خطط التحفيز اليابانية.. تخلق الحلول والمشكلات

الخطة ترفع سعر الين وتدعم المتضررين من الارتفاع

ياباني أمام شاشة لتداول أسعار الأسهم التي تراجعت نتيجة خطة التحفيز (رويترز)
ياباني أمام شاشة لتداول أسعار الأسهم التي تراجعت نتيجة خطة التحفيز (رويترز)
TT

خطط التحفيز اليابانية.. تخلق الحلول والمشكلات

ياباني أمام شاشة لتداول أسعار الأسهم التي تراجعت نتيجة خطة التحفيز (رويترز)
ياباني أمام شاشة لتداول أسعار الأسهم التي تراجعت نتيجة خطة التحفيز (رويترز)

أقرت الحكومة اليابانية، أمس الثلاثاء، خطة إنعاش مكثفة تبلغ قيمتها 28 تريليون ين (275 مليار دولار) سيخصص ربعها فقط لنفقات جديدة، مما يعني أنها غير كافية لإحياء الاقتصاد كما رأى محللون.
وقال رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، معبرا عن ارتياحه: «تمكنا من وضع خطة متينة تشمل استثمارات جريئة للمستقبل»، وكان آبي أعلن الأسبوع الماضي عن مبدأ الخطة وقيمتها، من دون أن يذكر أي تفاصيل، على أمل أن يستعيد ثالث اقتصاد في العالم عافيته عبر هذه المبادرة.
وكانت حكومة آبي قد أخفقت في تحقيق نمو مستدام على الرغم من حملة التخفيف النقدي التي تبنتها منذ أن تولى آبي رئاسة الوزراء في أواخر عام 2012. وقال آبي: «لا نهدف فقط لتحفيز الطلب الفوري، ولكن أيضا تحقيق نمو اقتصادي مستدام يقوده الاستهلاك الخاص».
وكما كان المراقبون يتوقعون، خفضت الاستثمارات المباشرة للدولة والمجالس المحلية بشكل كبير وباتت لا تتجاوز 7500 مليار ين (73.7 مليار دولار) بينها 4600 مليار ين (45.2 مليار دولار) من الميزانية الحالية التي تنتهي في أبريل (نيسان) 2017. كما تتضمن الحزمة إجراءات مالية بقيمة 13.5 تريليون ين «132 مليار دولار»، وتشمل إنفاقا من المشاريع المشتركة بين القطاعين العام والخاص وغيرها من النفقات التي لا تندرج تحت النفقات الحكومية المباشرة.
وأقر الفريق الحكومي الخطوط العريضة للخطة، لكن يفترض أن تتم الموافقة عليها في البرلمان من خلال قانون مالي في سبتمبر (أيلول)، ويُفترض ألا تواجه الخطة أي صعوبة في البرلمان حيث عزز تحالف آبي أغلبيته في انتخابات مجلس الشيوخ التي جرت في العاشر من يوليو (تموز).
وتهدف الخطة التي تستمر لسنوات إلى مكافحة انخفاض عدد السكان (عبر ضخ 2.5 تريليون ين، لتحسين الخدمات الاجتماعية مثل رعاية المسنين والأطفال، وتسهيل فتح دور الحضانة) في بلد يشكل فيه الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر 27 في المائة من السكان، كما تهدف إلى تشجيع السياحة والزراعة بـ1.7 تريليون ين، ومساعدة المناطق التي تضررت بزلازل مارس (آذار) 2011 في شمال شرقي البلاد، وأبريل في جنوب غربيها.
وخُصص شق آخر من الخطة لدعم المؤسسات المتضررة من التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أدى إلى ارتفاع سعر الين وهو أمر يضر بشركات التصدير.
والخطة التي تشمل ستة آلاف مليار ين من القروض بفائدة منخفضة، تنص على تشجيع مشاريع البنية التحتية الكبيرة، مثل تسريع بناء خط ماغليف، القطار الياباني الذي يغذى بالطاقة الكهرومغناطيسية ويربط بين طوكيو وأوساكا عن طريق ناغويا.
وتهدف هذه الميزانيات الكبيرة، الأخيرة في سلسلة من الميزانيات التي أقرتها البلاد في وقت تعاني من مديونية هائلة تعادل 250 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي، إلى مواجهة ظروف دولية صعبة بين قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي والتباطؤ الاقتصادي في الدول الناشئة الذي يؤثر على انتعاش هش أصلا.
وفي الوقت نفسه، قام بنك اليابان الجمعة الماضية بتصحيح معطيات سياسته النقدية المتساهلة جدا.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات على إطلاق استراتيجية آبي الاقتصادية التي يفترض أن تؤدي إلى إنعاش الاقتصاد ومكافحة التضخم على ثلاث مستويات (مالية ونقدية وبنيوية)، يخوض آبي وحاكم البنك المركزي الياباني هاروهيكو كورودا سباقا ضد الزمن لتحقيق نتائج.
وقال الخبير الاقتصادي في مجموعة «نومورا سيكيوريتيز» ماساكي كواهارا: «يمكن أن نتوقع بعض الدفع»، مؤكدا أن «ما تحتاج إليه اليابان هو تحفيز الطلب وزيادة القدرة الإنتاجية عن طريق تغيير القواعد» أو بعبارة أخرى، عبر إصلاحات بنيوية.
وأكد محللون في مجموعة ميزوهو المالية، في مذكرة: «ليس هناك أي شيء ثوري» في الخطة، وأشاروا إلى أنه منذ انتهاء فورة التسعينات «أُطلقت نحو 26 خطة إنعاش» كان أثرها محدودا جدا على النمو.
وفي وثيقة نشرها مؤخرا بعد مهمة قام بها في الأرخبيل، عبر صندوق النقد الدولي، الذي يتوقع نسبة نمو تبلغ 0.3 في المائة في 2016، عن قلقه من «تباطؤ الديناميكية الاقتصادية بعد النجاحات الأولى لسياسة آبي الاقتصادية»، ودعا الصندوق إلى رفع الأجور وتقليص التفاوت في سوق العمل لتحريك استهلاك العائلات الذي تراجع منذ أشهر، في حين تقول الحكومة إنها تتوقع أن تؤدي حزمة التحفيز إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نحو 1.3 في المائة في الأمد القريب.
يشار إلى أن اقتصاد اليابان نما بنسبة 1.9 في المائة خلال الربع الممتد من يناير (كانون الثاني) حتى مارس الماضيين، عقب انكماشه بنسبة 1.8 في المائة خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) حتى ديسمبر (كانون الأول).
من جهة أخرى، ذكرت معلومات، نشرتها وسائل الإعلام، أن تعديلا حكوميا صغيرا سيُعلن الأربعاء، موضحة أن الوزراء الأساسيين سيبقون في مناصبهم مثل وزير الإنعاش الاقتصادي نوبوتيرو إيشاهارا، ووزير المالية تارو إسو، ووزير الخارجية فوميو كيشيدا.
أما عن استقبال أسواق المال والعملات لقرار إنفاذ الخطة اليابانية فقد سجل الين أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع، وانخفض الدولار أسفل حاجز الـ102 ين لأول مرة منذ أوائل يوليو، وهذا يعود أيضا لتراجع الدولار منذ صدور بيانات النمو الأميركية في الربع الثاني الأسبوع الماضي، وقال متعاملون إن تحسن عائدات السندات الأميركية بعض الشيء الليلة السابقة «الاثنين» لم يُفلح في تغيير حال الدولار، وأنهى الدولار جلسة أمس الصباحية بهبوط 0.6 في المائة أمام العملة اليابانية إلى 101.70 ين.
يُذكر أن الين الياباني زاد أمام الدولار بنسبة 15 في المائة منذ بداية العام الحالي. وكرد فعل مُتوقَع تراجعت الأسهم اليابانية في نهاية جلسة التعاملات الصباحية ببورصة طوكيو للأوراق المالية، أمس الثلاثاء، وخسر مؤشر نيكي القياسي المؤلف من 225 سهما 113.3 نقطة أو ما يعادل 0.68 في المائة ليصل إلى 16522.47 نقطة مع نهاية الجلسة الصباحية عند الساعة 02:30 بتوقيت غرينتش، كما هبط مؤشر توبكس الأوسع نطاقا 10.29 نقطة، أو 0.78 في المائة، ليصل إلى 1311.54 نقطة.
وتتراجع الأسهم اليابانية عادة مع ارتفاع سعر الين، حيث يشكل ارتفاع سعر العملة المحلية عائقا أمام زيادة صادرات الشركات اليابانية إلى الأسواق الخارجية ويخفض قيمة أرباح الشركات المعتمدة على التصدير.
وأعلنت شركة هوندا موتور اليابانية لصناعة السيارات والدراجات البخارية، أمس الثلاثاء، تراجع صافي أرباحها خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة 6.1 في المائة عن الفترة نفسها من العام المالي الماضي إلى 174.7 مليار ين (1.7 مليار دولار) بسبب ارتفاع قيمة الين الياباني أمام العملات الرئيسية الأخرى بشكل أساسي.
وذكرت ثالث أكبر شركة سيارات في اليابان أن أرباح التشغيل خلال الربع الأول من العام المالي الحالي زادت بنسبة 11.5 في المائة عن الفترة نفسها من العام المالي إلى 266.8 مليار ين في حين تراجعت قيمة المبيعات بنسبة 6.3 في المائة إلى 3.47 تريليون ين.
وتراجعت مبيعات سيارات هوندا في أميركا الشمالية بنسبة 2.3 في المائة إلى 510 آلاف سيارة خلال الربع الأول، وزادت في آسيا بنسبة 11.9 في المائة إلى 453 ألف سيارة، في حين باعت 146 ألف سيارة في اليابان بانخفاض نسبته 0.7 في المائة سنويا.
في الوقت نفسه، أبقت هوندا على توقعات صافي أرباح العام المالي الحالي الذي ينتهي في 31 مارس المقبل عند مستوى 390 مليار ين وأرباح التشغيل عند مستوى 600 مليار ين، في حين تتوقع تحقيق مبيعات بقيمة 13.75 تريليون ين.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.