وزير خارجية فرنسا: روسيا لا تستطيع الاستمرار في اعتماد «لغة مزدوجة»

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط»: ثمة «علامات استفهام» بشأن ما يدور بين كيري ولافروف

وزير الخارجية الفرنسي جان مارك (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان مارك (إ.ب.أ)
TT

وزير خارجية فرنسا: روسيا لا تستطيع الاستمرار في اعتماد «لغة مزدوجة»

وزير الخارجية الفرنسي جان مارك (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان مارك (إ.ب.أ)

تنطلق غدا الاثنين النسخة الرابعة والعشرون لمؤتمر السفراء الفرنسيين في العالم، التي تعد فرصة لمجموعة من اللقاءات والنقاشات الخاصة بتوجهات الدبلوماسية الفرنسية. وكما في السنوات الأربع الماضية، سيشكل خطاب فرنسوا هولاند، رئيس الجمهورية الفرنسي، قبيل ظهر الثلاثاء القادم مراجعة لسياسة فرنسا الخارجية إزاء القضايا الساخنة عبر العالم، وعلى رأسها الحرب في سوريا والإرهاب والهجرات الكثيفة باتجاه أوروبا وحالة الاتحاد. إلا أنه يشكل في الوقت عينه ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لمهام السفراء الفرنسيين وللأولويات السياسية والاقتصادية التي سيتركز عليها عملهم للأشهر المقبلة.
لهذا العام، عمدت وزارة الخارجية، التي يديرها الوزير جان مارك إيرولت، إلى اقتراح ثلاثية قوامها «الأمن، المناطق (الفرنسية)، وأوروبا» ستدور حولها الفعاليات المفتوحة. لكن الأهم منها ما سيجري في لقاءات مغلقة بين السفراء الفرنسيين وإداراتهم المركزية للنظر في فعالية العمل الدبلوماسي وما يتعين التركيز عليه أو إعادة النظر فيه. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر «سيكون فرصة للتعمق في سياساتنا وللنظر فيما هو ناجح وفاعل وفيما هو أقل نجاحا».
ومن أبرز المناقشات التي ستجري على هامش المؤتمر وبعيدا عن أعين الصحافة، تلك التي ستحدث في اجتماع السفراء الفرنسيين في منطقة الشرق الأوسط صباح الاثنين في مقر وزارة الخارجية، والتي سيكون على رأسها الملف السوري الذي شهد في الأسابيع الأخيرة تطورات رئيسية، ليس أقلها التدخل التركي المباشر في الحرب والمواجهة التي كادت أن تحصل في أجواء الحسكة بين الطيران الحربي السوري والأميركي، والجدل الذي ثار بين موسكو وطهران حول انطلاق القاذفات الروسية من مطار إيراني، وأخيرا اجتماع جنيف المطوّل يوم الجمعة الماضي بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف.
يستشف من الاتصالات التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع دبلوماسيين فرنسيين أن باريس المتمسكة بثلاثية وقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية لكل المناطق المحاصرة وصولا إلى عملية الانتقال السياسي، لا تزال تطرح كثيرا من «علامات الاستفهام» لما يدور بين واشنطن وموسكو وحول أهداف كل طرف. وهي تشدد على أن واشنطن «لا تزال عند مقاربتها السابقة، أي التركيز بالدرجة الأولى على محاربة (داعش) وإنزال الهزيمة به قبل نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما، وبالتالي، تأجيل النظر في الحل السياسي وتحديدًا مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى مرحلة لاحقة. وهو ما يعني عمليا أن واشنطن قابلة ببقائه، على الأقل في المرحلة الانتقالية». ولكن في المقابل، لا ترى واشنطن في الحرب السورية، بعكس النظرة الروسية «تحديا استراتيجيا رئيسيا». وأخيرًا فإن باريس «لا تتوقع» أن تشهد السياسة الأميركية إزاء هذا الملف «تحولاً رئيسيًا في الأشهر المقبلة»، وخصوصا أن الخط الحالي الذي يجسده الوزير كيري «يضع كل بيضه في السلة الروسية» ويراهن على موسكو للوصول إلى «مخرج» معقول.
من هذه الزاوية، ترى باريس أن الطرف الروسي في طريقه لفرض رؤيته على الجانب الأميركي، والدليل على ذلك أن الوزير كيري، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره لافروف «لم يأت بتاتا على ذكر مصير الأسد». بيد أن باريس تعتبر أن الثنائية الأميركية - الروسية «لا تمسك بكل مفاصل الملف السوري» بل إن للأطراف الإقليمية دورًا ميدانيًا وسياسيًا على السواء، الأمر الذي برز في حصار مدينة حلب ونجاح المعارضة الإسلامية والفصائل المقاتلة في فكه جزئيا بفضل الدعم العسكري القوي الذي تلقته من أطراف إقليمية.
بالنظر لهذا المعطى، تعتبر باريس أن دخول تركيا القوي على الخط «أحدث تحولات» ميدانية وسياسية. لكن لا تزال أهداف التدخل التركي المباشر في سوريا، تكتيكيا واستراتيجيا، موضع «تساؤلات» في العاصمة الفرنسية. وأول من أمس، اتصل الوزير إيرولت بنظيره مولود جاويش أوغلو للتشاور. وقال الوزير إيرولت، في حديث لصحيفة «لو موند» المستقلة، نشر أمس، إن بلاده تعتبر أنه «لأمر جيد أن تنخرط تركيا بوضوح في مكافحة (داعش) الذي يهاجمها بعنف» كما أنه لأمر «شرعي» أن تضمن أمن حدودها.
ولمزيد من الطمأنة، أعاد الوزير الفرنسي التأكيد على إدانة باريس للاعتداءات التي يرتكبها حزب العمال الكردستاني في تركيا. بيد أن باريس - وهي في ذلك قريبة في موقفها من موقف واشنطن - لا تريد إعطاء تركيا «شيكا على بياض» في الموضوع الكردي في سوريا. ومعلوم أن أنقرة تعتبر «داعش» وميليشيات «وحدات حماية الشعب» الكردية - وبالتالي وليدتها ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» - تنظيمين إرهابيين. ومن هنا جاء التحذير «الغامض» الذي وجهه إيرولت لأنقرة بقوله إنه «يجب (على تركيا) الحذر من الغرق في العنف، ومن نزوع محتمل للرغبة في التعرض لجزء من المسألة الكردية في سوريا». ويعني كلام إيرولت أن على أنقرة ألا تستخدم «حجة» محاربة «داعش» لتصفية حساباتها مع الأكراد في سوريا. وجدير بالذكر أن باريس تقدم الدعم العسكري لأكراد سوريا، إن كان عن طريق تقديم السلاح والعتاد، أو تواجد مجموعة من المستشارين - والأرجح من قوات الكوماندوس الفرنسية - إلى جانب ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عصبها الأساسي.
وترى باريس أن الميليشيات الكردية تحارب «داعش» في سوريا بـ«فعالية»، وبالتالي يتعين، وفق الرؤية الفرنسية، الحفاظ على هذه الورقة الرابحة على أن تؤجل مسألة مصير أكراد سوريا إلى مرحلة ما بعد الحرب.
على صعيد آخر، حثّ الوزير إيرولت روسيا على «توضيح» موقفها من استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي - كذلك «داعش» - وفق التقرير الدولي الصادر أخيرا. وأفاد إيرولت أن بلاده تعمل مع أطراف أخرى لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي تحت «الفصل السابع» يمكن أن ينص على فرض عقوبات على النظام السوري، كما أنها تعمل كذلك على نقل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر مجلس الأمن. وفي الحالتين، سيكون موقف موسكو حاسما باعتبار أنها قادرة على استخدام حق النقض «الفيتو» لإجهاض قرار جديد ومنع نقل الملف للمحكمة الجنائية في لاهاي. ولذا، تعتبر باريس أن موسكو، وهي التي كانت صاحبة المبادرة عام 2013 لنزع السلاح الكيماوي للنظام السوري عقب استخدامه في ضرب الغوطتين الشرقية والغربية في صيف العام المذكور، مسؤولة عن تصرف النظام السوري وعن ضمان عدم لجوئه إلى هذا النوع من السلاح المحرم دوليا.
ويريد وزير الخارجية الفرنسي من موسكو أكثر من ذلك، وتحديدا «اغتنام الفرصة للعودة إلى المسار السياسي والخروج من فخ (المعالجة) العسكرية الذي وقعت فيه» في سوريا، باعتبار أن موسكو «شريك وليست خصما» في سوريا، حيث «تلعب دورا حاسما»، وبالتالي، يتعين، وفق إيرولت، العمل معها ومع المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا والأميركيين، للوصول إلى «حل سياسي». ورسالة فرنسا لموسكو هي: «أدينوا النظام وتوقفوا عن عمليات القصف، إذ لا تستطيع روسيا أن تستخدم لغة مزدوجة: فمن جهة، تريد الحل السياسي ولكنها، من جهة أخرى، لا تتحرك إلا عسكريا كأنها ترى أن الانتصار عسكريا أمر ممكن. النظام (السوري) لا يستطيع كسب الحرب، وثمة مصلحة في العودة إلى طاولة المفاوضات». واختتم إيرولت قائلا إن الملف السوري سيكون موضع محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في زيارته المقبلة لفرنسا خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.