استخدام موسكو قاعدة عسكرية إيرانية.. رسالة سياسية لواشنطن بأبعاد تقنية محدودة

استخدام موسكو قاعدة عسكرية إيرانية.. رسالة سياسية لواشنطن بأبعاد تقنية محدودة
TT

استخدام موسكو قاعدة عسكرية إيرانية.. رسالة سياسية لواشنطن بأبعاد تقنية محدودة

استخدام موسكو قاعدة عسكرية إيرانية.. رسالة سياسية لواشنطن بأبعاد تقنية محدودة

فتح إعلان موسكو، أمس، عن استخدام مطار همدان الإيراني قاعدة جوية لطائراتها القاذفة من طراز «تو - 22 إم 3» التي تنفذ عمليات عسكرية داخل الأجواء السورية، الباب واسعا على خلفيات هذه الخطوة وأهدافها، خصوصا في ظل إجماع الخبراء والمراقبين على أنّ أبعادها التقنية محدودة، وتأكيدهم أنّها أقرب إلى رسالة سياسية روسية إلى الولايات المتحدة الأميركية، مفادها تأكيد الشراكة والحلف الاستراتيجي مع إيران والتصميم الروسي على استكمال المعركة في سوريا بعد انتكاسات حلب.
فرغم تأكيد موسكو أن نشر الطائرات في الأراضي الإيرانية يتيح الفرصة لتقليص زمن التحليق بنسبة 60 في المائة، وإشارتها إلى أن قاعدة حميميم السورية ليست مناسبة لاستقبال هذا النوع من القاذفات التي تعد من الأضخم في العالم، فإن مدير (مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة) العميد المتقاعد هشام جابر، يرى أن الخطوة الروسية الجديدة «ذات أبعاد سياسية أكثر منها تقنية»، لافتا إلى أنها «لا شك تسهل المهمة الروسية العسكرية في سوريا، إلا أنها بشكل أساسي رسالة لمن يهمه الأمر بأن الشراكة الروسية - الإيرانية مستمرة وتترسخ». وقال جابر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الموقف ذو خلفية سياسية كبيرة وقد أتى نتيجة للتوافق الثلاثي الإيراني - الروسي - التركي بعد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى أنقرة»، متحدثا عن «تبلور تصور مشترك للثلاثي المذكور لحل الأزمة السورية». وأضاف: «لا شك أنه قد تم الاتفاق على المبادئ العامة وعلى نقاط محددة أبرزها رفض تقسيم سوريا، لكن لا شك هناك نقاط لا تزال خلافية كالفترة التي قد يبقى فيها الرئيس السوري في الحكم مع انطلاق المرحلة الانتقالية».
ويقول خبراء إن انتقال قاذفات «تو - 22 إم 3» و«سو - 34» الروسية إلى مطار همدان الإيراني يزيد من فعالية الغارات الروسية في سوريا، وقد يسمح لتلك الطائرات باستهداف مواقع «داعش» بالعراق. وفي هذا السياق يشير الخبير الروسي في الشؤون العسكرية، قسطنطين سيفكوف، إلى أن استخدام قاعدة همدان الجوية الإيرانية يزيد من فعالية الغارات الروسية على مواقع الإرهابيين في سوريا بـ3 أضعاف.
وبحسب مدير (المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية) بواشنطن، رضوان زيادة، فالخطوة الروسية الأخيرة ورغم كل محاولات تصويرها خطوة تقنية - عسكرية: «فإنها بالنسبة لنا خطوة باتجاه مزيد من التقارب الاستراتيجي العسكري الروسي - الإيراني لدعم النظام السوري، وتظهير واضح لتصميم الرئيس الروسي على استكمال المعركة في سوريا التي يتعاطى معها كمعركة ضد الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية»، لافتا إلى أن «موسكو قد تكون تمهد من خلال هذه الخطوة لعملية عسكرية جديدة وكبيرة في سوريا بعد الهزيمة التي مني بها النظام والميليشيات الإيرانية والشيعية في حلب». وقال زيادة لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون بوتين أيضا يوجه رسائل للرئيس الأميركي المقبل بما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، ومفادها أن طهران حليف وثيق لموسكو وأن هناك أكثر من قاعدة عسكرية لروسيا في المنطقة وهي لا تقتصر على القواعد السورية».
واستبعد زيادة أن «نكون بصدد اتفاق إيراني - روسي - تركي بخصوص سوريا»، لافتا إلى أن الملف الأساسي الذي يحرك الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان هو الاقتصاد، معتبرا أنّه «مهما بلغ مستوى العلاقة التركية - الإيرانية والتركية - الروسية، إلا أن الإطار العسكري الحيوي الذي تعتمد عليه أنقرة الآن وفي المستقبل هو حلف الناتو، باعتبار أن موسكو وطهران سيظلان دائما حليفين غير موثوقين بالنسبة لتركيا».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.