راكمت الضربة الجوية لقوات التحالف التي استهدفت قوات النظام السوري في دير الزور، مساء السبت الماضي، الخلافات بين الولايات المتحدة الأميركية مع روسيا. وإذا كانت موسكو كررت انتقاداتها في الآونة الأخيرة لواشنطن على خلفية عدم التنسيق بين الطرفين في الضربات الجوية ضد جماعتي «داعش» و«فتح الشام» (جبهة النصرة سابقًا)، فإن التنسيق بينهما على مناطق الطيران كان لافتًا، إذ لم تشهد الأجواء السورية، منذ سبتمبر (أيلول) 2015، أي حادث جوي أو تضارب بين طائرات روسيا والولايات المتحدة الأميركية التي تنشط في الأجواء السورية، رغم تثبيت موسكو منظومة الدفاع الجوي الأكثر تطورًا «إس 400» على الساحل السوري.
منذ التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية في أواخر سبتمبر 2015، باتت الأجواء السورية منقسمة إلى مجال جوي روسي، ومعه طيران نظامي، وآخر تابع لقوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة أميركية. وكان لافتًا أن نطاق العمليات الأميركي منذ تدخل التحالف الدولي في 23 سبتمبر 2014 كان مسرحه الأبرز ريف حلب الشرقي والشمالي، حيث واكب عمليات عسكرية لقوات كردية وحلفائها ضد تنظيم داعش، وصولاً إلى شمال شرقي سوريا فوق محافظتي الرقة والحسكة، ومحافظة دير الزور في شرق سوريا.
وعلى النقيض، كان المجال الجوي الروسي متاحًا في شمال غربي سوريا فوق ريف اللاذقية الشمالي، وأرياف حماه وحمص وحلب والرقة أيضًا، بينما كان نطاق عملياته محدودًا فوق أرياف دمشق ودرعا والسويداء، ودير الزور.
بهذا التقسيم الجغرافي، وضع الطرفان حدًا للتصادم الجوي، لكنه لم يمنع تضاربا في الاستراتيجيات، تمثلت في توسيع محدود من قبل طائرات التحالف لنطاق عملها، وصل إلى محافظة إدلب في شمال غربي البلاد، حيث نفذت طائرات التحالف غارة جوية قبل أسبوعين، استهدفت قادة عسكريين في تنظيم «فتح الشام». أما الطائرات الروسية، فوسعت مدى الطيران المتفق عليه إلى شمال شرقي سوريا، حيث أعلنت الشهر الماضي تنفيذ ضربات ضد شاحنات تنقل النفط لصالح تنظيم داعش عبر الحدود التركية، فضلاً عن أن الطرفين، تشاركا في ضرب مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا، كما واكبا عمليات الأكراد ضد «داعش» في منطقة متداخلة بريف حلب الشمالي حيث يتقاسم النفوذ فيها، إضافة إلى «داعش»، قوات كردية وصلت إلى تل رفعت، وقوات نظامية وصلت إلى حدود بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، وقوات سورية معارضة معتدلة، توالي تركيا، وتقدمت خلال الأسبوعين الماضيين إلى مسافة تناهز العشرين كيلومترًا عن معقل «داعش» الأخير في ريف حلب الشرقي في مدينة الباب.
وغالبًا ما كانت طائرات التحالف تواكب عمليات الأكراد، كما دخلت على خط مواكبة العمليات العسكرية التي تنفذها قوات «الجيش السوري الحر» الموالية لتركيا أخيرًا في ريف حلب الشمالي والشرقي، بينما كانت القوات الروسية تمهد لهجمات النظام لاستعادة السيطرة على مدن في سوريا، بينها مدينة حلب، ونقاط استراتيجية تواكب عمليات النظام وحلفائه في شمال البلاد، خصوصًا في أرياف حماه وحلب وحمص واللاذقية، أو تركز على ضرب مراكز التحكم ومستودعات الذخيرة قبيل البدء بالعمليات.
غير أن جوهر التباين في نطاق العمليات الجوية بين الطرفين، يقع في منطقة شرق سوريا الحدودية مع العراق. ففي تلك المنطقة، وتحديدًا في محافظة دير الزور، تنشط العمليات الجوية للتحالف منذ تدخله في سوريا في 2014. فقد استهدفت الطائرات الروسية معسكرًا لمقاتلين سوريين تدعمهم واشنطن لقتال «داعش» قرب معبر التنف الحدودي مع العراق في يونيو (حزيران) الماضي، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في حينها، بينما استهدف التحالف الدولي، عن طريق الخطأ كما قال، السبت الماضي، نقاطًا عسكرية لقوات النظام السوري مطلة على مدينة دير الزور. ووسعت موسكو نطاق عملياتها إلى شرق سوريا التي تعد امتدادًا للمجال الجوي الأميركي في العراق، لمواكبة عمليات النظام السوري لاستعادة السيطرة على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، ولتمكين النظام من صد هجمات «داعش» على مدينة دير الزور، كما استهدفت الطائرات الروسية منصات استخراج النفط من البادية، التي كان «داعش» يستخدمها.
عمليات التحالف، لم تتوسع إلى جنوب سوريا أو ريف دمشق أو أرياف حمص وحماه، بينما توسعت الضربات الروسية، على نطاق محدود، إلى أرياف درعا والقنيطرة في الشتاء الماضي، وريف دمشق، وريف السويداء حيث يحاول «داعش» التقدم غربا عبر منطقة اللجاة، فضلاً عن ريف حمص الشمالي.
المجال الجوي الروسي يشمل كل المحافظات السورية.. والأميركي يلتزم الشمال والشرق
التنسيق بين الطرفين حال دون أي حادث جوي.. وغارات دير الزور أثارت تساؤلات
المجال الجوي الروسي يشمل كل المحافظات السورية.. والأميركي يلتزم الشمال والشرق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة