ليلة مرعبة في تركيا تنتهي بفشل الانقلابيين.. وإردوغان: نثق في جيشنا

الرئيس التركي اتهم غريمه غولن بمحاولة الانقلاب وطالب واشنطن بتسليمه لمحاكمته * توقيف مئات العسكريين والقضاة * جلسة طارئة للبرلمان وأحزاب المعارضة تدين الانقلاب

مؤيدون للرئيس إردوغان يحملون صورته في شوارع أنقرة  ابتهاجا بفشل الانقلاب (رويترز)
مؤيدون للرئيس إردوغان يحملون صورته في شوارع أنقرة ابتهاجا بفشل الانقلاب (رويترز)
TT

ليلة مرعبة في تركيا تنتهي بفشل الانقلابيين.. وإردوغان: نثق في جيشنا

مؤيدون للرئيس إردوغان يحملون صورته في شوارع أنقرة  ابتهاجا بفشل الانقلاب (رويترز)
مؤيدون للرئيس إردوغان يحملون صورته في شوارع أنقرة ابتهاجا بفشل الانقلاب (رويترز)

عاش الأتراك ليلة مرعبة، مساء أول من أمس، ربما سيذكرونها على مدى سنوات وعقود، بعد محاولة انقلاب فاشلة، لم تستغرق سوى ساعات.. مرت أحداثها متلاحقة شديدة الإثارة، كما لو كانت أحد أفلام الرعب السينمائية، عاشوا خلالها مع دوي الطلقات وأزيز الطائرات، وأصوات مركبات الجيش التي ملأت الساحات.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي غاب لساعات وظهر مرة أخرى، اتهم بشكل مباشر أتباع خصمه اللدود فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة منذ تسعينات القرن الماضي، بمحاولة الانقلاب الفاشلة، مشيرا إلى أن غولن استغل أتباعه في القضاء والجيش للإطاحة بالحكومة. وقال: «أقلية من منتسبي الكيان الموازي (المقصود به حركة الخدمة التي يتزعمها غولن) تمكنوا خلال السنوات الـ40 الماضية من التسلل إلى قواتنا المسلحة وتشكيلاتنا الأمنية وهم مجموعة لم تستسغ وحدة بلدنا وسلامتها وتكاتفها»، مشيرًا إلى أن «ما حدث يظهر أن حركة غولن عبارة عن تنظيم إرهابي مسلح». وشدد إردوغان على أن المسؤولين عن الانقلاب سيدفعون ثمنا باهظًا، قائلا: «تركيا لم تعد مثلما كانت في الماضي». ودعا إردوغان الولايات المتحدة إلى تسليم غولن إلى تركيا لمحاكمته. وقال إردوغان «إننا نطلب من الولايات المتحدة تسليم غولن»، الذي ينسب إليه إردوغان إنشاء كيان مواز في إشارة إلى حركة الخدمة المتغلغلة في المجتمع التركي. وقال إردوغان متحدثا عقب السيطرة على الانقلاب العسكري وإجهاضه إن «الجيش التركي هو جيشنا، وليس جيش الكيان الموازي». وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن أمس استعداد واشنطن لتسليم غولن لتركيا إذا قدمت أدلة على إدانته في تدبير محاولة الانقلاب العسكري، قائلا إنه يعرف أن هذا الموضوع سيثار وسيجري الحديث عنه ونحن لا نمانع في التعاون مع تركيا في تحقيقات محاولة الانقلاب لكن يجب أن تقدم الأدلة اللازمة لتسليم غولن.
وقالت مصادر عسكرية لوكالة أنباء «الأناضول» إن الذي خطط للانقلاب العسكري هو المستشار القانوني لرئيس الأركان التركية، العقيد محرم كوسا الذي أقيل من منصبه. وأوضحت المصادر أن ضباطًا وعسكريين، وقفوا إلى جانب كوسا في الانقلاب، منهم العقيد محمد اوغوز أككوش، والمقدم دوغان أويصال والرائد أركان أجين، لافتة إلى أن قوات الأمن التركية اعتقلت 13 عسكريًا من منفذي الانقلاب بينهم 3 ضباط أثناء محاولتهم اقتحام المجمع الرئاسي في العاصمة التركية. وذكرت وكالة الأناضول أن محاولة الانقلاب خلفت 90 قتيلا و11154 جريحا.. وتحدثت عن مقتل 17 شرطيا في أنقرة بينما أفادت قناة «إن تي في» بأن مقاتلة تركية من طراز «F16» أسقطت مروحية كانت تقل عددا من العسكريين الأتراك المؤيدين للانقلاب. وألقت السلطات القبض على قائد الجيش الثالث الجنرال أردال أوزتورك، مشيرة إلى أنه سيواجه تهمة الخيانة بعد محاولة الانقلاب. وقال مسؤول بأن أوزتورك تورط في مؤامرة الانقلاب. ووصفته محطات تلفزيونية بأنه قائد الجيش الثالث الذي يقع مقره في إسطنبول.
وفور فشل المحاولة شنت السلطات حملة اعتقالات في صفوف الجيش والقضاء طالت المئات، فيما عقد البرلمان جلسة طارئة، أكد فيها رئيس الوزراء علي يلدريم، فشل المحاولة الانقلابية وهنأ الشعب على وقفته بجانب الشرعية الحاكمة. كما شكر أحزاب المعارضة ومؤيديهم الذين تصدوا لمحاولة الانقلاب، مشيرا إلى أن هزيمة الانقلاب تمثل «عيدا لديمقراطيتنا». وقال يلدريم «أشكر كل مواطن تركي نزل للشوارع للدفاع عن الديمقراطية. أنا فخور للغاية لكوني جزءا من هذه الأمة». وأكد يلدريم أن الوضع أصبح تحت السيطرة إلى حد كبير، وأن محاولة الانقلاب على الحكومة قام بها مجموعة من المتمردين من أتباع فتح الله غولن فشلت، لكن حركة الخدمة المقربة من غولن نفت أي علاقة لها بهذا الأمر. وقال يلدريم إنه «تم فرض حظر طيران في سماء العاصمة أنقرة، وسيتم إسقاط جميع الطائرات والمروحيات التي تحلق في سماء أنقرة فوق مباني جهاز المخابرات العامة والبرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء». وأكد أن جميع قادة الجيش وقادة الصف الثاني على رأس مهامهم، قائلا: «ونحن كذلك نتابع أعمالنا» وأن الأمور تتحسن مع كل لحظة تمر، وتم اعتقال أكثر من 130 انقلابيًا، مطالبًا المواطنين بالصبر وعدم ترك الميادين. وأفاد مسؤول تركي بأنه تم إلقاء القبض على 1563 عسكريا في جميع أنحاء تركيا إثر قيام عسكريين بمحاولة انقلاب استخدموا خلالها دبابات ومروحيات هجومية كما أغلقوا بعض الجسور وسيطروا على بعض المحطات الإعلامية.
ودانت الأحزاب الأربعة الرئيسية في تركيا محاولة الانقلاب العسكري في بيان مشترك تلي بالبرلمان أمس فيما يمثل ابتعادا عن المشهد المعتاد للانقسامات في السياسة. ودعا زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو الشعب التركي إلى اتخاذ موقف موحد ضد المحاولة الانقلابية. وقال: «يتعين على المواطنين اتخاذ موقف موحد وحازم ضد المحاولة الانقلابية كما وقفوا صفا واحدا ضد الإرهاب»، مشيرا إلى أن «تركيا عانت في السابق من آثار الانقلابات، وعملت طويلا لتعزيز الديمقراطية». وأكد أن حزبه «سيبقى ملتزما بالإرادة الحرة للمواطنين، والتي تعد من أسس الديمقراطية البرلمانية»، مضيفا: «هذا الالتزام من أولويات ومبادئ حزبنا وأنصاره وكوادره والحفاظ على الديمقراطية من مهماته». وقال: إنه تواصل مع يلدريم ورئيس البرلمان إسماعيل كهرمان، وأكد لهما «التزام حزبه بمبادئ الديمقراطية التي قامت عليها الجمهورية التركية». من جانبه تحدث دولت بهشلي، رئيس حزب الحركة القومية، مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم بعد أنباء الانقلاب، مؤكدًا دعم حزبه للديمقراطية والإرادة الحرة للشعب.
وقال مستشار العلاقات العامة في جهاز المخابرات التركية نوح يلماظ إن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها في تركيا وإنه تم إجهاض محاولة انقلاب مجموعة محدودة في الجيش التركي وإن قوات الأمن التركية سيطرت على المواقع الحساسة في البلاد وأكد أن الحياة عادت إلى طبيعتها في صفوف جهاز المخابرات وأن الشعب حال دون الاستيلاء على مؤسسات الدولة. ومن جانبه دعا الرئيس التركي السابق عبد الله غل الجيش إلى «التراجع عن خطئه» وقال في مداخلة تلفزيونية عبر الهاتف إن أي جندي شريف لا يمكن أن يقبل بالخيانة. وقال مسؤول تركي كبير إن الفصيل العسكري الذي حاول قلب نظام الحكم سيطر على بعض الدبابات وأمر قواته بمحاولة السيطرة على الشوارع، لكنه عجز عن فعل ذلك في مناطق كثيرة.
وأكد قائد الجيش الأول في تركيا وهو جزء من القوات البرية المسؤول عن إسطنبول ومناطق في غرب البلاد إن من قاموا بمحاولة الانقلاب فصيل صغير وإنه «لا يوجد مبرر للقلق».
وقال قائد القوات البحرية التركية الأميرال بوسطان أوغلو: نرفض بكل تأكيد التحركات العسكرية كافة في مدينتي أنقرة وإسطنبول.
وذكر قائد القوات الخاصة التركية الجنرال زكائي أكسكالي أن مجموعة تورطت في خيانة ولن تنجح، ونحن في خدمة الشعب، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة لن تتغاضى عن هذه الأفعال.
وخرج مواطنون أتراك إلى شوارع العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول بالآلاف بعد إعلان الجيش ليل الجمعة استيلاءه على السلطة.
من جهته أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمس، أن نظيره اليوناني، نيكوس كوتزياس، أبلغه بأن أثينا ستعيد لأنقرة العسكريين الثمانية الذين فروا إليها عقب محاولة الانقلاب أول من أمس الجمعة. وعبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال جاويش أوغلو: «أبلغني وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس، خلال محادثة هاتفية، أنهم سيعيدون 8 خونة فروا إلى اليونان بأسرع وقت» مضيفا أن هؤلاء الفارين «لن ينجوا».
وكانت مروحية تركية حطت صباح أمس السبت في مطار الكساندربولي اليوناني القريب من تركيا وعلى متنها ثمانية عسكريين بزيهم الرسمي من القوات الجوية وطلبوا اللجوء السياسي إلى اليونان، ووفقا للمعلومات فإنهم ضمن القادة الذين خططوا للانقلاب، ووفقا للسلطات اليونانية فإن المروحية كانت تحلق في المجال الجوي التركي وفجأة دخلت المجال الجوي اليوناني وطلبت الهبوط، ولم تقدم مسبقا خريطة هبوط في اليونان، مما أدى إلى إقلاع مقاتلتين يونانيتين من طراز إف 16 واقتادتها للهبوط بأمان في المطار اليوناني ومن ثم اقتياد العسكريين إلى مقر الشرطة حيث طلبوا اللجوء السياسي. وكان رد هيئة الأركان اليونانية سريعا وشددت على ضرورة إعادتهم إلى تركيا على متن طائرتهم، فيما ذكرت المتحدثة باسم الحكومة اليونانية أولغا جيروفاسيلي أن هؤلاء متورطون في بلادهم وسوف يتم اتخاذ اللازم وفقا للقانون الدولي لإعادتهم.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.