مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

العراق والصراع غابرًا وحاضرًا

من قال إن التاريخ لا يعيد نفسه، ليته يرى ما يجري اليوم في العراق، مثلا.
في العراق، تجد صراعا واضحا، فيه حساسيات طائفية لا يمكن المغالطة فيها، واضحة لكل ذي عينين. ومقاطع الفيديو تشهد بالصوت والصورة على انفلات الغرائز الطائفية الحاقدة، من كل حدب وصوب.
كان خطأ السنة في العراق التهاون مع الزرقاوي وعصابته القاعدية من قبل، الذين اختطفوا المعركة الوطنية العراقية، ولوثوها بالشعارات الطائفية الحاقدة ضد كل الشيعة العراقيين، بما هم شيعة، وحتى ولو كان ذلك الفرد الشيعي العراقي، علماني النزعة وطني الهوى.
صحيح أن جلَّ السنة في العراق كانوا ضد ثقافة الزرقاوي ثم البغدادي، هذا لا ريب فيه، ولكن لم يصل صوت هؤلاء، بسبب غباء الإدارة الأميركية للعراق، المدفوع ببعض نصائح الخبراء في واشنطن للتحول نحو الإسلام الإيراني، وهو ما كشفه بجلاء الرئيس أوباما.
بالنسبة للحكام الجدد في بغداد، من الجعفري للمالكي وحتى للعبادي، وأسوأ هؤلاء طبعا هو المالكي، فإن القرار هو لصالح إيران، ولرعاية الجماعات الشيعية التي تعمق الحقد الطائفي، ممثلة بجرائم الحشد الشعبي، وقادته، العامري والمهندس.
الجسد العراقي مريض، ولذا هو عرضة لصراع الإرادات الدولية والإقليمية، ونزاع الشيعة والسنة جسر يعبر عليه صراع الإرادات الخارجية هذه.
هذا بحاضر العراق، فهل هذا جديد، أم له تاريخ؟
بعد جولات كر وفر بالصراع الصفوي العثماني على العراق، وبعد استغاثة سنة العراق من طغيان الشاه الصفوي وأتباعه على أهل السنة، قاد سليمان القانوني حملة كبيرة على العراق لتحريره سنة 1533م تمكن فيها بحلول 1534م من الاستيلاء على العراق، ومكث السلطان العثماني أشهرا بالعراق لترتيب أموره، وتسكين التوتر بين الشيعة والسنة، لذلك زار مقامات الشيعة وأضرحة آل البيت، وأوقف عليها الأوقاف الكبيرة، وفعل الشيء نفسه، طبعا، مع سنة العراق.
فعل ذلك بأمل إزالة بيئة التوتر بين السنة والشيعة، وبهدف إراحة السلطة العثمانية من صداع العراق، وتهديد المنافس الصفوي، المستغل، هو بدوره، سياسيا، للمشاعر الطائفية، من أجل استغلال العراق.
لاحقا سقط العراق بيد الشاه الصفوي عباس1623م. ثم تمكن السلطان العثماني مراد الرابع من استرداد العراق 1638م.
استمرت الحروب بين نادر شاه (حاول بدوره التقرب للسنة) وبين العثمانيين من 1543 حتى 1547م. بوضع حدود النفوذ الجغرافي بين «العجم» و«الروم». شاملة العراق وغيره من الربوع العربية. (للاستزادة ينظر: تاريخ العرب الحديث والمعاصر. عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم).
من قال إن التاريخ لا يكرر نفسه؟ بل يفعل، بصورة أبشع، وأغبى.

[email protected]