تركيا تخطط لتصبح مركزًا للطاقة عبر التعاون مع روسيا

إيران تتساهل في تسعير الغاز من أجل زيادة الكميات المصدرة

خطوط إمداد غاز روسية في تركيا (رويترز)
خطوط إمداد غاز روسية في تركيا (رويترز)
TT

تركيا تخطط لتصبح مركزًا للطاقة عبر التعاون مع روسيا

خطوط إمداد غاز روسية في تركيا (رويترز)
خطوط إمداد غاز روسية في تركيا (رويترز)

تسعى تركيا للاعتماد على موقعها الجغرافي كي تصبح ممرًا عالميًا للطاقة، إلى جانب استفادتها من ذلك في تغطية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، مع شح المصادر الطبيعية التي تملكها. وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية مؤخرًا، ستصبح تركيا بحلول عام 2025 ممرًا لثمانية خطوط أو أكثر لنقل الطاقة.
ويؤكد خبراء أن الوعي بهذا الموضوع، ولا سيما مع التطورات السياسية التي عايشتها تركيا في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تطور اقتصادها، دفع إلى اتباع سياسات جديدة لتأمين احتياجاتها من الطاقة، فضلاً عن رغبة تركيا في أن تكون دولة صاحبة قرار بموضوع الطاقة، وأن ترسم الخطط المتعلقة بإدارتها وسياساتها.
ولفتت دراسة أعدها مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي «سيتا»، بعنوان «تطلعات تركيا لتصبح مركزًا للطاقة»، إلى أن تركيا ورغم وجودها في المنطقة الأغنى بالطاقة، فإنها ولسنوات طويلة شعرت بالحاجة لتغطية احتياجاتها من البترول والغاز ولم يكن باستطاعتها الاستفادة من موقعها الجغرافي لتأمين الطاقة اللازمة لها، لكن الظروف اختلفت، فضلاً عن أنه على الرغم من كل التغيرات في دول الجوار وعلى الساحة الداخلية في تركيا لم تتخل أنقرة عن هدفها بأن تصبح مركزًا للطاقة.
وبحسب وزير الطاقة والموارد الطبيعية بيرات ألبيرق، فإن الأوضاع الصعبة التي يمر بها كل من العراق وسوريا والتطورات الداخلية، التي رأى أنها تستهدف إضعاف الدولة التركية، لم تحل دون سعي تركيا نحو هدفها لأن تصبح مركزًا للطاقة.
واعتبر الخبراء أن نجاح شركة «تاناب» (TANAP) التي تنقل الغاز الطبيعي من أذربيجان مرورًا بتركيا إلى أوروبا، سيشجع على الإقدام على مشاريع مشابهة، وسيسرع من تنفيذ المشاريع المقبلة، ويجعها أكثر سهولة، وفي مقدمتها مشروع السيل التركي أو «تورك ستريم» لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا، والذي بدأت خطواته الأولى مع الموافقة المبدئية من تركيا الأسبوع الماضي، ومنح التراخيص لبدء العمل.
وتعد إيران وكردستان العراق وقطر وتركمانستان ودول شرق البحر المتوسط من أهم ركائز خطة تركيا لأن تصبح ممرًا عالميًا للطاقة، من خلال مد خطوط مشابهة لخط «تاناب» القادم من أذربيجان.
ويقول خبير الطاقة التركي أردال تاناس كاراجول إن الدول التي ترغب في بيع الغاز الطبيعي المسال (LNG) ترى في تركيا «الشريك المحتمل» لتجارة الغاز، كما ترى في الأراضي التركية «الممر الأكثر أمنًا» لتصدير هذا الغاز.
ولا ترغب تركيا في أن تكون فقط ممرًا للطاقة من الدول الموردة إلى الدول الراغبة في الشراء فحسب، بل تسعى لأن يكون لها دور في تحديد أسعار البترول والطاقة، وأن تشارك عالميًا في تجارة الطاقة، وأن تتولى مسؤولية نقل هذه الطاقة بأمان.
وتمتلك الدول المجاورة لتركيا ما يقرب من 60 في المائة من مخزون الطاقة العالمي، حيث تتوسط تركيا بموقعها مجموعة من أهم مصادر النفط والغاز حول العالم، مثل: روسيا وأذربيجان وإيران وقبرص وإسرائيل.
وستبدأ أذربيجان بنقل غازها الطبيعي المسال إلى أوروبا بحلول عام 2018، أما روسيا فإنها تعمل على إرساء أطر اتفاقية بدء العمل في مشروع السيل التركي، الذي يعتبر بديلها الجغرافي السياسي والاستراتيجي بعد الأزمة الأوكرانية.
وترغب إيران أيضًا في استخدام الأراضي التركية لنقل غازها ونفطها نحو أوروبا والأسواق العالمية، وتعتقد أنقرة أن التعاون مع اليونان في استخراج الغاز الطبيعي من حوض جزيرة قبرص المحتوي على احتياطي ضخم، سيقود إلى أن تكون تركيا دولة مصدرة وناقلة لمصادر الطاقة في آنٍ واحد.
ورأى خبراء أن اكتشاف إسرائيل لحقول كبرى لإنتاج الغاز في شرق البحر المتوسط كان أهم دوافع تركيا لإعادة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد توتر استمر منذ عام 2010، والذي انتهى باتفاقية تطبيع العلاقات الموقعة في 26 يونيو (حزيران) الماضي.
وقال كارجول إن الدول الأوروبية تستهلك الطاقة بكميات ضخمة وستظل دائمًا «دولاً استهلاكية مستوردة»، على العكس من تركيا التي مكنها موقعها الاستراتيجي من أن تكون «دولة عرض وطلب»، دون أن يكون لديها احتياطي نفط أو غاز طبيعي كبير.
واعتبر أن دول الاتحاد الأوروبي لا تستطيع تقبل حجم العائد الكبير الذي ستجنيه تركيا نتيجة هذه المشاريع، مشيرًا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تتقبل تحكم تركيا في شريان حياتهم الرئيسي، لذا تبذل بعض دول الاتحاد الأوروبي جهودًا كبيرة لإفساد تنفيذ بعض هذه المشاريع، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك، حيث إن تركيا أثبتت قدرتها على إدارة هذه الخطوط منذ النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، على الرغم من محاولات زعزعة الأمن والاستقرار.
وعبر الخبير التركي عن اعتقاده بأن «مالك الطاقة» ليس هو اللاعب المحدد في سوق الطاقة، بل من يمررها، أي الدولة الوسيطة التي توفر ممر الطاقة؛ لأن مفاتيح تحويل الطاقة بيديها.
ويعتقد خبراء في سوق الطاقة أن روسيا لن تتخلى عن تركيا في مشروع نقل مصادرها إلى أوروبا، ولن يكون الخط الجنوبي المار عبر بلغاريا - حال تحققه بديلاً لخط «السيل التركي»، وذلك بسبب التعاون الاقتصادي الوثيق بين الدولتين، والتجربة السابقة التي جمعت بينهما عبر خط السيل الأزرق، وموقف تركيا التي لم تنضم للحصار الأوروبي المفروض على روسيا، على العكس من بلغاريا التي تحركت بشكل متصل مع الاتحاد الأوروبي، وعلّقت أي مفاوضات متعلقة بخط «السيل الجنوبي».
ومؤخرًا صرح رئيس شركة «غازبروم» الروسية، ألكسي ميلار، بأن الاتحاد الأوروبي سيتوجب عليه أن يقدم طلبًا لتركيا إذا احتاج إلى الغاز الطبيعي، وهذا يدل على أن روسيا، المصدر الأساسي للطاقة إلى أوروبا، قبلت بتركيا ممرًا رئيسيًا لنقل طاقتها، وأن قبول الدول الأخرى المتعاونة وغير المتعاونة مع تركيا على أنها مركز الطاقة سيتم إن عاجلاً أم آجلاً.
في الوقت نفسه، أبدت إيران مرونة بشأن مفاوضات تسعير الغاز لطبيعي مع تركيا، وقال نائب وزير التجارة والصناعة والمعادن الإيراني منصور معظمي، أول من أمس، إن بلاده ترغب في زيادة كمية الغاز الطبيعي المصدر إلى تركيا.
ولفت إلى أن المفاوضات الحالية بين البلدين فيما يخص الغاز الطبيعي تنحصر في سعر هذه المادة، مشيرًا إلى إمكانية حل الخلاف القائم حول هذه المسألة خلال فترة قريبة. وقال: «أعتقد أننا سنستطيع تجاوز الخلاف القائم حول سعر الغاز الطبيعي المصدر إلى تركيا، وبإمكان الطرفين تجاوز هذه المشكلة. وإيران ترغب في زيادة الكمية المصدرة إلى الجارة والشقيقة تركيا».
وبلغ معدل إمدادات الغاز التي تضخها إيران إلى تركيا نحو 21 مليون متر مكعب يوميًا، بعد المفاوضات التي جرت بينهما مطلع العام الحالي لتلافي أزمة ضخ الكميات المطلوبة إلى تركيا في الشتاء بسبب ظروف الطقس القاسية.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.