دعا رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون النواب، أمس، إلى «الاتحاد ضد الكراهية التي قتلت» زميلتهم العمالية جو كوكس، وذلك في تكريم الضحية في البرلمان قبل ثلاثة أيام من الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وقال كاميرون أمام البرلمان الذي عقد جلسة استثنائية: «فلنكرّم ذكرى جو عبر الإثبات أن الديمقراطية والحرية اللتين ناضلت من أجلهما راسختان، وعبر مواصلة النضال من أجل ناخبينا وعبر اتحادنا ضد الكراهية التي قتلتها».
من جانبه، دعا زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن، الذي وضع وردة بيضاء على بدلته أسوة بجميع النواب، إلى أن تكون الحياة السياسية «أكثر تسامحا». وقال في حضور زوج جو كوكس وطفليها (ثلاثة وخمسة أعوام) «نتحمل جميعا مسؤولية عدم تأجيج الكراهية أو زرع الانقسام».
في هذه الأثناء، أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة ميلا طفيفا نحو تقدم معسكر البقاء بعد اغتيال النائبة التي وصفتها بعض المنابر الإعلامية بـ«شهيدة أوروبا»، وعليه سجل الجنيه الإسترليني تحسنا ملحوظا صباح أمس، إذ تجاهلت الأسواق، أقله مؤقتا، مخاوفها من خروج بريطانيا. وسجّلت سوق لندن ارتفاعا قارب الثلاثة في المائة في منتصف تداولات أمس.
وعلّق جو باندل من «آي تي إكس. كابيتال» بأن مختلف الاستطلاعات «أظهرت تغيرا ملموسا لصالح معسكر البقاء.. ويبدو أن المستثمرين يتفاعلون مع هذه الأرقام». وأظهر أول استطلاع أجراه معهد «سورفيشن» بعد المأساة تقدّم معسكر البقاء بـ45 في المائة مقابل 42 في المائة لمعسكر الخروج، بينما كان الاستطلاع الأسبق قد أعطى نتيجة معاكسة تماما. كما يتبيّن من الاستطلاعات الستة الأخيرة أنّ معسكر البقاء يتساوى مع معسكر الخروج.
ومثل توماس ماير (52 عاما) القاتل المفترض لكوكس مجددا أمام محكمة «أولد بيلي» في لندن بعد ظهر أمس، وكان ماير، الموقوف في سجن بلمارش (جنوب شرقي لندن) الذي يخضع لحراسة مشددة، هتف عند مثوله للمرة الأولى أمام المحكمة السبت الماضي «الموت للخونة.. الحرية لبريطانيا». وأمرت القاضية بإخضاعه لفحص نفسي. وأثارت الجريمة صدمة عارمة في البلاد وتعليق حملة الاستفتاء لثلاثة أيام، ويتوقع المحللون أن تفرض أجواء من الهدوء على النقاش.
في سياق متّصل، خرجت المساعدة السابقة لوزير الخارجية، سعيدة وارسي، من معسكر الخروج بعد احتجاجها خصوصا على ملصق من حملة نايجل فاراج، زعيم حزب يوكيب المشكك بأوروبا، الذي شبّهه وزير المالية جورج أوزبورن بـ«الدعاية النازية في ثلاثينات القرن الماضي». وصرحت وارسي في مقابلة مع «تايمز» نشرت أمس: «هل نحن مستعدون لقول أكاذيب وبث الحقد ومعاداة الأجانب فقط لنكسب حملة؟ برأيي، لقد تمادينا كثيرا».
من جهته، حذّر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس، من أن المملكة المتحدة لن تتمكن من العودة إلى الاتحاد الأوروبي إذا خرجت منه، وتوقّع أن تكون نتائج التصويت في «معركة الاستفتاء» بين المعسكرين «متقاربة جدا».
وقال هاموند عند وصوله إلى اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في لوكسمبورغ: «إنه قرار لا رجعة فيه. إذا قرروا المغادرة، فلن تكون هناك عودة. لن يعود بإمكان بريطانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق، إلا بشروط غير مقبولة»، مثل الالتزام بالانضمام إلى منطقة اليورو أو إلى منطقة شنغن.
بدوره، قال رئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، أمس، إن الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجب أن يعتبر «مؤشرا تحذيريا» لباقي دول التكتل، مكررا دعوته البريطانيين إلى الإبقاء على عضويتهم.
وقبل ثلاثة أيام على توجّه البريطانيين إلى مراكز الاقتراع للتصويت على بقاء أو خروج بلادهم من الاتحاد، كتب توسك على «تويتر» أنه «مهما كانت نتيجة التصويت في بريطانيا، علينا أن نلقي نظرة عميقة على مستقبل الاتحاد. سيكون من الحماقة تجاهل مثل هذا المؤشر التحذيري». وأضاف: «أدعو المواطنين البريطانيين إلى البقاء معنا (..) نحن نحتاجكم. معا نستطيع أن نواجه تحديات المستقبل. ومن دونكم سيكون الوضع أصعب».
وعقب اجتماع في لشبونة مع رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا، حذر توسك كذلك من التبعات السياسية والجيوسياسية «التي لا يمكن التنبؤ بها» في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وصرّح في مؤتمر صحافي: «لا أشك في أن أعداءنا الداخليين والخارجيين سيحتفلون في حال كانت نتيجة الاستفتاء سلبية بالنسبة لنا».
وفي رسالة إلى صحيفة «ذي غارديان»، حذّر عشرة من حائزي جائزة نوبل للاقتصاد من أن خروج البلاد سيضع اقتصاد البلاد في وضع هش «لسنوات عدة»، ويمكن أن يؤدي إلى تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني الذي يبلغ 1.29 يورو حاليا.
وفي معسكر مؤيدي الخروج، كرّر الرئيس السابق لبلدية لندن بوريس جونسون في مقابلة مع صحيفة «ذي صن» أول من أمس، أن البريطانيين ليس لديهم ما يخشونه من الخروج، وأن أمامهم على العكس «فرصة فريدة لاستعادة زمام الأمور». في المقابل، أقر فاراج في مقابلة مع شبكة «آي تي في» أن معسكر الخروج «كان على خط دينامي حتى وقوع هذه المأساة الرهيبة»، ملمحا بذلك إلى أن هذا التقدم توقّف.
كاميرون وكوربن يكرمان «شهيدة أوروبا».. ومعسكر البقاء يتقدّم في الاستطلاعات
10 من حائزي جائزة نوبل للاقتصاد يحذرون من الخروج
كاميرون وكوربن يكرمان «شهيدة أوروبا».. ومعسكر البقاء يتقدّم في الاستطلاعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة