«نوبل» توجه أنظارها إلى سلام كولومبيا

«إرهابيو» الأمس حمائم الغد.. بعد استفتاء اليوم

«نوبل» توجه أنظارها إلى سلام كولومبيا
TT

«نوبل» توجه أنظارها إلى سلام كولومبيا

«نوبل» توجه أنظارها إلى سلام كولومبيا

قبل أيام أغدق رؤساء العالم على الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس أحلى العبارات خلال حفل تأبينه، «كرجل عاش ومات من أجل السلام». بيريس، الذي بنى ترسانة إسرائيل النووية وشجع الاستيطان اليهودي ووصف سابقًا بالإرهابي، تقاسم مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي وصف هو الآخر بـ«الإرهابي الأول»، جائزة نوبل للسلام بعد المصادقة على اتفاق أوسلو في البيت الأبيض.
وهذه الأيام يتردد على ألسنة السياسيين بأن اتفاق السلام في كولومبيا، الذي أنهى حربًا مستمرة منذ نصف قرن قتل فيها نحو ربع مليون شخص، وفقد 45 ألف شخص، وهجر 6.9 مليون، وينتظر الموافقة عليه في استفتاء اليوم، قد يرشح لجائزة نوبل للسلام الأسبوع المقبل.
وقد يتشارك في الجائزة الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس وزعيم المتمردين الماركسيين رودريغو لوندنو، الذي، يزاح اسمه قريبًا من قائمة الإرهاب الدولي في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
وقال اسلي سفين المؤرخ المتخصص في شؤون جائزة نوبل لوكالة «رويترز»: «الاتفاق.. وأحد من أوضح المرشحين لجائزة السلام الذين رأيتهم على الإطلاق».
يصوت اليوم الأحد الكولومبيون على استفتاء الموافقة بـ«نعم» أو الرفض «لا» على اتفاق السلام التاريخي الذي وقعته إدارة الرئيس سانتوس مع المتمردين بقيادة حركة فارك اليسارية الثورية. وتشير استطلاعات الرأي الأولية إلى تقدم جناح «نعم» بنسبة تتعدى الستين في المائة، بينما توقعت استطلاعات الرأي أن يحصل جناح الرافضين على نحو ثلاثين في المائة من إجمالي الأصوات. ومن المتوقع أن يذهب للتصويت نحو عشرة ملايين ناخب من مجموع أكثر من أربعين مليون للتصويت على هذا الاستفتاء الذي يعقد الأحد الموافق للثاني من أكتوبر (تشرين الأول).
بات انتهاء نزاع استمر أكثر من نصف قرن بين الحكومة الكولومبية ومتمردي «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك)، مرتبطا بأمر واحد فقط، هو نجاح الاستفتاء الذي سيجري بشأنه.
فبعد محادثات استمرّت أكثر من 4 أعوام في هافانا، وقع الطرفان رسميًا، اتفاق السلام، الذي سيعرض ليصوت عليه الكولومبيون اليوم (الأحد).
وهذه الحرب الداخلية هي الأقدم في أميركا اللاتينية، وقد شاركت فيها على مر العقود حركات تمرد يسارية متطرفة، وقوات شبه عسكرية يمينية متطرفة، والجيش، وأسفرت حسب الأرقام الرسمية عن سقوط نحو 260 ألف قتيل.
وينظم اتفاق السلام أسلحة نحو 7 آلاف مقاتل من المتمردين، ويسعى لتحويل الحركة إلى حزب سياسي، وهي إجراءات لن تبدأ إلا إذا أكد الكولومبيون تأييدهم للنص في الاستفتاء. ويتألف الاتفاق الذي وقع برعاية كوبا والنرويج، البلدين الضامنين له، وبمباركة فنزويلا وتشيلي، وبدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والبابا فرنسيس، من 6 فصول. وقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ في أغسطس (آب) الماضي، ويعد أول وقف لإطلاق النار من الجانبين ونهائيا.
وكانت استقبلت مدينة كرطاغنة الكولومبية الساحلية، التي تشتهر بأسوارها العالية وقلعتها التي بناها الإسبان منذ 400 عام، نحو 2500 ضيف منذ أسبوع، منهم 15 رئيس دولة من أميركا اللاتينية، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. لحضور توقيع اتفاقية السلام التاريخية بين الحكومة والجيش الثوري الكولومبي، الذي يعتبر أقدم جماعات حرب العصابات في الجانب الغربي من العالم، بعد صراع دام 52 عامًا. وخلال الحدث الذي بكى فيه الرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، وقدم رئيس جماعة «الجيش الثوري الكولومبي» رودريغو لوندنو، الملقب بتيمشنكو، اعتذاره إلى عائلات الضحايا وإلى بلاده عما تسببوا فيه من ألم. كانت تلك هي بداية إحلال السلام في البلاد.
من جانبه، رحب الرئيس الكولومبي بأعضاء «الجيش الثوري»، وذلك في إطار أن يبدأ الطرفان في الأيام المقبلة عملية التحول إلى السياسة، وتسليم أسلحتهم إلى بعثة الأمم المتحدة. وقال الرئيس الكولومبي إن ما وقع كان بيانا من الشعب الكولومبي إلى العالم ليقولوا فيه إن الحرب قد أنهكتنا، وأننا لن نقبل العنف وسيلة للدفاع عن أفكارنا. ومن هنا نقولها عالية وصراحة «لا حرب بعد اليوم».
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقال إن «الكولومبيين ودعوا عقودا من النار المشتعلة، وهم الآن يرسلون ضوءا من الأمل ليضيئوا الطريق أمام الجميع». واختتم كي مون قائلا بالإسبانية: «فيفا لا باز»، وتعني يعيش السلام.
وكدلالة رمزية على أن الحرب مع «الجيش الثوري الكولومبي» قد انتهت، وقع الرئيس الكولومبي سانتوس وقائد «الجيش الثوري» اتفاق السلام باستخدام قلم مصنوع من رصاصة فارغة.
ويأتي هذا الاتفاق لينهي فصلا أليما من تاريخ كولومبيا عانت فيه من حرب العصابات التي أطلقت على نفسها «الجيش الثوري» الذي تكون عام 1964 في المناطق الريفية من البلاد. فمنذ حقبة الثمانينات من القرن الماضي، أبرم جميع رؤساء كولومبيا السابقين محادثات سلام مع تلك الجماعات بهدف وضع نهاية للصراع الطويل. بدأت المفاوضات الحالية عام 2012 واستمرت أربع سنوات في العاصمة الكوبية هافانا.
وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط»، قال فاينس فيساس، خبير النزاعات الدولية والعميد السابق لكلية السلام بجامعة برشلونة، إن الاتفاقية التي وقعت في كرطاغنة قدمت للعالم دروسا مهمة. وتابع فيساس، إنه «من المهم جدا دراسة الاتفاقية لتعريف بنودها وخطة عملها. فيجب أن تكون البنود مرنة وقابلة للتطبيق، ومن الممكن أن تتصف بالابتكار بمعنى أنه ليس من الضروري أن تتبع نهج دول أخرى. علينا أن ننهي المواجهات من خلال الحوار ومشاركة الجميع».
أضاف فيساس في شرحه لأهمية اتفاق السلام أن «هذا يعني أنه من الممكن وضع حد للنزاع المسلح من خلال المفاوضات إذا وضعت في اعتبارك الصالح العام للشعب. فسينهى ذلك معاناة كبيرة، وسيساعد على التصدي للتحديات الضخمة التي لا تزال تواجهها الدولة. وبناء عليه، يجب تكريس الموارد البشرية والاقتصادية للبلاد لهذا الغرض».
ونسب الخبراء نجاح محادثات السلام لعدد من العوامل، منها الإرادة السياسية لجميع الأطراف، ودعم الجيش والشرطة في ضوء الدور المهم الذي لعباه خلال المفاوضات، والاتفاق على تعويض عائلات الضحايا، على أن يقدم المجتمع الدولي دعما قويا لهذا الغرض، وهو ما عكسه الوجود الكبير للوفود التي ضمت زعماء العالم.
كذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه في ضوء توقيع اتفاق السلام، فسيستبعد الاتحاد اسم «الجيش الثوري الكولومبي» من قائمة المنظمات الإرهابية التي وضع اسمه فيها منذ 2002، وهو الإجراء نفسه الذي تفكر فيه الولايات المتحدة.
على الجانب الآخر من هذا المشهد، يعمل معسكر الرئيس الأسبق البارو أوريبي وخلفه عدد من العسكريين على رفض اتفاق السلام والدفع بالتصويت إلى رفضه غدا، إلا أن استطلاعات الرأي والتوجه العام في البلاد يدفع ناحية تمرير الاتفاق. وبتوقيع الاتفاق سيكون الشعب الكولومبي قد طوى صفحة أليمة من تاريخه، وبات بمقدور الشعب أن يبدأ صفحة جديدة من التصالح.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.