محامي الشيخ العلمي: الإمام سيقطع عطلته لتسليم ابنه للشرطة البلجيكية

حالة التوتر والقلق منذ تفجيرات بروكسل وراء البلاغات يوميًا عن وجود متفجرات أو مشتبه بهم

إجراءات أمنية في شوارع بروكسل منذ تفجيرات مارس الماضي  («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع بروكسل منذ تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

محامي الشيخ العلمي: الإمام سيقطع عطلته لتسليم ابنه للشرطة البلجيكية

إجراءات أمنية في شوارع بروكسل منذ تفجيرات مارس الماضي  («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع بروكسل منذ تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)

منذ تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) الماضي وحتى الآن، تلقت السلطات في العاصمة البلجيكية 124 بلاغا عن وجود متفجرات أو شخص مشتبه في علاقته بتهديد إرهابي، وهذا يعني أن السلطات في العاصمة بروكسل تتلقى تقريبا يوميا بلاغا من هذا النوع، هذا إلى جانب البلاغات المتعددة، التي تتلقاها السلطات في مناطق أخرى في البلاد حول نفس الأمر. وذلك بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية أمس نقلا عن إدارات الشرطة الرئيسية في بروكسل، والتي أرجعت السبب في ذلك إلى حالة القلق والتوتر عقب تفجيرات مارس الماضي، والتي جعلت البعض يسارع بالإبلاغ عن شخص أو عبوة مشتبه بها. وفي العام 2014 كان المعدل خمسة بلاغات كل شهر عن وجود حالات اشتباه، ولكن بعد الهجوم على مبنى صحيفة «شارلي إيبدو» في باريس في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي ارتفع المعدل إلى 11 بلاغا في الشهر، وعقب تفجيرات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ارتفع الرقم إلى 22 بلاغا كل شهر، وكانت تفجيرات بروكسل التي شملت المطار ومحطة للقطارات الداخلية، قد تسببت في مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين.
ومساء الأربعاء الماضي عرف مطار بروكسل حالة من الارتباك، في ظل مخاوف من وصول طائرتين إلى المطار، ويشتبه في وجود متفجرات على متنهما، وذلك حسب بلاغات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى هذا الأمر، مما دفع السلطات للتعامل بجدية مع هذه البلاغات التي جاء أحدها من بروكسل والآخر من الولايات المتحدة بحسب الإعلام المحلي، ولكن بعد وقت قصير هبطت الطائرة الأولى وكانت قادمة من أوسلو وبعدها هبطت طائرة أخرى قادمة من المغرب بعد أن توقفت لفترة من الوقت في تولوز الفرنسية لإسعاف أحد الركاب، وجرت عملية الفحص والتفتيش في الطائرتين ولم يتم الإعلان من جانب السلطات البلجيكية عن وجود أي تهديدات.
وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من جلسة نقاشات بين وزارة الداخلية البلجيكية ونقابات الشرطة، في محاولة لشرح الأسباب، وراء عدم اتخاذ قرار برفع حالة الاستنفار لمواجهة التهديدات التي تواجه عناصر الشرطة في البلاد، ولكن في الوقت نفسه ستقوم الحكومة باتخاذ تدابير إضافية لضمان سلامة العناصر الأمنية. ووصفت نتائج الاجتماع بأنها إيجابية وأعلنت النقابات عن ارتياحها لموافقة المسؤولين على زيادة تسليح العناصر الأمنية لحمايتهم.
وقبل الاجتماع كانت نقابات الشرطة قد أعربت عن غضبها، بسبب عدم رفع درجة حالة التهديد التي يواجهها رجال الشرطة في أعقاب الاعتداء بساطور على شرطيتين في شارلروا الأسبوع الماضي، وقالوا: إن الحالة كما هي على نفس الدرجة منذ إحباط محاولة في فيرفييه في يناير من العام الماضي، بينما ارتفعت حالة التأهب الأمني بالنسبة للمواطنين إلى الدرجة الثالثة. وعقب لقاء جمع الوزير مع قيادات مركز تحليل المخاطر الإرهابية، والشرطة الفيدرالية والمحلية، وفي تصريحات تلفزية مساء الثلاثاء، قال وزير الداخلية جان جامبون، إن «شارلروا حالة معزولة. ولا تتوفر هيئة التنسيق لتحليل التهديدات الإرهابية على أي معلومات، تبرر الرفع من مستوى أمن أفراد الشرطة، ولا يمكن تبرير المستوى الثالث بالنسبة لجميع ضباط الشرطة». وتجدر الإشارة إلى أن شرطيتين من شارلروا أصيبتا جراء هجوم بالساطور يوم السبت الماضي، بجروح خطيرة. وحسب تقارير إعلامية محلية، طرح هذا الهجوم التساؤل بشأن الحماية التي يجب أن تستفيد منها الشرطة. وفي الواقع، لا يزال مستوى التأهب لدى مديريات الشرطة عند المستوى الثاني من التهديد رغم صدور قرار باتخاذ تدابير إضافية. وكان عمدة انتويرب بارت ديويفر، قد قرر إطلاق دورات تدريبية لعناصر الشرطة المنتشرين بملابس مدنية في الشوارع، على كيفية استخدام «سبراي الفلفل» تمهيدا للسماح بحمله بشكل مستمر للدفاع عن أنفسهم، مع السماح لرجل الشرطة العادي بحمل السلاح بشكل مستمر، وآثار قرار ديويفر استياء رابطة حقوق الإنسان في بلجيكا، التي وصفت الأمر بأنه ليس بالفكرة الجيدة لأنه بدلا من توفير الحماية لرجل الأمن الموجود بين المدنيين سيكون هناك شعور لديه بحالة عدم الأمان وهو يحمل الاسبراي، الذي تحظر السلطات استخدامه للمدنيين. ومنذ إحباط محاولة في فيرفييه شرق البلاد يناير 2015 كانت تستهدف عناصر ومراكز الشرطة، تقرر رفع حالة الاستنفار الأمني لحماية رجال الشرطة إلى الدرجة «الثانية بلوس»، وأصبح من حق القيادات الأمنية المحلية اتخاذ المطلوب في هذا الإطار، وقامت بالفعل بعض البلديات بفرض إجراءات جديدة، منها إغلاق بعض مراكز الشرطة من العاشرة إلى السادسة صباحا، والبعض الآخر أقام حواجز أمام مداخل مراكز الشرطة للتفتيش وهو ما حدث أمام مركز شرطة شارلروا، وجرى توقيف الشاب الجزائري الذي نفذ الاعتداء بالساطور وأصاب شرطيتين، ولكن شرطيا ثالثا أطلق عليه النار، ومات بعد وصوله إلى المستشفى بوقت قصير.
من جهة أخرى ولكن في نفس الإطار، فقد توالت ردود الفعل على الدعوة التي أطلقها مراهق بلجيكي من أصول إسلامية، لقتل غير المسلمين بحسب ما جاء في فيديو أظهر الشاب وهو يتجول ليلا في أحد شوارع مدينة فيرفييه شرق البلاد، وقالت وسائل الإعلام إن الشاب هو ابن الإمام العلمي الذي يحمل الجنسية الهولندية ويقيم في المدينة البلجيكية القريبة من الحدود مع هولندا، وحسب تقارير إعلامية في بروكسل، فقد أوقف الإمام الشيخ العلمي عطلته ليأخذ ابنه إلى الشرطة.. فبعد الدعوة إلى قتل المسيحيين التي ظهرت في شريط فيديو صوره في شوارع فيرفييه أحد أبناء الشيخ العلمي، قرر هذا الأخير الرد من مكان عطلته، عن طريق محاميه جولين هاردي المختص في القانون الإداري والهجرة.
ويشير الإمام المتشدد وهو يقول: إنه «منهار» إلا أنه لن يتغاضى عن سلوك ابنه البالغ 17 سنة، ويضيف أنه سيوقف عطلته للعودة مع ابنه إلى بلده من أجل تسليمه فورا إلى الشرطة. وقال المحامي «إن الإمام العلمي لن يتغاضى بأي حال من الأحوال عن الأقوال والأفعال التي تشاع عن ابنه المراهق. وبصفته والدا ومواطنا، فهو منهار مما علم». ويضيف: «سيقوم بإلغاء عطلته في الخارج بشكل خاص للعودة مع ابنه وتسليمه للشرطة، وتقديم كل التوضيحات التي ترغب فيها أجهزة الشرطة. ويؤكد على تعاونه التام مع العدالة، ويطلب من ابنه القيام بالأمر نفسه». ويضيف محامي الإمام أيضا: «الشيخ العلمي لم يكن متهمًا، بعكس ما يؤكده البعض، بالتحريض على الكراهية أو على الجهاد».
وللإشارة، فإن وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة تيو فرانكين لم يستطع تنفيذ أمر المغادرة في حق الشيخ العلمي منذ شهر يوليو (تموز) 2015. ويقوم المعني بالأمر الذي يتمتع بجنسية مزدوجة ويقيم ببلجيكا منذ عشر سنوات بثاني دعوى استئناف أمام مجلس دعاوى الأجانب. ونجح دفاعه في إلغاء المرسوم الملكي الأول بالطرد الذي اتُّخذ ضد موكله رغم وجود رأي سلبي للجنة الاستشارية للأجانب. ولا يزال بانتظار ما الذي سيحدث بشأن المرسوم الملكي الثاني بالطرد الذي تم اتخاذه في نفس الظروف في شهر مارس الماضي. ويؤكد نبيل خولالن، محامي ابن الشيخ العلمي أن موكله «في طريق العودة وسيسلم نفسه للشرطة طواعية من أجل الاستماع إليه وتقديم التوضيحات».
وجاء ذلك فيما قال المندوب العام لحقوق الطفل بفيدرالية والونيا بروكسل، أنه لم يكن من الضروري أن يتم الكشف عن هوية المراهق الذي نشر على الإنترنت شريط فيديو يدعو فيه وهو يتجول في شوارع فيرفييه إلى قتل المسيحيين. وأعرب برنارد ديفوس عن استهجانه لذلك، معتقدا أن المراهق يجب أن يتمتع بالحق في حماية الشباب. يقول: «من الواضح أنه حتى ولو عرض طفل نفسه للخطر، فهذا ليس سببا للاستيلاء على هويته وصورته». وكان وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة قد كشف يوم الاثنين الماضي عن هوية المراهق في حين أن قسم فيرفييه التابع للنيابة العامة بلييج وسلطات بلدية فيرفييه ترفضان حتى الآن الحديث عن هويته.
وقد نشرت الصحافة بعد ذلك هذه المعلومات فيما بثت بعض وسائل الإعلام صورة المراهق. ويرفض المندوب العام الحجة التي تقول بأن الشاب هو الذي أعد بنفسه الشريط وذلك لتبرير نشر هويته. يقول: «لا ينبغي أن يمنع هذا الأمر الصحافيين من احترام القانون بشأن حماية الشباب. ولحماية القاصرين، ينص هذا القانون على عدم نشر مثل هذه المعلومات». ومع ذلك، أشار مكتب ديفوس إلى أن وسائل الإعلام المكلفة بتربية الرأي العام، تخضع لواجب المحافظة على السرية. ولم يكن القانون بشأن حماية الشباب مفيدا أكثر من الوقت الراهن مع التكنولوجيات الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي. ويخلص مكتب المندوب العام لحقوق الطفل إلى أن الشاب لديه الحق في عدم تحديد هويته باعتباره بريئا في انتظار محاكمة محتملة، وبالتالي لم يستفد من نظام الحماية المفترض.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».