جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

المتاحف خالية من لغة «الضاد»

قرأت أخيرا أن المتحف البريطاني تعدى متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، الذي يعتبر ثاني أهم معلم ثقافي في العالم بعد متحف اللوفر في باريس، نعم تعداه من حيث عدد الزوار.
المعروف عن لندن بأنها عاصمة ثقافية بامتياز وتضم ثلاثة من بين أهم عشرة متاحف في العالم مثل "ناشونال غاليري" وتايت مودرن" والمتحف البريطاني".
وذكر تقرير صدر أخيرا بأن عدد زوار المتحف البريطاني وصل الى أكثر من ستة ملايين زائر العام الماضي. ولأكون أكثر دقة زار المتحف ستة فاصل سبعة ملايين زائر، ولكن كم عدد الناطقين بلغة الضاد الذين زاروا المتحف ؟ للاسف أنا لا أملك الجواب ، لأنه لم يتم رصد العرب الذين يزورون المتاحف في بريطانيا وغيرها من البلدان التي تزخر بالمعالم الثقافية ، وقد يكون السبب هو أنه ليست هناك حاجة لذلك لأنه من المعروف عن غالبية السياح العرب بأنهم يعانون من "حساسية المتاحف"، فذكر كلمة متحف أمام بعض أصدقائنا من منطقتنا العربية أشبه بحساسية الربيع أو الربو أو حتى الحساسية على الدقيق، وقد تكون تلك الأنواع من الحساسية أسهل من حساسية المتاحف لأنها توجد لها حلول عديدة، فالربو له دواء وحتى الذين يعانون من مشكلة "الغلوتين" عندهم الحل، ولكن لم يوجد بعد الحل لأصدقائنا العرب الذين لا يأبهون لزيارة المتاحف.
كلمة "متحف" هي صفة ملاصقة للملل وكل ما هو قديم ورث وعتيق في بلداننا، والمشكلة هي أن هؤلاء حكموا على المتحف بالإعدام قبل سماع أقواله وامكانية الدفاع عن نفسه، فزيارة المتاحف وغاليريهات الفن في بريطانيا هي بالفعل متعة تغذي العين والروح وتثقف العقل وتعرفه الى حضارات غابرة كانت أذكى منا، المتاحف الكبرى مثل المتحف البريطاني متجددة دائما، ولم يتوقف بها الزمن وتعاني فيها عقارب الزمن من الصدأ، ففي كل مرة تزور بها المتحف تتعرف الى شيء جديد لأن هذه المتاحف تستضيف معارض خاصة لقطع لم تعلن للملأ من قبل، فأجمل ما تعرفت اليه منذ بضعة أشهر كانت رؤية بقايا مدينة بومبيي الايطالية التي لا تزال تشكل لغزا تاريخيا كبيرا، واليوم يستضيف المتحف معرضا خاصا بالقراصنة الاسكندنافيين، وثماني مومياوات وثماني قصص، وخمسين سنة غيرت الصين..
المتحف هو أكثر من مستودع لحفظ الحاجيات القديمة والآثار، إنه فرصة لتمضية وقت مفيد في أجواء جميلة وسياحية. المتاحف فيها حدائق ومطاعم ونشاطات تفاعلية تثقيفية تستفيد منها العائلات والصغار.
قد يكون الحل الوحيد لجذب العرب الي زيارة المتاحف عن طريق مقهى يقدم الشيشة، لأن غالبيتهم يقطعون آلاف الأميال للمجيء الى لندن للتوجه مباشرة من المطار الى "إدجوير رود" شارع العرب حتى لا يتغير عليهم المشهد.