هجوم مضاد لـ«داعش» على بلدات سورية قرب الحدود التركية

معركة «دابق» المنتظرة ترسم مصير التنظيم المتشدد في شمال حلب

هجوم مضاد لـ«داعش» على بلدات سورية قرب الحدود التركية
TT

هجوم مضاد لـ«داعش» على بلدات سورية قرب الحدود التركية

هجوم مضاد لـ«داعش» على بلدات سورية قرب الحدود التركية

تضاربت المعلومات المتعلّقة باستعادة تنظيم داعش لقرى وبلدات سورية قريبة من الحدود التركية، كانت فصائل المعارضة السورية المنضوية ضمن قوات «درع الفرات» المدعومة من أنقرة، قد سيطرت عليها في الأسابيع الأخيرة، إذ وصفت مصادر المعارضة هذه المعلومات بـ«المضخّمة»، وأوضحت أن التنظيم المتطرف «تقدم فقط في بلدة أخترين وقرية تركمان بارح المجاورة، حيث احتدمت المعارك بينه وبين الفصائل المعارضة، باعتبار أن خسارة (داعش) بلدة أخترين تعني سهولة وصول المعارضة إلى منطقة دابق، التي تمثل له رمزية تاريخية ودينية»، لكن سرعان ما أعلن أحد المواقع الإخبارية المعارضة، أن الثوار انتزعوا السيطرة مجددًا على البلدة والقرية المذكورتين وطردوا مقاتلي «داعش» منهما.
هذا، وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد أفاد بأن مقاتلي التنظيم المتطرف «سيطروا على عدة قرى كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، في هجوم مضاد قرب الحدود التركية، ما أرغم مقاتلي المعارضة الذين يحصلون على دعم أجنبي على التراجع». وذكر أن «الهجوم بدأ مساء الجمعة، وتمكّن التنظيم خلاله، من استعادة بلدات وقرى بينها أخترين، قبل أن يتقدّم صوب قرية تركمان بارح الواقعة على بعد نحو 3 كيلومترات شرق دابق».
غير أن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أعلن لاحقًا أن فصائل المعارضة بمساندة الجيش التركي «استعادت السيطرة على تركمان بارح وأخترين بريف حلب الشمالي، بعد ساعات من تمكن تنظيم داعش من انتزاعهما صباحًا».
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ أعلنت تركيا عن تشكيل قوات «درع الفرات» المؤلف من آلاف المقاتلين من «الجيش الحر» والفصائل المعتدلة، بدأ مقاتلو المعارضة بمؤازرة الدبابات والطائرات التركية بالتقدم في شمال سوريا، بدءًا من مدينة جرابلس التي تم تحريرها من تنظيم «داعش» خلال ساعات، ومنها إلى بلدة الراعي، على أن تكون الوجهة المقبلة منطقة دابق، معقل تنظيم داعش التي لها أهمية رمزية بالنسبة له.
وأمام تعدد الروايات عن خسارة المعارضة بلدات تعد استراتيجية، أوضح رئيس المكتب السياسي في تجمّع «فاستقم كما أمرت» زكريا ملاحفجي، أن «بلدة أخترين التي تدور فيها المعارك لم تتحرر بالأصل بكاملها من هيمنة (داعش)».
وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على مدى ثلاثة أو أربعة أيام ينسحب التنظيم من أجزاء في البلدة نهارًا، لكن سرعان ما يعود ليلاً بالمفخخات ويسترد ما خسره فيها»، مؤكدًا أن المعارك «مستمرة ويحاول التنظيم السيطرة عليها بالنظر لأهميتها». وكانت الاشتباكات بدأت على أطراف أخترين - الواقعة في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي - وامتدت إلى قرى قريبة منها، بين فصائل المعارضة المدعومة بالدبابات والطائرات التركية من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، إثر هجوم مضاد وعنيف نفذه التنظيم على البلدة وقرى أخرى، منها تركمان بارح، تمكن خلاله من التقدم إلى هاتين البلدتين المذكورتين وقرى قريبة منهما.
وفي الأبعاد العسكرية لاستماتة «داعش» من أجل إحكام سيطرته على أخترين، لفت ملاحفجي إلى أن هذه البلدة «هي إحدى النواحي المهمة في منطقة ريف حلب الشمالي الكبيرة والواسعة»، معتبرًا أن «سقوط أخترين بكاملها بيد الثوار يعني أن القرى الصغيرة المحيطة فيها ستسقط تلقائيًا».
وقال: «إذا تحررت أخترين بالكامل فسيصبح الوصول إلى دابق وباقي القرى والبلدات التركمانية سهلاً جدًا، والكل يعرف أن (داعش) يعدّ لـ(ملحمة دابق الكبرى)، باعتبارها منطقة تاريخية ولها رمزيتها بالنسبة إليه»، مشددًا على أن التنظيم المتشدد «يعرف أن سقوط دابق بيد الثوار سيجعلهم يتلاشون وينتهون في كل الشمال السوري».
وما يستحق الإشارة هو أن أخترين تبعد نحو 12 كيلومترا شمال شرقي مدينة مارع، التي تسيطر عليها الفصائل، ونحو 3 كيلومترات عن بلدة دابق ذات الرمزية الدينية.
أما أهميتها الاستراتيجية فهي أنها تساعد الفصائل في الالتفاف على دابق من ريف بلدة الراعي الجنوبي الغربي والتقدم نحو مارع، الأمر الذي سيحاصر عناصر التنظيم المتواجدين في دابق ونحو 20 قرية قريبة منها، ومن ثم يضع التنظيم أمام احتمالين، إما الانسحاب قبل تضييق الخناق عليه، أو تنفيذ هجمات معاكسة لاسترداد مناطق خسرها في الأيام الماضية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.