بعد غياب استمر لأكثر من مائة عام، عاد النمر القوقازي المرقط من السلالة الفارسية، إلى موطنه في غابات القوقاز. ومثلما كان الإنسان المسبب الأول لاختفاء هذا النوع من النمور من تلك المنطقة، فإن الإنسان وبعد أن أدرك فداحة وخطورة «الجريمة» التي ارتكبها بحق الطبيعة، عاد ليصلح ما اقترفت يداه، وساهم في عودة النمر إلى موطنه، حيث أعلن مركز مدينة سوتشي الخاص بإعادة تأهيل الطبيعة في منطقة القوقاز عن إطلاق ثلاثة نمور قوقازية مرقطة في أراضي المحمية الطبيعية هناك. وتؤكد وزارة البيئة الروسية أن هذه الخطوة سابقة من نوعها بالنسبة للنمور القوقازية.
وتنقل وكالة تاس عن وزارة البيئة الروسية قولها إن «النمور القوقازية كانت حتى منتصف القرن العشرين تنتشر بصورة واسعة في القوقاز، حيث شغلت بصورة رئيسية كل المناطق الجبلية هناك. إلا أنه ومع الخمسينات من القرن الماضي أخذت أعداد هذا الحيوان النادر تتراجع بسرعة، وفي بعض المناطق تم القضاء عليها بصورة نهائية على أيدي الإنسان».
أما النمور التي تم إطلاقها في موطنها الأصلي مجددًا، فقد ولد اثنان منهما عام 2013 في مركز سوشتي لإعادة تأهيل نمور القوقاز، وهو مركز تم تأسيسه عام 2009 بدعم من الصندوق الروسي للطبيعة، والنمران هما: الأنثى فيكتوريا، والذكر آخون، أما النمر الثالث واسمه سندباد فقد حصل عليه مركز سوتشي عام 2015 من حديقة باريس للقطط، وكان يبلغ من العمر حينها عامين فقط.
وعلى الرغم من أهمية الخطوة، فإنها ما زالت غير كافية للحديث عن عودة النمر المرقط القوقازي إلى موطنه وتكاثره من جديد هناك، ويقول إيغور تشيستين، مدير صندوق البيئة الروسي، إن «عودة السلالة (المستقرة) إلى المنطقة، أي توفر القدرة للتكاثر ضمن ظروف الموطن الأصلي تتطلب على أقل تقدير أن يعيش في المنطقة 50 نمرًا بمتوسط العمر»، مؤكدًا أن «هذا هو الهدف الذي ستواصل المنظمة عملها لتحقيقه»، وأنها «مستعدة لإطلاق ما لا يقل عن ثلاثة نمور سنويًا في تلك المحمية في القوقاز، الأمر الذي سيساعد على إعادة السلالة إلى موطنها بشكل تام ومناسب لتكاثرها خلال فترة لا تزيد على عقد من الزمن»، حسب قوله.
وحرصًا على تفادي «أخطاء الماضي» ولحماية تلك الحيوانات المفترسة من «وحشية الإنسان» في تعامله مع الطبيعة، ستخضع النمور التي تم إطلاقها لرقابة صارمة عبر كاميرات الفيديو. وللمراقبة لمسافات بعيدة تم ربط أجهزة خاصة على اتصال بالأقمار الصناعية بكل نمر من النمور، التي يأمل القائمون على المشروع بأن تنجح في التأقلم بسرعة مع بيئتها الطبيعية، لا سيما وأنه تم تحضير المنطقة بالشكل الذي يساعد على ذلك. إذ تم إطلاق أعداد إضافية من الحيوانات «ذوات الحوافر» آكلة العشب في تلك المنطقة، وهي بدورها من الحيوانات التي تشكل صيدًا ووجبة مفضلة للنمر القوقازي.
أخيرًا تجدر الإشارة إلى أن برنامج إعادة تأهيل السلالات النادرة من الحيوانات في الغابات الروسية، لا سيما برنامج إعادة تأهيل النمر القوقازي من السلالة الفارسية وُضع عام 2005، بالتعاون بين الصندوق الروسي لحماية الطبيعة وأكاديمية العلوم الروسية، وفي عام 2007 وافقت وزارة البيئة الروسية على البرنامج، وفي عام 2009 أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن دعمه لذلك البرنامج. ومنذ ذلك الحين باشر المختصون على تهيئة المحمية بما يتناسب مع خطة العمل، ويأملون الآن في أن تكلل جهودهم بالنجاح، وذلك حين أطلقوا أول ثلاثة نمور في تلك المحمية. وسيكون لهذا المشروع بحال نجاحه أهمية، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن النمر القوقازي المرقط من السلالة الفارسية ومدرج حاليًا في الكتاب الأحمر للحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض.
7:49 دقيقة
النمر المرقط يعود إلى غابات القوقاز بعد غيابه 100 عام
https://aawsat.com/home/article/694956/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%82%D8%B7-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D9%87-100-%D8%B9%D8%A7%D9%85
النمر المرقط يعود إلى غابات القوقاز بعد غيابه 100 عام
ضمن برنامج يهدف لإنقاذ ما خربه الإنسان
- موسكو: طه عبد الواحد
- موسكو: طه عبد الواحد
النمر المرقط يعود إلى غابات القوقاز بعد غيابه 100 عام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة