أكثر ما طبع أسبوع باريس لربيع وصيف 2017 هو العودة إلى الرومانسية والبوب آرت وحقبة الثمانينات. أنطوني فاكاريللي، مثلا، عانق هذه الحقبة في أول تشكيلة قدمها لـ«سان لوران». المشكلة فيها أنها كانت بترجمة شبه حرفية، لم يأخذ فيها عناء التأويل والتغيير، إلى حد تشعر فيه أي امرأة شابة أنها يمكن أن تعود إلى خزانة والدتها أو جدتها القديمة لتأخذ منها ما أرادت من دون خوف من أن تُنعت بأنها تعيش في الماضي.
أنطوني فاكاريللي على ما يبدو تعمد أن يتجرد من أسلوبه الأنثوي المعروف، ويقدم تحية لمؤسس الدار إيف سان لوران، احتماء به من أي جدل قد تثيره تشكيلته الأولى. ومع ذلك لم يسلم من الانتقادات، حيث خلفت آراء متباينة، بين معجب ومشكك. هذا التباين في الآراء لم يكن مطروحا بعد عرض إيلي صعب. هو الآخر عاد بنا إلى السبعينات وعصر الديسكو والبريق والأضواء. لكن لا شيء حرفيا كان فيها، فقد اكتفى بخلق نوع من الحنين والنوستالجيا، حتى في نفوس فتيات صغيرات لم يعشن هذه الحقبة لأنهن كن إما طفلات أو لم يولدن بعد. بألوانها ونقشاتها وشراشيبها التي ترقص على نغمات الديسكو، كانت موجهة أولا وأخيرا إلى الشابات وليس أمهاتهن. كما كانت درسا مفيدا لكل المتسابقين في برنامج «بروجيكت رانواي» الذي يقدمه المصمم على قناة «إم بي سي»، والذين احتلوا المقاعد الأمامية.
إيلي صعب لم يدع يوما أنه ثوري يريد خض التابوهات وإحداث الصدمة ليلفت الانتباه، بل العكس تماما، امرأته دائما كانت أميرة رومانسية، تتوخى الأناقة في أعراسها وحفلاتها كما في سهراتها، مهما اختلفت التوجهات والمواسم، وهذا ما ظهر في فساتين طويلة تنسدل على الجسم وتكشف بعض جوانبه من خلال فتحات عالية أو ياقات صدر مفتوحة وأقمشة خفيفة مثل التول والحرير الشيفون والدانتيل واللوريكس والجلد المشغول. الألوان أيضا تنوعت ما بين الأسود والفيروزي والوردي، مع بعض التطريزات التي جسدت أحيانا أشكال نجوم، فضلا عن تفاصيل أخرى لم تتوقف عن تذكيرنا بالسبعينات. وكالعادة، في حال لم تجد الفساتين الطويلة هوى في النفس أو مناسبة تدخلها، وهو ما يصعب تخيله، فهناك دائما كم لا يستهان به من فساتين الكوكتيل والقصيرة التي تصرخ بالشبابية وتتراقص مع كل خطوة بفضل شراشيبها. ما يُحسب لإيلي صعب أنه لا يتوقف عن تطوير نفسه وأسلوبه، رغم أنه لا يُغير وصفته الأساسية، التي تتمثل في أنوثة تروق للأنثى قبل الرجل. وهذا بحد ذاته مع يمنحها الرقي ويضفي عليها هالة من الفخامة.
* نينا ريتشي.. صفحة جديدة بالألوان
قدم المصمم غيوم هنري مصمم دار «نينا ريتشي» تشكيلة تضج بالمرح والأنوثة في الوقت ذاته. فبعد سنوات من الدانتيل واللونين الأبيض والأسود، والفساتين المستوحاة من ملابس النوم، والتي تعبق بالأنوثة والإثارة، أدخل المصمم الجديد ألوانا جديدة مثل البنفسجي، الأزرق، الأحمر والوردي، إضافة إلى تقليمات وورود طبعت تصاميم استوحى خطوطها من الأربعينات.
* بالنسياجا.. دمج الراقي بالشعبي
في عام 1958 طور كريستوبال بالنسياجا ما يُعرف بحرير الأورغنزا، وجعله قماشه المفضل، لأنه كان ينحت الفساتين ويتفنن في الـ«هوت كوتير». في نفس العام تم اكتشاف مادة الـ«سبانديكس» التي استعملت في كورسيهات تعانق خصر المرأة كما عانقته هذه الأخيرة بحب ولا تزال إلى اليوم، رغم أنه اصطناعي ورخيص. مصمم بالنسياجا الحالي، ديمنا فازاليا، زاوج بين الاثنين ليخلق صورة غريبة ومثيرة في الوقت ذاته. صورة تجمع الأنوثة والقوة بتنسيقه فساتين منسابة بأحزمة عريضة، والقوة بالإثارة من خلال بنطلونات ضيقة للغاية وأحذية عالية تغطي الركبة. المصمم تمادى في التعبير عن تبجيله للمؤسس كريستوبال بالنسياجا باستعارته مجموعة من الإكسسوارات القديمة أخرجها من الأرشيف واستعملها في العرض مثل القلادات وغيرها، شارحا: «كنت أريده أن يكون حاضرا في هذه التشكيلة»، لكنه لم ينس أن أسلوبه الخاص هو الذي جعل الدار تستعين به لكي يحملها إلى المستقبل ويعيد لها أمجاد الماضي، وهو ما قام به بخطى واثقة وأكتاف عالية ودمجه الأحجام الهندسية والتصاميم الراقية بقماش شعبي ورخيص.
* كوم دي غارسون.. تحول الأحزان إلى أحلام
قدمت الدار تشكيلة على نغمات سيمفونية لهنري غوريتشي بعنوان سيمفونية الأغاني الحزينة، انعكس حزنها على التصاميم ذات الألوان الداكنة وتصاميمها المستلهم بعضها من العصور الوسطى. لكن لحسن الحظ أن راي كواكوبو تنجح دائما في خلق حوار فكري، فلسفي أحيانا يروق للعين رغم أنه لا يدعو بالضرورة للتفاؤل. فمكمن قوتها أنها لا تتبع التيار السائد بقدر ما تتبع قانونها الخاص، ومع ذلك لا يمكننا القول إنها لا تعرف كيف تستفيد من الماضي أو كيف تؤول الحالات النفسية لتبدعها في قطع تبيع لشريحة من المعجبين قد يكون عددهم محدودا لكنهم مهمون. الطريف أن العنوان العريض للتشكيلة هو «أزياء لا تُرى» فإن أحجامها الضخمة وانتفاخاتها تُؤكد العكس. والأهم من هذا تقول بأن الموضة قد تبدأ من فكرة سريالية ثم تتحول إلى إبداع ملموس بقليل من الخيال.
* رولان موريه
المصمم الذي بنى اسمه على فستان «كالاغسي» منذ نحو عشر سنوات، وتألقت ميلاني ترامب في فستان أسود من تصميمه، قدم تشكيلة هندسية وأنثوية في الوقت ذاته. هندسية بتفصيلها الذي يتبع تضاريس الجسم أحيانا في جاكيتات مفصلة وأنثوية بأكتافها العارية وأكمامها التي تتدلى لتغطي جزءا قليلا من الذراع. الملاحظ أن موريه ورغم أنه لم يحقق خبطة مثل تلك التي حققها مع فستان «غالاكسي»، فإنه يحقق نجاحا تجاريا كبيرا، ولا يزال يتمتع بإقبال من قبل هوليوود وسيدات المجتمع اللواتي يثقن به وبقدرته أن يمنحهن الرشاقة أيا كان التصميم.
إيلي صعب يرقص على نغمات الديسكو
تشكيلة تحن للسبعينات بديناميكية تخاطب الشابات
إيلي صعب يرقص على نغمات الديسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة