طالبت عائلة صحافي جزائري سجين السلطات بالتحقيق في أسباب إصابته بضربة قوية على رأسه، أدت إلى نقله إلى المستشفى في 20 أغسطس (آب) الماضي، وهو حاليا في غرفة الإنعاش في غيبوبة تامة. وأدان القضاء الصحافي بعامين سجنا نافذا، بسبب «إهانة رئيس الجمهورية».
وقال عبد القادر، شقيق الصحافي محمد تامالت، لـ«الشرق الأوسط»، إن إدارة السجون التي تتبع وزارة العدل «ترفض الترخيص لي بزيارة شقيقي في مستشفى باب الوادي (وسط العاصمة)، وهذا منذ ثلاثة أسابيع». وأوضح أن السبب في اعتقاده «خوف الإدارة العقابية من أن تنكشف الحقيقة، وهي أنهم ضربوه في السجن بعنف وعلى رأسه ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة». مشيرا إلى أنه لاحظ غرزا على رأس محمد، في أول مرة زاره بالمستشفى وكانت آخرة مرة.
ونقل عبد القادر عن طبيب بقسم العناية المركزة بالمستشفى، أن محمد يعاني من آثار إضراب عن الطعام بدأه بعد اعتقاله في 27 يونيو (حزيران) الماضي، غير أن عائلة الصحافي غير مقتنعة بتفسير الطبيب، وإن كان شقيقه متأكدا أنه تأثر جسديا فعلا من الإضراب عن الطعام، «ولكن ليس إلى درجة أن يدخل الإنعاش وأن تستمر غيبوبته لأسابيع». وبدا عبد القادر متأكدا أن المستشفى وإدارة السجون «يخفيان عنا الحقيقة». وحمّل السلطات مسؤولية أي مكروه يقع للصحافي، المعروف في الوسط الإعلامي المحلي بحدة كتاباته ومواقفه تجاه السلطات، وحتى تجاه قطاع من الإعلاميين كان يأخذ عليهم «تبعيتهم للرئيس بوتفليقة».
وأدانت محكمة الجنح بالعاصمة محمد تامالت بالسجن لمدة عامين وبغرامة قيمتها ألفا دولار، بناء على تهمتين وجهتهما له النيابة، هما «إهانة هيئة نظامية» و«الإساءة لرئيس الجمهورية بعبارات تتضمن الإهانة والقذف». وتم تأكيد الحكم بمحكمة الاستئناف.
واحتج الصحافي محمد تامالت على الحكم، وقال لهيئة المحكمة إن القصيدة الشعرية التي نشرها في صفحته بـ«فيسبوك»، التي أدين بسببها: «تتضمن هجاء ضد الرئيس، والهجاء فن وليس سبا وشتما». أما القاضية التي نطقت بالحكم، فقد عابت عليه «التجريح» بحق رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء عبد المالك سلال، وعدة وزراء وقادة بالمؤسسة العسكرية، وذلك بشبكة التواصل الاجتماعي، وفي الصحيفة الإلكترونية التي يشرف عليها ويكتب بها من لندن حيث يقيم منذ سنوات. وقد طالت انتقاداته أبناء هؤلاء المسؤولين أيضا. وتم اعتقال محمد عندما كان قرب بيته العائلي بالضاحية الجنوبية للعاصمة.
واشتكى تامالت أثناء محاكمته في الاستئناف، من تعرضه للضرب على أيدي حراس بسجن القليعة (35 كلم غرب العاصمة). ولم يأخذ القاضي كلامه على محمل الجد، ولكنه قال إنه سيعاقب من اعتدى عليه إن ثبت ذلك.
وقال دفاع المتهم في مرافعته، إن النيابة حققت مع تامالت بتهمتين تتناولهما مادتان في قانون العقوبات، وكلتاهما تتضمنان غرامة مالية وليس السجن. وأعلن المحامون عن إيداع طعن في الحكم بالسجن، ومن المنتظر أن يرفع الملف إلى الدرجة الثانية من التقاضي.
ولاحظ أحد محامي الصحافي أن الجهة التي اعتقلت الصحافي وأخضعته للتحقيق، لم يعد لها وجود قانوني وهي «دائرة الاستعلام والأمن» (المخابرات العسكرية) التي تم حلها العام الماضي، وعزل مديرها الجنرال محمد مدين، واستبدلت بثلاث مديريات أمنية ملحقة برئاسة الجمهورية وعين على رأسها الجنرال عثمان طرطاق، مسؤول قسم محاربة «الجوسسة» سابقا.
وذكر تامالت قبل مغادرته قاعة جلسة المحاكمة أنه سيواصل إضرابه عن الطعام الذي بدأه منذ يوم اعتقاله. يشار إلى أن الصحافي يملك الجنسية البريطانية، وقد حضر المحاكمة ممثلا عن سفارة بريطانيا بالجزائر. أما شقيقه فقال للصحافيين إن محاميته بلندن أطلقت إجراءات قانونية بهدف الإفراج عنه.
الجزائر: عائلة صحافي مسجون تطالب بالتحقيق في أسباب وجوده في الإنعاش
اعتقل بتهمة الإساءة لبوتفليقة واشتكى أثناء محاكمته من تعرضه للضرب
الجزائر: عائلة صحافي مسجون تطالب بالتحقيق في أسباب وجوده في الإنعاش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة