنّ «القاسم المشترك بين كل الاجتماعات التي عقدت منذ بيان جنيف 2012 حتى اليوم، هو تغييب السوريين والاحتكار الأميركي الروسي». وأضاف: «هذه المحادثات لن تؤدي سوى إلى تضييع الوقت والمماطلة وسفك مزيد من الدم السوري».
وتابع اسطيفو أنه «منذ فبراير (شباط)، نتحدث عن هدنة سيتم على أساسها وقف الأعمال العدائية، لكن ما يحصل على الأرض هو العكس تمامًا. فالمناطق المحاصرة تزداد عددًا وتجويعًا، وبتنا نعاني حاليًا من التهجير القسري»، مشددًا على أنّ «المسؤولية بشكل أساسي يتحملها الأميركيون والروس».
ويأتي هذا الاجتماع بينما يتحدث عدد من الدبلوماسيين والخبراء عن احتمال استعادة نظام الرئيس بشار الأسد ثاني مدن سوريا، مما سيشكل انتصارًا رمزيًا واستراتيجيًا حاسمًا له منذ بدء النزاع في 2011.
وصرح مسؤول أميركي يرافق وزير الخارجية جون كيري إلى لوزان ليل الجمعة/ السبت، بأنّ اللقاء لا يهدف إلى تحقيق نتيجة فورية، بل إلى دراسة أفكار للتوصل إلى وقف الأعمال القتالية.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، أنّ الولايات المتحدة التي لم تعد تريد بحث القضية السورية في لقاءات على انفراد مع موسكو، ترغب في حضور دول المنطقة «الأكثر تأثيرًا على الوقائع على الأرض» إلى طاولة المفاوضات. وتابع: «لا أتوقع إعلانًا مهمًا في ختام هذا اللقاء، وستكون العملية بالغة الصعوبة».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «لا أتوقع شيئًا محددًا من هذا الاجتماع». أمّا مكتب نظيره الأميركي جون كيري، فقد أعلن أنّ «الموضوع الرئيسي للاجتماع سيكون الوحشية المتواصلة في حصار حلب».
ولم تتوقف الاتصالات الهاتفية بين كيري ولافروف، لكنها المرة الأولى منذ نهاية سبتمبر التي يجتمعان فيها للتفاوض بحضور تركيا والسعودية وقطر. كما أعلنت إيران التي تشارك عسكريًا إلى جانب قوات النظام السورية، مساء الجمعة مشاركتها في الاجتماع.
وسيشارك المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في اللقاء، وكذلك ممثلون عن مصر والعراق والأردن.
من جانبه، قال كريم بيطار من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية: «يمكننا أن نتصور أنّ القوتين العظميين ستمارسان ضغوطًا على حلفائهما لمحاولة انتزاع اتفاق لوقف إطلاق النار».
لكنه رأى أيضًا أنّ «الروس يحاولون تعزيز تقدمهم إلى أقصى حد قبل أن يصل إلى السلطة خليفة باراك أوباما، وعلى الأرجح هيلاري كلينتون التي ستكون أكثر حزمًا بشأن سوريا من الرئيس الحالي».
من جهته، رأى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أنّ «عنف الغارات يدل على أنّ هناك قرارًا روسيًا بالسيطرة على شرق حلب بأي ثمن».
ومنذ بداية الهجوم على الأحياء الشرقية من حلب حيث يعيش 250 ألف شخص، قتل أكثر من 370 شخصًا، معظمهم من المدنيين حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبين الضحايا أكثر من 130 طفلاً كما تقول منظمة «سيف ذي تشيلدرن» غير الحكومية.
وذكرت مصادر عديدة أنّ اجتماع لوزان سيدرس خطة اقترحها أخيرًا دي ميستورا، تهدف إلى تأمين خروج آمن لمقاتلي تنظيم فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا الفرع السوري لتنظيم القاعدة).
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنّ «الشيطان يكمن في تفاصيل هذه الخطة». وأضاف: «سيتم إجلاء من؟ هل هم مقاتلو النصرة فقط أم سيكون الأمر نوعًا من الإجلاء القسري لكل سكان شرق حلب؟». وتابع: «حسب التقديرات التي أقرّ بها الروس، لا يتجاوز عدد مقاتلي النصرة ألف شخص. الروس يعترفون بذلك بأنّهم يقصفون سكانًا مدنيين عددهم 260 ألف نسمة من أجل 900 شخص».
من جهة أخرى، وفي بيان مشترك، دعت 4 منظمات غير حكومية دولية بينها «سيف ذي تشيلدرن» المفاوضين في لوزان، إلى إعلان وقف لإطلاق النار «لمدة 72 ساعة على الأقل» في حلب، لإتاحة إجلاء الجرحى وإيصال مساعدات إنسانية.
ومنذ مارس (آذار) الماضي، أسفر النزاع في سوريا الذي ازداد تعقيدًا وتدويلاً، عن سقوط أكثر من 300 ألف قتيل وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية. وتقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من 13.5 مليون سوري بينهم 6 ملايين طفل يحتاجون إلى مساعدة إنسانية.
اجتماع في لوزان بشأن سوريا.. والقصف يستمر على حلب
غياب فرنسا وبريطانيا والمعارضة السورية
اجتماع في لوزان بشأن سوريا.. والقصف يستمر على حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة