يطارد مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية آخر فلول تنظيم داعش داخل مدينة منبج بريف حلب في شمال سوريا، حيث لا يزال عشرات مقاتليه في جيب في وسط المدينة، متوقعين الانتهاء من «تحرير المدينة بالكامل» خلال ساعات.
وعلى وجوه المقاتلين المدججين بأسلحتهم والمنتشرين في شوارع المدينة، تبدو علامات الفرح والفخر واضحة بعد سيطرتهم على منبج بعد شهرين طويلين من المعارك الضارية، وهم ينتظرون بفارغ الصبر موعد الإعلان رسميًا عن السيطرة الكاملة على المدينة التي كانت تعد واحدة من أبرز معاقل «داعش» في محافظة حلب.
يقول المقاتل إبراهيم الحسين، وهو يلف عنقه بحزام من الرصاص لمراسلي وكالة الصحافة الفرنسية، اللذين كانا أول فريق إعلامي دخل المدينة بعد التقدم الذي أحرزته قوات سوريا الديمقراطية في نهاية الأسبوع: «لم تبق إلا حارة أو اثنتين تحت سيطرة (داعش)»، مضيفًا بثقة: «(داعش) انتهى وستكون المدينة محررة خلال الساعات المقبلة».
ويقول مقاتل آخر قوي البنية يعرف عن نفسه باسم أبو عمار، بفخر: «نحن قريبون من المربع الأمني، 75 مترًا ونقتحمه».
وأظهرت مقاطع فيديو لمصور (وكالة الصحافة الفرنسية)، مباني معظمها من طبقتين شبه مدمرة جراء القصف، ومحالاً تجارية فارغة تشهد على حدة المعارك الضارية في المدينة. كما يجول مقاتلون في الشوارع وينتشرون بشكل خاص في محيط المربع الأمني.
ويوضح فياض الغانم، قائد «لواء صقور الرقة» المنضوي في مجلس منبج العسكري، أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية، للوكالة، خلال جلوسه في استراحة مع مقاتليه، أن «الاشتباكات تتركز حاليًا داخل المربع الأمني (الذي كان يستخدمه تنظيم داعش في وسط المدينة)، إذ بقي في يد (داعش) اثنان إلى ثلاثة في المائة من مساحة المدينة».
وبحسب أحد المقاتلين، يوجد «قرابة 130 عنصرًا في وسط المدينة محاصرون من كل الجهات».
ويقول مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية: «زرع التنظيم الكثير من الألغام في المدينة ليعيق تقدمنا، وعليكم أن تتبعونا لكي لا تنفجر فيكم الألغام».
بدأت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، في 31 مايو (أيار) وبغطاء جوي من التحالف، هجومًا للسيطرة على منبج الاستراتيجية الواقعة على خط إمداد رئيسي للتنظيم المتطرف بين محافظة الرقة معقله في سوريا، والحدود التركية.
وتحاصر «سوريا الديمقراطية» الجيب الأخير الذي يتحصن فيه مقاتلو «داعش» من كل الجهات، لكنها تتريث في القيام بعملية اقتحام سريعة لوجود مدنيين داخله يستخدمهم التنظيم كدروع بشرية.
ويقول الغانم الذي يرتدي ثيابًا عسكرية وبحوزته جهاز اتصال لاسلكي، إن الاقتحام «تأخر لأننا نحاول إخراج المدنيين حفاظًا على سلامتهم.. ولئلا نلحق الأضرار بهم»، متحدثًا عن «لجوء تنظيم داعش إلى حرق بيوتهم، وزرع المفخخات لإعاقة تقدمنا».
وعلى الرغم من دوي الرصاص وقذائف الهاون التي تطلقها الفصائل العربية والكردية على مواقع المتطرفين، يحاول عشرات المدنيين الفرار من مناطق الاشتباكات داخل المربع الأمني، مكتفين بحمل حقائب أو أكياس صغيرة.
على تخوم المنطقة المحاصرة، ينتظر محمد بنشي، وهو في الأربعينات من عمره، مع أفراد من عائلته تعليمات مقاتلي «سوريا الديمقراطية» للوصول إلى مكان آمن بعد تمكنهم من الخروج من المربع الأمني.
ويقول بنشي لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا موجودين في شارع الكواكب، في شقة مع 15 شخصًا من عائلتي، كنا محاصرين بسبب الاشتباكات وكان الوضع صعبًا».
وأوضح أنه تمكن من الخروج وعائلته بعد وصول المقاتلين إليهم ومساعدتهم على الخروج»، لافتا إلى أن تنظيم داعش «كان يمنعنا بالقوة من الخروج ويقول لنا: لا تخرجوا إلا عندما نعطيكم الأوامر».
وأضاف: «خرج عدد من الأشخاص خفية وتمكنوا من الهرب»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى «مقتل سيدة قنصًا لدى محاولتها الخروج من منزلها».
وعلى مقربة من بنشي وعائلته، ينتظر شاب يرتدي قميصًا أبيض ويمسك بيد شقيقه المعوق. ويقول من دون ذكر اسمه: «ما ذنب هذا الطفل أن يرى كل هذه الاشتباكات ويتم منعه من قبل (داعش) من الخروج؟»، قبل أن يضيف: «الحمد لله أننا خرجنا من المدينة بسلام بفضل قوات سوريا الديمقراطية».
وواجهت قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية، عمودها الفقري بعد اقتحامها المدينة منذ يونيو (حزيران) مقاومة عنيفة من مقاتلي التنظيم الذين لجأوا إلى التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة والقناصة، وزرع الألغام لإعاقة تقدمهم. وعبر جهاز اتصال لاسلكي، ينادي عنصر من «سوريا الديمقراطية» رفاقه طالبًا «سيارة لنخرج أربعة من رفاقنا تم قنصهم من قبل (داعش) في المبنى المجاور»، مضيفًا: «لا تتأخروا نحن ننتظركم».
وتشهد أبنية المدينة المدمرة بمعظمها بشكل كامل وعبوات الرصاص الفارغة في الشوارع، على ضراوة المعارك بين الطرفين، والتي واكبتها ضربات من التحالف الدولي مساندة لتقدم قوات سوريا الديمقراطية.
وفي محاولة لتجنب ضربات طائرات التحالف، يقدم مقاتلو تنظيم داعش على حرق الإطارات المطاطية لتمويه تحركاتهم. وعاين مراسل وكالة الصحافة الفرنسية خلال زيارته منبج دخانًا أسود كثيفًا يغطي سماء المدينة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل منذ بدء الهجوم على منبج في 31 مايو حتى اليوم، 973 مقاتلاً على الأقل من تنظيم داعش، و203 جراء ضربات التحالف. كما قتل 433 مدنيًا بينهم 104 أطفال.
تحرير منبج بالكامل يقترب.. وحصار 130 مقاتلاً لـ«داعش»
«قوات سوريا الديمقراطية» تطارد آخر فلول التنظيم داخل حارتين
تحرير منبج بالكامل يقترب.. وحصار 130 مقاتلاً لـ«داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة