الإجازات الصيفية حققت أمنيات وزير الخارجية بوريس جونسون، الذي طالما حلم بأن يصبح رئيسا للوزراء في بريطانيا، إذ يقوم حاليا بإدارة سدة الحكم في غياب رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ووزير الخزانة فيليب هاموند.
أحلامه تبخرت بعد «الاغتيال الشخصي» الذي مارسه ضده صديقه وزير العدل السابق مايكل غوف بعد حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الخلاف مع غوف أغضب جونسون، وانسحب على إثر ذلك من المنافسة على زعامة حزب المحافظين بعد استقالة ديفيد كاميرون.
تيريزا ماي، التي نالت الزعامة بالتزكية وتم تنصيبها رئيسة للوزراء، قبل بداية الصيف بقليل، موجودة حاليا في سويسرا تمارس رياضة المشي مع زوجها خلال العطلة الصيفية. وكلّف جونسون بمهمة إدارة شؤون البلاد خلال إجازة تيريزا ماي، بعد أن تسلمها قبله وزير المالية فيليب هاموند الأسبوع الماضي. أكّد متحدث باسم مقر رئاسة الوزراء البريطاني «10 داونينغ ستريت» في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن ماي تقضي حاليا إجازتها الأولى منذ تسلمها المنصب رئيسة الوزراء في سويسرا لمدة 13 يوما، على أن «رئيسة الوزراء تشرف على مهامها، وهي على علم بكل التطورات المهمة». بينما تسلم بوريس جونسون مهامها هذا الأسبوع من مقر وزارة الخارجية، وذلك بعد هاموند الذي قام بالدور نفسه خلال النصف الأول من إجازة رئيسة الوزراء. وأوضح المتحدث أن رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون اعتاد أن يكلف وزير المالية في حكومته، جورج أوزبورن، بالإشراف على مهامه في غيابه؛ فيما اختارت ماي توزيع المهام بين وزيري المالية والخارجية. وأكدت مصادر مطلعة لصحيفة «التايمز» بهذا الصدد أن ماي اصطحبت معها مساعدا خاصا وموظفين إداريين للإشراف على شؤون الدولة باستمرار من مكان إجازتها.
وتمثل هذه الترقية المؤقتة دفعة مهمة لبوريس جونسون، عمدة لندن السابق الذي اعتقد الجميع أن مستقبله السياسي مهدد بعد أن أعلن عدم ترشحه لرئاسة الوزراء خلفا لكاميرون، الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير عقب تشكيك المراقبين في مصداقية ادعاءات حملة «الخروج» من الاتحاد الأوروبي التي قادها. ورغم فترة سياسية صعبة ومتقلبة، يبدو أن جونسون «تعافى» من انتكاساته السياسية بعد تعيينه وزيرا للخارجية الشهر الماضي، بل إنه انتصر على المشككين في قدرته على قيادة السياسة الخارجية البريطانية في المنصات الدولية بعد توليه شؤون الدولة بعد هاموند، ولو كان ذلك مؤقتا.
ورغم «حبل النجاة» التي ألقته ماي لجونسون، فإنه لم يستعد شعبيته بين زملائه في الحكومة؛ وكان آخر المشككين وربما أشرسهم وزير التجارة الدولية ليام فوكس الذي طالب رئيسة الوزراء بتسلم حقيبة «الدبلوماسية الاقتصادية» بدلا عن جونسون. وفي رسالة رسمية سربت للصحيفة، طالب فوكس بالإشراف على ملف «الدبلوماسية الاقتصادية» بدلا من بوريس جونسون بغية «تحقيق الأهداف التي كلفتني بها رئيسة الوزراء». واعتبر فوكس أن العلاقات التجارية مع دول أخرى «لن تزدهر» إذا ظلت صلاحيات الدبلوماسية الخارجية حكرا على وزارة الخارجية، مشككا بذلك في قدرة بوريس جونسون على أداء مهامه بشكل ناجح. ولاقت الرسالة التي وجهت إلى جونسون وماي رفضا كاملا من وزير الخارجية، الذي اكتفى بتكليف بعض موظفيه بالعمل في وزارة التجارة الدولية ومشاركتها خبرتهم. من جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية ردا على سؤال «الشرق الأوسط» إن الوزارة «أعارت وزارة التجارة الدولية عددا صغيرا من موظفيها حتى تستفيد من خبراتهم»، وأن هذه العملية مؤقتة ولا تقتصر على موظفي «الخارجية».
ولا يزال تعيين جونسون في منصب وزير الخارجية يقابل بنوع من الاستغراب والسخرية في الأوساط الدبلوماسية، وذلك لسجل تصريحاته المثيرة للجدل وميله إلى الانتقاد الحاد. ومن أبرز التصريحات المحرجة لوزير الخارجية البريطاني، تلك التي قال فيها إن «أصول الرئيس الأميركي باراك أوباما، الكينية، جعلته يكره تراث بريطانيا وتاريخها». كما شبه المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بـ«ممرضة سادية تعمل في مصحة للأمراض العقلية». وفي إشارة إلى الاتحاد الأوروبي في خضم حملة «الخروج» التي قادها، وصف جونسون التكتل بأنه شبيه بـ«مشروع زعيم النازية أدولف هيتلر»، الذي حاول، على حد تعبيره: «إنشاء دولة أوروبية واحدة».
ورغم وجودها بعيدا عن داونينغ ستريت إلى أن ماي المعروفة بحبها للعمل تتابع باستمرار علاقات بريطانيا الدولية، خصوصا التجارية منها. وقالت وزارة الخارجية الصينية نقلا عن وزير الدولة البريطاني لشؤون آسيا إن تيريزا ماي كتبت رسالة إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء لي كه تشيانغ تعبر عن رغبة في تعزيز التجارة والتعاون بين المملكة المتحدة وبريطانيا في القضايا العالمية. وأدلى ألوك شارما بهذه التعليقات أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي في بكين. ونقلت وزارة الخارجية الصينية في بيان عن شارما قوله في وقت متأخر يوم الاثنين إن بريطانيا تعتبر الصين شريكا استراتيجيا عالميا مهما، وأن لندن تولي اهتماما كبيرا للتعاون بين البلدين.
في إجازة ماي.. وزيرا المالية والخارجية البريطانيان يتناوبان مناصفة على إدارة شؤون الدولة
بوريس جونسون يتولى مهام رئيسة الوزراء هذا الأسبوع رغم تراجع شعبيته
في إجازة ماي.. وزيرا المالية والخارجية البريطانيان يتناوبان مناصفة على إدارة شؤون الدولة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة