مع تراجع زخم العملية السياسية لحل الأزمة السورية، وتعثر مفاوضات جنيف التي قد يتضح مصيرها بُعيد الاجتماع المرتقب لمجموعة الدعم الدولية لسوريا، والذي يُعقد اليوم في العاصمة النمساوية فيينا، تنكب قوى المعارضة بالتنسيق مع عدد من الدول الداعمة لها على محاولة تشكيل جبهة شمالية موحدة مشابهة للجبهة الجنوبية، التي تضم معظم الفصائل المقاتلة في منطقة الجنوب السوري، بهدف تفعيل عملها العسكري، خاصة في ظل المعلومات التي تتحدث عن «توجه دولي لمد الفصائل بأسلحة ودعم نوعي».
وإن كانت معظم الفصائل ملّت الوعود الدولية بدعم عسكري «نوعي» لم يصل منذ 5 سنوات، وباتت ترفض التعاطي مع أي معطيات مماثلة بجدية حتى انطلاق الخطوات الفعلية في هذا الاتجاه، إلا أن صدور هذه المعلومات عن رياض حجاب، رئيس اللجنة العليا للمفاوضات السورية، والذي تحدث عن «توجه لتزويد كتائب المعارضة بأسلحة ودعم نوعي تحت إشراف دولي»، بالتزامن مع تعثر العملية السياسية، واجتماع ممثلين عن أربعة عشر فصيلًا من المعارضة، لبحثِ تشكيل جبهة شمالية موحدة على غرار الجبهة الجنوبية، كلها عناصر اجتمعت لتخلق نوعا من الحركة في صفوف قوى المعارضة، بعد مرحلة طويلة من الخيبة والرضوخ لـ«تلكؤ» المجتمع الدولي، وحتى التشكيك بتسليمه الملف السوري ككل لموسكو.
وفي هذا السياق، كشف أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في «الجيش الحر»، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجهود لتشكيل «الجبهة الشمالية» بدأت منذ نحو 4 أشهر، وبالتحديد مع انطلاق معركة نبل والزهراء، ودخول القوات الكردية على الخط، لافتا إلى أن «مهمة هذه الجبهة ستتركز بشكل أساسي، إلى جانب مواجهة قوات النظام والمجموعات التي تقاتل إلى جانبها، على استعادة الشريط الحدودي من (داعش) بدعم من التحالف الدولي وتركيا». وإذ رجّح العاصمي أن تُبصر هذه الجبهة النور قريبًا، على أن تضم ما بين 12 و14 فصيلا، اعتبر أن الدول التي تصنف بخانة «أصدقاء الشعب السوري»، وبعدما كانت تصر في وقت سابق على التسميات المتعددة للفصائل، رضخت اليوم لـ«الأمر الواقع»، بعدما استشعرت خطر «داعش». وأضاف: «لا شك أن المساعي لتشكيل الجبهة الشمالية تحظى بدفع ومباركة دولية وضوء أخضر أميركي».
وأوضح العاصمي أن «اجتماع فيينا المرتقب انعقاده اليوم الثلاثاء، سيكون حاسما، وبمثابة فرصة أخيرة، فإذا لم ينجح المجتمعون بالاتفاق على قواعد التفاوض، فعندها ستعود الكلمة للميدان، وهناك قرار من الدول أصدقاء سوريا بتقديم السلاح بكميات كبيرة للمعارضة للتوجه للحسم العسكري».
وتتقاطع معلومات العاصمي مع معطيات رئيس حركة العمل الوطني من أجل سوريا وعضو الائتلاف المعارض، أحمد رمضان، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «تحركات لتزويد قوى المعارضة وفصائل في الجيش الحر بالسلاح، وبضمنه أسلحة نوعية تساعد على تطوير القدرات القتالية، بهدف التصدي للخطر الذي يمثله النظام والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفية، إضافة إلى استعادة المناطق التي احتلتها (داعش) في شرق سوريا وشمالها»، موضحا أن «هذه القوات ستحظى بغطاء جوي من التحالف الدولي في مواجهتها لـ(داعش)، ولن يُسمح للنظام وحلفائه بالاقتراب منها ومن المناطق الخاضعة لها».
وأشار رمضان إلى أنّه «في حال بقاء مسار المفاوضات متعثرا كما هو الحال الآن، فإن الحديث يدور عن تطور ميداني كبير بين شهري حزيران وتموز المقبلين، واتجاه نحو التصعيد في المواجهات يتركز في محافظات حلب وإدلب والرقة ودير الزُّور».
وبحسب المعلومات، فقد اجتمع قادة وممثلون عن 14 فصيلا مسلحا لدراسة مشروع تشكيل «الجبهة الشمالية»، من بينهم «جيش الإسلام، والجبهة الشامية، والفوج الأول، وجيش المجاهدين، والفرقة الشمالية وغيرها، فيما غابت فصائل بارزة عن الاجتماع، مثل: جيش النصر، وفيلق الشام، وحركة أحرار الشام، وفصائل أخرى». وتسعى الفصائل في الشمال إلى تشكيل هيئة سياسية موحدة، وهيئة أركان مشتركة، ومؤسسة إعلامية عسكرية موحدة أيضا. وقد توصلت هذه الفصائل إلى انتخاب لجنة مشتركة تشرف على وضع الصيغة النهائية والنظام الداخلي للجبهة الشمالية.
وحتى الساعة، لم يلتمس الناشطون في حلب أي مؤشرات باتجاه توحيد قريب لصفوف الفصائل، وهو ما لفت إليه هادي العبد الله، الناشط المتنقل بين المناطق المشتعلة في المدينة وأريافها، متحدثا عن «أكثر من محاولة فشلت في الأسابيع الماضية، أدّت نتائج عكسية لجهة حصول مزيد من الانقسامات بين الفصائل». وقال العبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حالة من الغضب في صفوف المدنيين من عدم قدرة هذه الفصائل على توحيد صفوفها، وهم يلقون باللوم على قادة هذه المجموعات الذين يرفضون مد اليد للمجموعات الأخرى»، مشددا على «أهمية تحقيق الوحدة بأسرع وقت ممكن، أولا لأنّها ستؤمن قوة ضاربة بمواجهة النظام وإيران و(داعش)، كما أنّها ستحمي الفصائل من المجموعات المتطرفة، وتمنع تكرار سيناريو الفرقة 13».
وأوضح العبد الله أنه لا جديد حتى الساعة بموضوع تسليح المعارضة، لافتا إلى أن «كل أنواع الأسلحة أصلا موجودة لدى الفصائل، من بينها الصواريخ المضادة للدروع التاو»، وقال: «لا ينقص المقاتلون إلا الصواريخ المضادة للطيران».
معركة حلب تعيد خلط الأوراق العسكرية والمعارضة تنسق لتشكيل جبهة شمالية موحدة
رمضان: تطور ميداني كبير في الصيف إن بقي مسار المفاوضات متعثرًا
معركة حلب تعيد خلط الأوراق العسكرية والمعارضة تنسق لتشكيل جبهة شمالية موحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة