مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

اللوبي السعودي والإيراني.. سبر وتقسيم

يردد فئات من السعوديين، وبعض العرب، الشكوى من ضعف الحضور الإعلامي السعودي بالولايات المتحدة وبقية دول الغرب، والشرق أيضا. مغزى الشكوى هو أن ضعف الحضور الإعلامي وفر السبيل لحضور الإعلام المعادي للسعودية، وفي مقدمه الدعاية الإيرانية، وغير إيران ممن «يعتقد» معاداة السعودية، وربما من خلف السعودية العرب والسنة كلهم.
حسنا، هل هذا الكلام صحيح بإطلاقه؟
وهل يصح مقارنة الحضور الإيراني، إعلاميا واجتماعيا، بالحضور السعودي في أميركا؟
قبل الجواب، أتفق تماما مع الحاجة الماسة، والممأسسة، لبناء حضور سعودي «شعبي» في الميديا الأميركية، والمجتمع، حضور يتمتع بالحيوية، والذكاء في الجدل، وتحديد قضايا النقاش بحصافة.
هذا موضوع متشعب، لكن حتى نضع الأمور في نصابها، يجب أن نسأل، كم يشكل الأميركيون «من أصل سعودي» بأميركا، مقارنة بالأميركيين من أصل إيراني؟
هذا السؤال يكفي للكشف عن خلل المقارنة، وخطأ العتاب المتكرر الذي نلاحظه.
«اللوبي» أو قوة الضغط، ليس مجرد ناشط يتحدث في فضائية أميركية هنا أو هناك، أو يضع يافطة ومكتبا صغيرا في حي منزوٍ من أحياء نيويورك. اللوبي هو نتاج حضور كثيف، ومتنوع، في مناحي الحياة الأميركية، كلها، من الرياضة للفن للأكاديميات للاقتصاد، وأخيرا للسياسة. حسب تقديرات فإن عدد الأميركيين من أصل إيراني يبلغ أكثر من 4 ملايين شخص، يشكلون قوة اقتصادية ومعنوية مؤثرة، منهم، مثلا، من وصل لمنصب العمدة في بيفرلي هيلز! جامشير دلشا.
في إدارة أوباما الحالية، نجد ذروة هذا الحضور من خلال الأسماء التالية، على سبيل المثال:
سحر نوروز زادة، مديرة القسم الإيراني بالخارجية الأميركية، وهي عضو في اللوبي الإيراني المعروف باسم (ناياك) وقد عينت قبل أيام - كهدية وداع من أوباما - متحدثة للخارجية الأميركية باللغة الفارسية.
فريال غواشيري، أيضا من مجلس ناياك، مساعدة الرئيس أوباما الخاصة منذ عام 2014، تقوم بتنظيم جدول الرئيس أوباما في سفراته الخارجية أو لقاءاته بالرؤساء الأجانب في البيت الأبيض.
إنه استثمار إيراني قديم من أيام الشاه، ويعتبر وزير الخارجية الحالي جواد ظريف، من رموز اللوبي الإيراني بأميركا، وهو قال على التلفزيون الإيراني بعد تعيينه وزيرا للخارجية في أغسطس (آب) 2013 عن الأميركيين من أصل إيراني: «هؤلاء بمثابة ثروة لإيران. يتوجب عليهم أن لا يسمحوا بفرض النظرة العدائية ضد إيران في الولايات المتحدة والمجتمع الدولي».
المقارنة تكون بين الأشياء المتشابهة، يبقى السؤال: هل يعني هذا اليأس؟ وخسارة معركة الرأي والصورة؟ وحتى لو تحقق الحضور، فهناك فئات «تعتقد» بكراهية السعودية. للحديث صلة.
[email protected]