الأمن يفشل مخططًا يديره صالح لإشاعة الفوضى في عدن

الحرس الجمهوري أراد الدفع بمئات العناصر من الميليشيات إلى العاصمة المؤقتة

قوات أمنية موالية لحكومة الرئيس هادي المدعومة من قوات التحالف خلال حفل تخريجها في خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن (أ.ف.ب)
قوات أمنية موالية لحكومة الرئيس هادي المدعومة من قوات التحالف خلال حفل تخريجها في خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن (أ.ف.ب)
TT

الأمن يفشل مخططًا يديره صالح لإشاعة الفوضى في عدن

قوات أمنية موالية لحكومة الرئيس هادي المدعومة من قوات التحالف خلال حفل تخريجها في خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن (أ.ف.ب)
قوات أمنية موالية لحكومة الرئيس هادي المدعومة من قوات التحالف خلال حفل تخريجها في خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن (أ.ف.ب)

قالت مصادر أمنية رفيعة بعدن لـ«لشرق الأوسط» إن الحملة الأمنية الأخيرة أفشلت مخططًا خبيثًا للميليشيات الانقلابية يديره ضباط وقاده عسكريون من الحرس الجمهوري والأمن القومي، يسعى إلى إسقاط عدن في فوضى عارمة من خلال الدفع بمئات العناصر من الميليشيات إلى عدن لخلط الأوراق بعد أن نجحت القوات الأمنية في تطهير المدينة من الإرهابيين.
عبد العزيز المفلحي مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي قال إن الحملة الأمنية التي أطلقت في العاصمة المؤقتة عدن حققت نجاحات كبيرة وأحبطت مخططًا للانقلابين كان يهدف إلى إحداث شغب كبير في 22 من مايو (أيار) الحالي ليسقط العاصمة المؤقتة في فوضى عارمة.
المستشار المفلحي أكد في تصريحات له أن الحملة الأمنية بعدن نجحت في ضبط كمية من الأسلحة والمتفجرات وضبطت معامل تجهيز السيارات المفخخة، «وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على جدارة السلطات المحلية بعدن بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي ومعه كل القيادات الأمنية والعسكرية بعدن في تحقيق الأمن والاستقرار في عدن».
الإجراءات الأمنية الأخيرة للتعامل بالبطاقة الشخصية التي أقرتها اللجنة الأمنية العليا بعدن، كما صرحت المصادر الأمنية، تأتي لمكافحة الإرهاب والحد من انتشار الجريمة بإشراف ومصادقة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونجحت إلى حد كبير في إفشال مخططات الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح في خلق الفوضى من الداخل وزعزعة أمن واستقرار العاصمة عدن.
المصادر ذاتها قالت بعد أن نجحت القوات الأمنية وأفراد الجيش الوطني في تطهير عدن من الجماعات الإرهابية وتشديد الخناق على الخلايا النائمة، وضبط واكتشاف معامل تصنيع السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، إنه لم يكن أمام الانقلابيين إلا الدفع بالمئات من عناصرهم لخلق الفوضى وفق مخطط خبيث أوكلت مهام تنفيذه إلى قيادات عسكرية موالية للمخلوع صالح.
وأكدت أن الإجراءات الأمنية الأخيرة ليست مناطقية كما روجت لها وسائل إعلام معادية، وتأتي ضمن خطة مدروسة وتهدف إلى تصفية الأسلحة وملاحقة الإرهابيين والحد من الجريمة المنظمة، وفقًا للقانون والدستور.
وجددت المصادر الأمنية تأكيدها لـ«الشرق الأوسط» بأن الإجراءات الأمنية الأخيرة تنفذ وفق خطة أمنية مدروسة، وستستمر في محاربة الجيوب والخلايا النائمة وتجفيف منابع الإرهاب في عدن وعموم محافظات الجنوب، حتى تعود الحياة الطبيعية إلى عدن بشكلها الكامل ويتحقق الأمن والاستقرار في ربوع العاصمة عدن والمحافظات المجاورة لها، على حد قولها.
وأشاد مستشار رئيس الجمهورية ببيان اللجنة الأمنية العليا بعدن، التي قطعت الطريق على من يحاولون الاصطياد في الماء العكر، الذين تحدثوا عن استهداف أبناء الشمال. «أما الأبواق الإعلامية التي تسعى لإفشال جهود المخلصين من خلال خلق بلبلة لا تمت للواقع بأي صلة، فإنها تخدم في نهاية المطاف أجندة الانقلابين سواء علمت ذلك أم لم تعلمه».
وأردف المفلحي بالقول: «في نفس الشدة والحزم ندين ونستنكر الأعمال القائمة على الرغبة الانتقامية، التي ليس لها علاقة بالقانون وتطبيقه، وتسعى إلى تمزيق أواصر الأخوة والجوار والنسيج الاجتماعي والتفتيت وتخدم المتآمرين والانقلابين، وهي الوجه الأخر للإرهاب ونطالب بتقديم مرتكبيها للعدالة».
وجدد مستشار الرئيس هادي دعمه لقيادة السلطة المحلية بعدن، شاكرًا في سياق تصريحه دول التحالف، وعلى رأسها الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات على دعمهما المستمر والمتواصل لجهود السلطات المحلية بالعاصمة عدن والمحافظات المجاورة والمحررة؛ في تطبيع الأوضاع وتثبيت الأمن والاستقرار، وتحقيق التنمية المنشودة.
إلى ذلك قالت مجموعة منظمات حقوقية ومدنية إنها تتابع باهتمام بالغ الإجراءات والتدابير التي أقدمت عليها اللجنة الأمنية العليا في محافظة عدن تنفيذًا لخطتها الأمنية الهادفة إلى اجتثاث بؤر الإرهاب وإحلال الأمن والاستقرار في العاصمة عدن.
المنظمات الحقوقية والمدنية أشادت في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بالإجراءات الأمنية الأخيرة التي تأتي، على حد قولها، منسجمة مع التشريعات المحلية وأحكام القانون الدولي وموائمتها ومتطلبات حماية حقوق الإنسان وإحلال الأمن والاستقرار لمواطني مدينة عدن.
وأكدت منظمات المجتمع المدني على إن إجراءات اللجنة الأمنية تنسجم وما نصت عليه أحكام قانون الأحوال المدنية والسجل المدني رقم 23 لعام 1991م الذي يؤكد على ضرورة حمل البطاقة الشخصية وإبرازها في جميع المعاملات التي تتطلب إثبات الهوية.
وأشارت في بيان موحد لها إلى أن أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد منح السلطات الوطنية الحق في اتخاذ أية تدابير ضرورية لصيانة الأمن الوطني والسلامة العامة وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ودعت اللجنة الأمنية إلى مواصلة تنفيذ خطتها حتى تتحقق أهدافها في إحلال الأمن والسكينة في محافظة عدن، «كما ندعوها إلى تطبيق الإجراءات على كل من يخالف القانون دون استثناء مهما كانت المبررات والدوافع لا سيما على الأشخاص مجهولي الهوية، لما يشكلونه من تهديد مفترض على الأمن والسكينة العامة، ونؤكد على أهمية اتباع أساليب التحري في المعلومات ذات الطابع الأمني للكشف عن أي خطر قد يهدد أمن واستقرار المدينة.
وجاء في بيان المنظمات الحقوقية والمدنية: «مما يؤسف له أن نجاح تلك الإجراءات قد قوبل بارتفاع أصوات تدعو إلى تشويه الحملة الأمنية، بل وتعمل على استغلالها لتحقيق مآرب سياسية تتعدى بث الكراهية المناطقية بين المواطنين وما يصاحبها من إثارة للفتن والنّعرات لتصل حد التصريح مجاهرة بشن الحرب مجددًا على مدينة عدن تحت شعار الحفاظ على الوحدة اليمنية».
وقالت: «إنه وفي الوقت الذي تدين فيه تلك الدعوات الشاذة عن الأصل، فإننا نحذر مما قد تنطوي عليه من سلوك عدائي مبني على ثقافة الكراهية التي تدفع إلى الشروع أو تنفيذ أعمال إرهابية، فهم بدعواتهم هذه يضعون أنفسهم أمام المسائلة القانونية، إن لم تكن وطنيًا، فالمسائلة قد تطولهم دوليًا».
المنظمات المدنية والحقوقية وجهت اللجنة الأمنية العليا في محافظة عدن إلى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان أثناء تطبيق تدابيرها الأمنية، ومراعاة سلامة الأشخاص الخاضعين لها وعدم التهاون مع من يعمل على إعاقة تطبيق النظام والقانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».