أعلن الدكتور عادل الطريفي، وزير الثقافة والإعلام السعودي، عن إنشاء مجمع ملكي وأكاديمية للفنون، ضمن حزمة مشاريع تستهدف تفعيل دور الثقافة في الحياة العامة، تواكب خطة التحول الوطني 2020.
وفي لقاء عقده وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي، مع عدد من الأدباء والمثقفين والكتاب، مساء أول من أمس في النادي الأدبي الثقافي بجدة، بحضور ما يقارب 30 مثقفا ومثقفة وأعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي، ناقش الوزير مع الحضور جهود الوزارة التي تتماشى مع خطة التحول الوطني 2030. وأكد أن الوزارة بصدد إقامة ورشة موسعة يحضرها كل الأدباء لوضع الأطر ورسم الخطط لإنشاء هيئة الثقافة.
وأعلن وزير الثقافة والإعلام عن خطة تعدها وزارة الثقافة تستهدف إطلاق المجال للفنون التعبيرية والبصرية، بينها تأسيس مجمع ملكي للفنون، ومعهد ملكي للفنون، وتأسيس الفرقة الوطنية الموسيقية السعودية، ومسرح التلفزيون، ومسرح الطفل، مع فسح مجال أوسع لمشاركة المرأة.
وكان وزير الثقافة والإعلام قد كشف في عرضه عن دور وزارته في خطة التحول الوطني (يونيو/ حزيران الماضي) أن وزارة الثقافة تعمل على إيجاد مدينة إعلامية، معتبرًا أن ما ينقصنا هو «وجود بيئة إعلامية متكاملة»، وأشار إلى أن وزارة الثقافة والإعلام «وضعت لها تسع مبادرات ضمن البرنامج، وشكلت مجموعات إشرافية لقياس الأداء، كي تضمن خلال العام القادم، والأعوام الخمسة القادمة أن تكون الوزارة بشقيها الثقافي والإعلامي قد حققت هذه الأهداف الاستراتيجية بنجاح».
وقال: «إن وزارة الثقافة والإعلام حددت خمسة أهداف رئيسة ضمن برنامج التحول الوطني 2020، من أبرزها، تعزيز الهوية الوطنية الثقافية، وإيجاد بيئة عمل صالحة للنشاطات الثقافية وتعزيزها، والاهتمام بالصناعة الإعلامية بوصفها من أهم الأشياء في العمل الإعلامي بالمملكة، لذلك كان التركيز على إيجاد مدينة إعلامية ومدينة إنتاجية لزيادة مستوى العمل الإعلامي والمحتوى المحلي داخل المملكة».
وتحدث عن المجمع الملكي للفنون، مشيرًا إلى أنه من المؤسسات التي يراد منها تعزيز الثقافة والفن في السعودية، وأحد أبرز أهدافها تعزيز الثقافة الوطنية، وإعطاء صورة للأجيال الشابة عن تاريخ المملكة، وتكون قادرة على نقل ثقافة السعودية إلى العالم الخارجي.
وتتجه الوزارة في نوفمبر (تشرين الثاني) لعقد مؤتمر الأدباء السعوديين الخامس، الذي يقام في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تحت عنوانه الرئيسي «الأدب السعودي ومؤسساته: مراجعات واستشراف ما بين (1400 - 1437هـ - 1980 - 2016م)».
وفي بيان صحافي أوضح الطريفي أن العنوان الرئيسي يشتمل على ستة محاور حول: الأدب السعودي في الدراسات الأكاديمية والمناهج الدراسية، والأدب السعودي والهوية والاستثمار الوطني، والأدب السعودي والأمن الفكري، وإبداع الشباب وقضاياه في الأدب السعودي، والأدب السعودي والطفل والمؤسسات الثقافية السعودية: الواقع والمستقبل.
وتعتبر الفنون عقدة البرامج الثقافية السعودية، وطالما واجهت ضغطًا اجتماعيًا عصيبًا للحّد منها وتقييد حركتها، ورسميًا فإن الاعتراف بالفنون بدأ متأخرًا حيث تأسست الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في العام 1973. وحصلت على ترخيص مؤقت عمره عام واحد، قبل أن تحصل على ترخيص رسمي في العام 1975 من الأمير فيصل بن فهد، تحت اسم الإدارة العامة لرعاية الشباب، وتم تعديل اسمها في عام 1978 ليصبح «الجمعية العربية السعودية للفنون والثقافة»، ثم تقرر تقديم كلمة «الثقافة» على كلمة «الفنون»، ليصبح الاسم كما هو الآن «الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون».
وتضم الجمعية 12 فرعًا تنتشر في مختلف مناطق ومدن المملكة، وبدأت بسبع لجان، وفي مرحلة زمنية كانت تضم لجنة اسمها «لجنة الإنشاد»، إلى جانب لجان تضم الفنون المسرحية، والتشكيلية، والفنون الشعبية، والموسيقى والغناء، ومنذ العام 2006 تضم لجانا متنوعة هي: لجنة الفنون المسرحية، ولجنة الفنون التشكيلية، والخط العربي، ولجنة التراث والفنون الشعبية والموسيقية، ولجنة التصوير الضوئي واللجنة النسائية.
وفي صورة المشهد الثقافي السعودي فإن المسرح الذي يُعتبر «أبو الفنون» ظل يشتكي عقودًا من الضياع والافتقار إلى بنية تحتية، وإلى جحود اجتماعي، وتعامل الفرق المسرحية باعتبارها مناشط هامشية في الحياة الثقافية، وظلت الثقافة المسرحية تشتكي من فرز اجتماعي لا يتقبل الصورة التعبيرية للفن المسرحي، خاصة إذا اقترن المسرح بأدوات عرض تتناقض مع الثقافة السائدة، بل إن مفهوم المسرح الشعبي ظلّ محدودًا ومحصورًا، ونما هذا الفن ضمن النشاط المدرسي والجامعي، وداخل قاعات مغلقة لجمعيات الثقافة والفنون، كما لم يتصالح المسرح بعد مع المرأة.
ورغم أن المسرح العربي تأسس قبل نحو 150 عامًا على يد مارون النقاش (1817 ـ 1855) الذي قدم أول مسرحية عربية عام 1847 في بيروت حملت اسم «البخيل»، فإن هذا الفن احتاج لأكثر من قرن حتى يتبرعم وينمو ببطء في المملكة العربية السعودية.
فقد شهدت الخمسينات أول بوادر التجربة المسرحية السعودية، حين أسس أحمد السباعي مسرح قريش في مكة المكرمة، واختار مسرحية «صقر قريش» لتعرض في ليلة الافتتاح، وتعرضت هذه التجربة للإجهاض قبل أن ترى النور.
في السياق التاريخي التوثيقي بدأت ما يمكن اليوم تسميتها «مجازًا» الحركة المسرحية السعودية مع تأسيس المملكة، من خلال تقديم مسرحيات تاريخية ودينية، تعتمد في نصوصها على الكتب المدرسية مثل مسرحيات «صلاح الدين» و«عبد الرحمن الداخل»، و«القناعة»، و«عاقبة الطمع»، وهي المرحلة الأولى التي امتدت حتى عام 1373هـ.
ومر المسرح السعودي بمرحلة أخرى منذ عام 1384هـ ـ حتى 1391هـ، وهي الفترة التي شهدت مسرحيات للكبار والصغار وكانت تركز على الدروس الاجتماعية ذات التراكيب الدرامية الترويحية مثل مسرحيات «الغواص»، و«لك يوم يا ظالم»، و«حرام حرام»، وكانت تقدم عن طريق المدارس والأندية. وتمتاز هذه الفترة ببروز مسرحيات من تأليف الكتاب السعوديين.
المرحلة الثالثة، وتمتد من عام 1392هـ وحتى اليوم، وقد بدأت باحتفالات الأندية الرياضية والمدارس على مستوى مناطق المملكة واختيار المسرحيات الناجحة ودمج بعضها للدخول في مسابقات الفنون المسرحية، وتميزت بتركيز شديد من الأندية والمدارس على مسرح الطفل والشباب، وقد برز من كتاب تلك الفترة: عبد الله حسن ومحمد الحمد وإبراهيم خميس وعبد الرحمن المريخي ومحمد رجب وناصر المبارك وعلي المصطفى.
وفي هذا السياق ظّلت المدارس والأندية تمثل الانطلاقة الأولى للمسرح، واعتبر التمثيل وبعده الفنون الإبداعية المتعلقة به كالتأليف والإخراج من أدوات الأنشطة الطلابية أو أنشطة الفرق الفنية التابعة للأندية، ولم تكن هذه التجارب واهنة دائمًا فقد برزت عدة مسرحيات منها «سبع صنايع والبخت ضايع»، و«البحث عن الكنز» وهما لعبد الله حسن، و«ليلة النافلة»، و«قرية اسمها السلام» لعبد الرحمن المريخي.
وفي عام 1400هـ برزت الجمعية العربية للثقافة والفنون وعرضت مسرحية «بيت من ليف» لناصر المبارك، و«الحل المفقود» لعبد الرحمن المريخي، في المنطقة الشرقية، ومسرحية «كان هنا بيتنا» لمحمد خضر، و«حضارة الإسلام» لمحمد سليمان الشايقي، و«من يكمل الثاني» لمحمد عريف في المنطقة الغربية.
كذلك وقع الفن السابع (السينما) في سياق الجدل بين التيارات الاجتماعية والدينية في السعودية، مما أدى لتعثر ولادة تجربة سينمائية متكاملة رغم النشاط المحموم للفنانين والمثقفين، ولم تكن السينما غائبة كما هي عليه اليوم، فقد عرفها الناس حتى مطلع العام 1980 من القرن الماضي، حيث كانت تتخذ مكانا لها في المدن الكبيرة كالظهران وجدة والطائف، وكان أهالي الشرقية وخاصة موظفي شركة أرامكو يتعرفون على الأفلام الأجنبية والبوليسية عبر صالتين للسينما في راس تنورة والظهران، وعرف الناس في جدة وعلى امتداد سنوات طويلة تناهز الأربعين عامًا، العروض السينمائية التي كانت تقدم في أكثر من عشرة مواقع للعرض بعضها لا يتعدى أحواش أو صالات وسط الأحياء السكنية، وقيل إن فؤاد جمجوم كان لديه محل خاص لتأجير أجهزة السينما في حي البغدادية سنة 1960.
وقد تميزت التجارب السينمائية الشبابية في السعودية، وبرزت من خلال المشاركات في الخارج، وتم تنظيم ثلاثة مهرجات للأفلام السعودية هدفت لتوطين صناعة الفنّ السابع وإيجاد حاضنات فنية ورسمية للمواهب الشابة في التمثيل والإخراج وكتابة السيناريو، ففي الدورة الأولى (2008) بلغ عدد الأفلام المشاركة نحو 58 فيلما. وفي الدورة الثانية (فبراير/ شباط 2015) بلغ عدد الأفلام المشاركة 66 فيلما، و34 سيناريو، وكان لافتًا حضور الفتيات السعوديات في تلك المسابقة، حيث حصلت ثلاثة أعمال لشابات سعوديات على الجوائز. وفي الدورة الثالثة (24 مارس/ آذار 2016) تقدم 70 فيلما موافقة للشروط، من بينها 45 فيلما تعرض للمرة الأولى، ومن بين 55 سيناريو عرضت على لجنة تحكيم السيناريو؛ ترافعت اللجنة بحماس عن أكثر من 10 سيناريوهات تستحق الفوز بأكثر من جوائز ثلاث.
مجمع ملكي وأكاديمية للفنون تضخان الحياة في شريان الثقافة السعودية
ضمن حزمة مشاريع لمواكبة خطة التحول الوطني 2020
مجمع ملكي وأكاديمية للفنون تضخان الحياة في شريان الثقافة السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة