تيريزا ماي في اسكوتلندا تأكيدًا لتمسكها بوحدة بريطانيا

أبدت تخوفها من استفتاء آخر على انفصالها وتفكك المملكة المتحدة

تيريزا ماي مع نيكولا ستيرجن في إدنبره أمس (أ.ف.ب)
تيريزا ماي مع نيكولا ستيرجن في إدنبره أمس (أ.ف.ب)
TT

تيريزا ماي في اسكوتلندا تأكيدًا لتمسكها بوحدة بريطانيا

تيريزا ماي مع نيكولا ستيرجن في إدنبره أمس (أ.ف.ب)
تيريزا ماي مع نيكولا ستيرجن في إدنبره أمس (أ.ف.ب)

ربما من أكثر تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو إمكانية انفصال اسكوتلندا عنها، والذي وصف سابقا، عندما نظمت الأخيرة استفتاء في سبتمبر (أيلول) 2014، أن نجاحه قد يعني تفكك المملكة المتحدة، إلى دويلات صغيرة. خروج اسكوتلندا، يعني أن المملكة المتحدة ستخسر ترسانتها النووية، التي تتخذ من المياه الاسكوتلندية مقرا لها، وبالتالي ستخسر مكانتها في نادي الدول النووية، ومكانتها الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، وأخيرا وليس آخرا صوتها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهذا ما نبه إليه رئيس الوزراء الأسبق جون ميجر.
تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا التي نصبت قبل ثلاثة أيام تعرف هذه الأخطار جيدا. وتعرف أن انفصال اسكوتلندا في 2014 كان قاب قوسين أو أدنى. وصوتت اسكوتلندا بكثافة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، وتقول خروج بريطانيا أخل بالعلاقة بين لندن وإدنبره، ولهذا فإن إجراء استفتاء آخر على الانفصال عن الاتحاد الذي يجمعها مع إنجلترا وويلز وشمال آيرلندا، وعمره أكثر من 300 عام، واجبا ودستوريا.
أمس قامت تيريزا ماي بزيارة اسكوتلندا في أول جولة لها كرئيسة لوزراء بريطانيا، مؤكدة مساعيها الحفاظ على وحدة المملكة المتحدة.
ووصلت ماي إلى إدنبره بعد ظهر أمس الجمعة لإجراء محادثات مع رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا ستورجن، زعيمة الحزب الوطني الاسكوتلندي التي كانت قد هددت بإجراء استفتاء جديد حول استقلال اسكوتلندا بعد الصدمة التي أحدثها اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتولت ماي منصبها يوم الأربعاء بعد استقالة ديفيد كاميرون من رئاسة الحكومة في أعقاب الاستفتاء.
نتيجة الاستفتاء أحدثت صدمة في أنحاء العالم وأثارت مخاوف من انكماش اقتصادي، واحتمال استبعاد بريطانيا من السوق الأوروبية، وهو ما يثير قلقا بشكل خاص لدى ستورجن.
ودعم الناخبون الاسكوتلنديون بغالبية ساحقة البقاء في الاتحاد الأوروبي، وترى الزعيمة الوطنية ستورجن ذلك أرضية محتملة لتصويت آخر على الاستقلال. وأكدت ستورجن مع تولي ماي مهامها «بريكست لا تعني بريكست لاسكوتلندا لأن اسكوتلندا لم تصوت لصالح بريكست».
وبسرعة توجهها إلى إدنبره تعتزم ماي التأكيد على دعمها القوي للوحدة ولإبقاء إدارة ستورجن منخرطة في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بحسب المتحدث باسم داونينغ ستريت. قالت ماي في بيان: «أؤمن من كل قلبي بالمملكة المتحدة».
وأضافت: «هذه الزيارة إلى اسكوتلندا هي الأولى لي كرئيسة وزراء، ومجيئي إلى هنا لإظهار التزامي المحافظة على هذا الاتحاد الخاص».
وقالت ماي: «أريد أن أقول شيئا آخر لشعب اسكوتلندا أيضا وهو أن الحكومة التي أقودها سوف تقف دائما في جانبكم». وأضافت: «في كل قرار نتخذه وكل سياسة ننتهجها، سوف ندعمكم وعائلاتكم، وليس فقط الأغنياء والأقوياء وأصحاب النفوذ». وتعهدت ستورجن رئيسة الحزب الوطني الاسكوتلندي بالعمل للحفاظ على علاقة اسكوتلندا مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه.
في استفتاء 23 يونيو (حزيران) صوت 52 في المائة لمغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن في اسكوتلندا اختار 62 في المائة البقاء. وقالت ستورجن «لدينا ربما آراء مختلفة حول ما يمكن أن يحصل الآن فيما يتعلق بتصويت بريكست». وقالت لمحطة «إس تي في» التلفزيونية: «واجبي السعي للحفاظ على مصالح اسكوتلندا».
وقال ديفيد مونديل وزير شؤون اسكوتلندا في الحكومة البريطانية أمس الجمعة إنه يتعين على إدنبرة ألا تدعو إلى استفتاء ثان بشأن الاستقلال بعد تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال مونديل لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «بالتأكيد قد يكون هناك استفتاء ثان على الاستقلال لكن القضية الكبرى هي هل يجب أن يكون هناك استفتاء ثان على الاستقلال». ومضى مونديل قائلا: «موقفي واضح أنه يجب ألا يكون هناك استفتاء، وسأستمر في الدفاع عنه بحماس من أجل الفوائد التي تحصل عليها اسكوتلندا من بريطانيا».
نيكولا ستيرجن زارت بروكسل بعد يوم من الاستفتاء لشرح موقف اسكوتلندا للمسؤولين في الاتحاد الأوروبي، والتقت قيادة الاتحاد الأوروبي. وقال ستيرجن: «لقد صوتت اسكوتلندا بشكل واضح لصالح البقاء وأنا عازمة على توصيل صوت اسكوتلندا»، بعدما صوت أكثر من 60 في المائة من الناخبين الاسكوتلنديين لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي. وأضافت: «النتيجة أصابتني بخيبة أمل عميقة وقلق.. أنا عازمة تماما على حماية مكان اسكوتلندا في الاتحاد الأوروبي».
اسكوتلندا لن تتمكن من الدخول في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي منفردة، لأنها جزء من بريطانيا. وعليها أن تنفصل أولا قبل أن تتقدم بطلب العضوية للاتحاد. وهناك عقبات أخرى تواجهها اسكوتلندا مع أوروبا، وهي الفيتو الإسباني. إسبانيا لا تريد إيجاد سوابق من هذا النوع، خوفا من الانفصاليين الكاتالونيين، الذين يطالبون أيضا بالانفصال عن إسبانيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».