الحكومة الأسترالية تقف مرة أخرى في قفص الاتهام

تقارير صحافية ومنظمات دولية تتحدث عن انتهاكات بحق الأطفال في مراكز الاحتجاز

مركز دون ديل لاحتجاز الأحداث في داروين في شمال أستراليا (إ.ب.إ)
مركز دون ديل لاحتجاز الأحداث في داروين في شمال أستراليا (إ.ب.إ)
TT

الحكومة الأسترالية تقف مرة أخرى في قفص الاتهام

مركز دون ديل لاحتجاز الأحداث في داروين في شمال أستراليا (إ.ب.إ)
مركز دون ديل لاحتجاز الأحداث في داروين في شمال أستراليا (إ.ب.إ)

مرة أخرى، خلال هذا الشهر، توجه أصابع الاتهام إلى المؤسسات الأسترالية التي تأوي الأحداث، سواء من السكان الأصليين في سجون على الأراضي الأسترالية أو من اللاجئين الذين يتم احتجازهم في جزر حتى يتم البت في أمرهم، ومنحهم حق اللجوء.
وقد وجهت هذه الاتهامات إلى السلطات المختصة من قبل منظمات دولية، مثل منظمة العفو الدولية، أو من قبل صحف قامت بتحقيقات، مما اضطر الحكومة الأسترالية إلى فتح تحقيق في الاتهامات، لكن بعض القائمين على هذه المؤسسات اتهموا عددا من اللاجئين بالكذب من أجل تسريع عملية منحهم حق اللجوء.
ونشرت صحيفة «الغارديان»، في نسختها الأسترالية قبل أسبوع، وثائق مسربة عن اعتداءات وانتهاكات في مركز الهجرة في جزيرة ناورو، وقالت إن أكثر من ألفي واقعة تشمل انتهاكات جنسية واعتداءات ومحاولة إيذاء النفس، قد حدثت على مدى عامين في مركز الإيواء الذي تموله أستراليا، وإن أكثر من نصفها حدثت مع أطفال.
لكن وزير الهجرة، بيتر داتون، قال إن طالبي اللجوء يكذبون، وكرر تعليقات سبق أن رددها هذا العام، حين قال إن المدافعين عن اللاجئين يشجعون المحتجزين على إيذاء أنفسهم، أو إضرام النار في أنفسهم، وأضاف في مقابلة مع الإذاعة الأسترالية: «علمت ببعض الوقائع التي انطوت على مزاعم كاذبة عن اعتداءات جنسية (...) الناس في النهاية دفعوا أموالا لمهربين، وهم يريدون أن يأتوا إلى بلدنا»، وتابع: «بلغ الأمر إلى حد أن البعض يؤذي نفسه، والبعض يشعل النار في نفسه، في محاولة لدخول أستراليا.. وبالقطع البعض يردد مزاعم كاذبة».
وبالأمس، فتحت منظمة العفو الدولية جبهة جديدة على الحكومة الأسترالية، وقالت إنها حصلت على وثائق تكشف عن سوء معاملة وانتهاكات ترتكب في مراكز لاحتجاز الأحداث، وهو ما يستوجب تحقيقا عاجلا من جانب الحكومة.
وأفادت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان بأنها كشفت وثائق تزيد على ألف صفحة تحتوي على حوادث، من بينها ما وقع في مركزين لاحتجاز الأحداث في ولاية كوينزلاند (شمال البلاد)، في الفترة من عام 2010 إلى عام 2015. ومن بين الحوادث التي كشفت عنها المنظمة قيام مسؤولي مراكز الاحتجاز بوضع الأحداث في حبس انفرادي لفترات طويلة، وتعيين كلب حراسة لأطفال هددوا بالانتحار، وإجراء تفتيش للأطفال وهم عراة جزئيا بأساليب مهينة.
وأشارت «العفو» الدولية إلى أن هذه الحالات تثبت الفشل في رعاية الأطفال الضعفاء، ونقص المحاسبة في نظام السجون، وقالت إن «المشكلة ممنهجة، وتتخطى حدود السياسة».
وحصلت المنظمة الدولية على التقارير من إدارة التفتيش على سجون الأحداث في ولاية كوينزلاند، بموجب قوانين الحصول على المعلومات، كما كشف التقرير ما لا يقل عن 31 محاولة انتحار، حاول خلالها الأطفال شنق أنفسهم في أحد مراكز احتجاز الأحداث.
وقالت روزان مور، الناشطة الحقوقية في منظمة العفو الدولية، إن الانتهاكات ترتكب في المقام الأول بحق الأحداث من السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس، لأن «هناك بنودا بشأنهم بشكل مبالغ فيه في نظام القضاء الخاص بكوينزلاند».
وصرحت الناشطة لوكالة الأنباء الألمانية بأنه «في الحقيقة، فإن 89 في المائة من الأطفال في مركز كليفلاند لاحتجاز الأحداث هم من أبناء السكان الأصليين، رغم أن هؤلاء يمثلون 8 في المائة فقط من الأحداث في كوينزلاند»، وأضافت أن القبض على أبناء السكان الأصليين يزيد 22 مرة على احتمال القبض على غيرهم من الأحداث في الولاية الأسترالية.
وقد دفع هذا التقرير رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم تيرنبول إلى فتح تحقيق رسمي، ولكنه رفض النداءات التي تدعو إلى توسيع نطاق التحقيق ليشمل سجون أحداث أخرى، قائلا إنه يتعين على حكومات الولايات إجراء تحقيقات منفصلة في نظم السجون لديها.
وأضافت مور، أمس (الخميس): «لقد رأينا هذا الانتهاك في نورثرن تيريتوري. والآن، نراه في كوينزلاند.. إننا نعلم أنه يحدث في جميع أنحاء أستراليا»، مؤكدة على أنه يجب على الحكومة الأسترالية المركزية أن تعين مفتشين مستقلين بمقدورهم دخول مراكز الاحتجاز في شتى أنحاء أستراليا، بل وعليها «أن تعمل أيضًا على جميع المستويات لإبعاد الأطفال عن النظام القضائي، عبر معالجة المشكلات الاجتماعية بالوقاية وإعادة التأهيل، وليس بالعقوبة».
من جانب آخر، تتّبع أستراليا سياسة متشددة فيما يتعلق بالهجرة، تقضي بإرسال طالبي اللجوء الذين يتم اعتراض قواربهم في البحر إلى مركز تقوم بتمويله في جزيرة ناورو، ويضم نحو 500 شخصا، ومركز آخر على جزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة. وقد وجهت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان انتقادات واسعة للمركزين، ولسياسة أستراليا الصارمة بشأن اللجوء.
وقال ناشطون في مجال حقوق اللاجئين إن التقارير المسربة تشير إلى الحاجة الماسة لإنهاء سياسة الاحتجاز في الخارج، وإن طالبي اللجوء يجب أن يتلقوا دعما طبيا ونفسيا. فتقول هيلي بالينغر، التي عملت في مجال حماية الأطفال في مركز إيواء ناورو عامي 2014 و2015، إن الإشارة إلى أن اللاجئين كذبوا بشأن تعرضهم لانتهاكات «إهانة مطلقة»، وأضافت لوكالة «رويترز»: «كل الإفادات تتحدث عن نفسها، ومن المؤكد أن من رأيتهم هناك قد عانوا بحق، وهذه الأمور حدثت بالفعل.. لقد شاهدناها بأنفسنا».
وقد انطلق هذا الجدل بعد أن تلقت صحيفة «الغارديان» أكثر من ألفي تقرير حول اعتداءات وتعذيب نفسي وتحرشات جنسية يتعرض لها المهاجرون، وبينهم أطفال. وأوضحت الصحيفة أن عاملين في مركز الاحتجاز في نورو، حيث يوجد نحو 442 شخصا، كتبوا هذه التقارير.
ومن بين التجاوزات التي نقلتها الصحيفة تهديد طفل بالموت، وعدم السماح لشابة بالاستحمام إلا مقابل خدمات جنسية، كما دفع الوضع اليائس للمهاجرين هناك امرأة إلى محاولة الانتحار، في حين قامت فتاة بخياطة شفتيها احتجاجا على سوء المعاملة.
وأوضحت صحيفة «الغارديان» أنها المرة الأولى التي تسرب فيها هذه الكمية من المعلومات من داخل أجهزة الهجرة، وأن الأطفال يشكلون أكثر من نصف الضحايا الواردين في 2116 تقريرا.
من جهته، أعلن رئيس الحكومة الأسترالية مالكولم تورنبول أنه سيتم فحص هذه الوثائق «لمعرفة ما إذا كانت هناك شكاوى لم تعالج بالشكل المناسب»، إلا أن الحكومة أكدت أن الأمر لا يتجاوز الادعاءات، وهي ماضية في سياستها الحالية إزاء المهاجرين.
وكانت منظمتا «العفو» الدولية و«هيومن رايتس ووتش» قد اتهمتا أستراليا بالتغاضي عن التجاوزات بحق اللاجئين في جزيرة نورو، لردع طالبي اللجوء عن السعي للوصول إلى أستراليا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».