تصاب اليد، كبقية أعضاء الجسم، بالأمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، والإصابات، والجروح المختلفة. إلا أن أكثر الإصابات شيوعا حالة «التهاب اليد الحاد» Acute Infection of the Hand، التي تعتبر أكثر الإصابات ألمًا وإعاقة لحركة اليد في قيامها بوظائفها.
التهاب جرثومي
في حديثه إلى «صحتك»، أوضح الدكتور وليد صالح العديني استشاري جراحة العظام واليد بمستشفى الملك فهد ومستشفى شرق جدة، أن التهاب اليد هو التهاب خلوي صفاقي يصيب اليد نتيجة إصابة خارجية أو داخلية مؤديا إلى حدوث تكاثر بكتيري مصاحب بتورم في اليد واحمرار وارتفاع في درجة الحرارة.
والتهاب اليد كثيرًا ما يكون في جزء أو قسم محدود المعالم باليد، مثل منطقة تحت الظفر في قمة الإصبع ويطلق عليه المصطلح الطبي بارونيكيا (paronychia)، ومنطقة قمة الإصبع التي تسمى البنان وتصاب بالداحوس (felon)، وكذلك الأنسجة العميقة deep tissues، وفي أماكن أخرى مثل الأغشية السينوفية التي تغلف أوتار اليد وتبطن مفاصل اليد. وعن المفاصل الصغيرة، فهي تشمل مفاصل العظام الرسغية والمشطية والسلامية، وعادة ما تكون الجرثومة المسؤولة عن هذه الالتهابات هي البكتيريا المكورة العنقودية (staphylococcus)، التي عادة يستوطن بعض منها مناطق الجسم بصورة طبيعية، فتبدأ بالتكاثر بمجرد حصول إصابة في اليد.
ومن أمثلة ذلك الإصابة بالجروح بمختلف أنواعها، حيث يكون من النادر عدم وجود بكتيريا ومن ثم حدوث الالتهاب.
تطور المرض
يقول د. العديني إن منطقة اليد كبقية مناطق الجسم الأخرى، لذا تحصل فيها الاستجابة للالتهاب التي تظهر في البداية على شكل تورم واحمرار يعقب ذلك ألم بسبب تكون القيح والصديد الذي يسبب زيادة الضغط داخل الخلايا ونسيج اليد الصفاقي. ومن ذلك أجزاء اليد والأصابع المغلقة مثل بنان الأصابع أو منطقة الأغشية السينوفية لأوتار الأصابع فيحدث ارتفاع في الضغط بسبب تجمع القيح. وفي المقابل تتضاءل حركة الدورة الدموية، وهنا تبدأ خطورة حدوث الموت في الأنسجة وبالتالي حدوث «الغنغرينا» (gangrene) في الحالات المتقدمة المصاحبة بإهمال من المصاب نفسه.
وعادة، يكون هناك تاريخ إصابة مثل كدمة أو رضّة أو جرح سواء خدشي سطحي، أو تهتك واختراق اليد بسبب دخول أجسام مدببة. وتكون الإصابة في كثير من الأحيان بسيطة في ظاهرها، وربما لا تتم ملاحظتها، ولكن بعد بضع ساعات أو أيام تبدأ الأصابع أو اليد بالتورم والألم وارتفاع في درجة الحرارة (feverish)، وهنا يبدأ المريض يتذكر أنه سبق أن تعرض لإصابة ما مثل جرح قطعي صغير أو خدش أو ثقب عابر من أشواك شجر أو وخز بإبرة معدنية بصورة عرضية أثناء العمل أو الحياة الروتينية. ولا ننسَ أهمية معرفة ما إذا كان المصاب يعاني من أمراض مزمنة مثل السكري أو الإدمان على المخدرات أو لديه مشكلة في المناعة.
وإذا لم تتم معالجة الإصابة في الوقت المناسب، فإن الالتهاب سوف ينتشر من الجزء المصاب إلى أجزاء اليد الأخرى، وبالتالي يتحول إلى التهاب مزمن مؤديًا إلى تيبس في اليد ومن ثم إعاقة دائمة في وظائف اليد، إضافة إلى حدوث مضاعفات أخرى مثل التهاب الأوعية اللمفاوية وانتشار الالتهاب عبر الدم. وعلى الرغم من ظهور الالتهاب بصورة بسيطة، فإنه قد ينبئ بتطورات خطيرة من ضمنها التهاب الأغشية الليمفاوية وتسمم في الدم septicaemia.
الفحص والعلاج
• الفحص الإكلينيكي. عند فحص المصاب، نلاحظ منطقة الإصابة وما حولها، حيث تكون الأصابع حمراء ومتورمة ومؤلمة، ولكن في بعض الحالات نجد المصاب لا يشتكي من الألم كما في حالة مرض السكري ونقص المناعة وأيضًا لدى كبار السن وبعض الأطفال. وفي بعض الحالات قد تكون العلامات والأعراض بسيطة ويكون المريض قادرا على ثني أصابعه، أما في حالة الالتهاب العميق فيكون ثني الأصابع غير ممكن، بسبب الألم والتورم. على العموم، يجب على الطبيب المعالج أن يعمل فحصًا شاملاً ليس لليد فقط، بل يشمل الذراع والكوع لملاحظة أي تورمات أو غدد ليمفاوية متورمة، وأن يتم فحص المريض كاملا والتأكد من احتمال وجود بداية أعراض تسمم.
• الفحص بالأشعة. أوضح د. العديني أهمية عمل الفحص بالأشعة لإثبات أو نفي وجود أجسام غريبة في أنسجة اليد المصابة مثل قطع معدنية، عندها يتطلب العلاج إخراجها وإزالتها أولا وفي الوقت المناسب وإلا فإن الحالة قد تتطور إلى التهاب في العظم (osteomyelitis) أو التهاب في المفاصل وتآكل العظم.
وعند عمل التشخيص يجب الأخذ بالحسبان الإصابات الأخرى المحتملة مثل لسعات الحشرات أو عضات الكائنات الأخرى، التي تشابه الالتهابات الخلوية لخزق شوك الشجر وهي بدورها مصدر تلوث والتهاب للأنسجة والخلايا إضافة إلى حالات قطع الأوتار التي تشابه التهاب الأغشية السينوفية والتهاب النقرس والتي قد يحصل الخلط بينه وبين التهاب المفاصل البكتيري.
وأكد د. العديني أن التهابات اليد الخلوية السطحية تكون، عادة، واضحة فإذا تأخر العلاج أو كان العلاج غير كافٍ، فإن الالتهاب سوف ينتشر بسرعة مصاحبا بمضاعفات أخرى، لذا يجب البدء الفوري في العلاج وفق إطار الأساسيات العلمية المتفق عليها عالميا، وهي:
- أولا البدء بإعطاء المصاب المضاد الحيوي المناسب.
- إبقاء اليد في ساند مناسب مع رفع اليد باستمرار قدر الإمكان لأعلى من مستوى القلب.
- إخراج أي تجمع صديدي في مكان الإصابة باليد، وتنظيف الجرح، ثم أخذ عينة للفحص والمزرعة.
- إعادة تأهيل المصاب بعد زوال الالتهاب مباشرة.