بريطانيا تدرس «نموذج النرويج» لعلاقتها مع أوروبا

هاموند عقد سلسلة مشاورات لتقييم فوائد وأضرار البقاء في «السوق المشتركة»

وزير المالية البريطاني فيليب هاموند يصل إلى اجتماع وزاري في «10 داونينغ ستريت» منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
وزير المالية البريطاني فيليب هاموند يصل إلى اجتماع وزاري في «10 داونينغ ستريت» منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا تدرس «نموذج النرويج» لعلاقتها مع أوروبا

وزير المالية البريطاني فيليب هاموند يصل إلى اجتماع وزاري في «10 داونينغ ستريت» منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
وزير المالية البريطاني فيليب هاموند يصل إلى اجتماع وزاري في «10 داونينغ ستريت» منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)

كشفت تصريحات مسؤولين ماليين بريطانيين شاركوا في مشاورات مع وزارة المالية ووزارة الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، أن الحكومة تدرس للمرة الأولى احتمال الخروج من السوق الأوروبية الموحدة.
وعقد وزير المالية فيليب هاموند سلسلة من المناقشات مع عدد من جماعات الضغط البارزة المعنية بالنشاط التجاري والمالي، تشمل «اتحاد الصناعات البريطانية» (سي بي آي)، و«اتحاد المصرفيين البريطانيين» (بي بي إيه)، و«ذي سيتي أوف لندن كوربوريشن»، وذلك بهدف تحديد قيمة السوق المشتركة، وما إذا كانت «حقوق عبور الحدود» تستحق تقديم تنازلات من الجانب البريطاني لمؤسسات بروكسل.
وتسمح حقوق عبور الحدود، المعروفة إعلاميًا بالـ«باسبورتينغ»، للمصارف التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها إقامة فروع لها في أي جزء من «المنطقة الاقتصادية الأوروبية»، والتي تضم الاتحاد الأوروبي، إلى جانب النرويج وآيسلندا وليختنشتاين، دون الحاجة للحصول على تصاريح منفصلة داخل كل دولة.
وأفادت تسريبات عن هذه الاجتماعات المغلقة، نقلتها صحيفة «صاندي تيليغراف» أمس، بأن بعض كبار الشخصيات المعنية مستعدة للتنازل عن مثل هذه الحقوق، رغم الدعوات التي تعالت مبكرًا للبقاء داخل السوق الأوروبية الموحدة من قبل القطاعين المالي والتجاري.
من جهته، قال رئيس قسم السياسات في «ذي سيتي أوف لندن كوربوريشن»، والذي شارك بالاجتماع الشهر الماضي، أن مسألة عبور الحدود تحمل أهمية محورية لوزارة المالية. وأوضح مارك بوليات أنه «من غير المجدي التمسك بقائمة من الأمنيات غير الواقعية - ليس هذا ما تهدف إليه الحكومة، وإنما ما تود معرفته هو: هل يعني الخروج من الاتحاد الأوروبي خسارة 5 في المائة من إجمالي الوظائف بمجال الاستثمار المصرفي، أم 30 في المائة منها»، مؤكّدا أن النقاش ينبغي أن يركز على حجم التداعيات على العائدات الضريبية.
وقد أبدى بوليات شكوكًا حول قدرة المملكة المتحدة على ضمان اتفاق يوفر لها وضعًا شبيهًا بوضع النرويج داخل السوق الموحدة. وأضاف أن قبول حرية الحركة بالنسبة للأفراد ودفع مبالغ ضخمة لبروكسل، مع الإذعان للقواعد التي تمليها، «لن يكون مقبولاً سياسيًا».
من ناحيته، ترغب مؤسسة «بي بي إيه» للعلاقات المصرفية في رحيل المملكة المتحدة عن السوق الموحدة، مع احتفاظها بإمكانية دخول إلى الأسواق الأوروبية من دون عائق. ومن شأن هذه التسوية منح السلطات البريطانية السيطرة على القواعد التنظيمية التي تؤطر عمل البنوك، مع منح العملاء المنتمين إلى الاتحاد الأوروبي القدرة على الوصول إلى قطاع الخدمات المالية البريطاني. وأوضح الرئيس التنفيذي لـ«بي بي إيه»، أنتوني براون، بهذا الصدد: «لا ندعو إلى عضوية في السوق الموحدة - وإنما ما نرغبه هو إمكانية دخول مزدوجة الاتجاه مع أسواق الاتحاد الأوروبي. أن ما يطلق عليه خيار النرويج من شأنه توفير أعلى مستوى من الاستمرارية للمصارف وعملائها، لأن سيسمح باستمرار نظام عبور الحدود الراهن».
أما «اتحاد شركات التأمين البريطانية»، فيرغب في الحفاظ على إمكانية الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه لم يحسم بعد موقفه من حقوق عبور الحدود. ومن الواضح أن ثمة صدام أصبح حتميًا بين المسؤولين الحريصين على الخروج من السوق الموحدة، والقيادات الأخرى بقطاع الخدمات المالية البريطاني. وكانت مصارف كبرى قد حذرت من التكلفة المحتملة التي سيتكبدها القطاع المالي بالمملكة المتحدة حال فقدان المملكة مثل هذه الحقوق. وقد أعلن مصرف «باركليز» عزمه إقرار «ترتيبات بديلة» في دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، مع ضغط كارولين فيربرين، المديرة العمومية لـ«سي بي آي» للبقاء داخل السوق الموحدة.
ويرغب المسؤولون في صياغة خطة عمل قبل بدء تفعيل المادة 50 وانطلاق مفاوضات الانفصال فعليًا.
يأتي ذلك بعد أن أظهر مسح نشر الجمعة الماضي أن سوق العمل في بريطانيا دخلت في «سقوط حر» بعد التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، مع انخفاض عدد الوظائف الدائمة التي أعلنت عنها شركات التوظيف الشهر الماضي بأسرع وتيرة منذ مايو (أيار) 2009.
وأشار التقرير الشهري لاتحاد شركات التشغيل والتوظيف «آر أي سي» إلى أن الرواتب المبدئية للوظائف الدائمة ارتفعت في يوليو (تموز) بأبطأ وتيرة في أكثر من ثلاث سنوات. وبشكل عام، فإن المسح يضاف إلى أدلة على أن ثقة ونشاط الشركات تباطأ بشدة بعد الاستفتاء الذي أجرى في 23 يونيو (حزيران).
بهذا الصدد، قال كيفن غرين، الرئيس التنفيذي للاتحاد: «سوق الوظائف في المملكة المتحدة عانت سقوطًا حرًا مفاجئًا في يوليو، مع هبوط الوظائف الدائمة إلى مستويات لم نشهدها منذ الركود في 2009»، مضيفًا أن «الاضطراب الاقتصادي في أعقاب التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي هو بلا شك السبب الأساسي».
إلى ذلك، خفض بنك إنجلترا الخميس أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2009، وقال إنه سيشتري سندات حكومية بقيمة 60 مليار جنيه إسترليني لتخفيف الضرر الناجم عن تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».