اغتيال «الضلع» الثاني في قيادة «حزب الله» في عملية بسوريا

بدر الدين المتهم باغتيال الحريري لقي حتفه في ظروف غامضة قرب مطار دمشق.. و«حزب الله» يتروى قبل تحديد الجهة المسؤولة

عناصر من حزب الله خلال تشييع جنازة القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين الذي قتل في عملية بسوريا  (رويترز) - القتيل مصطفى بدر الدين (أ.ف.ب)
عناصر من حزب الله خلال تشييع جنازة القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين الذي قتل في عملية بسوريا (رويترز) - القتيل مصطفى بدر الدين (أ.ف.ب)
TT

اغتيال «الضلع» الثاني في قيادة «حزب الله» في عملية بسوريا

عناصر من حزب الله خلال تشييع جنازة القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين الذي قتل في عملية بسوريا  (رويترز) - القتيل مصطفى بدر الدين (أ.ف.ب)
عناصر من حزب الله خلال تشييع جنازة القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين الذي قتل في عملية بسوريا (رويترز) - القتيل مصطفى بدر الدين (أ.ف.ب)

أعلن ما يسمى «حزب الله» اللبناني، أمس، عن مقتل أحد أبرز قياديه مصطفى بدر الدين، المتهم الأول باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، في بيان مفاجئ أصدره صباح أمس، دون الإشارة إلى أسباب واضحة لمقتله، أو إلى تحديد الجهة التي يتهمها بالاغتيال.
وبسرعة قياسية، أجريت مراسم الدفن في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد ظهر أمس، بعدما تقبّل مسؤولون في الحزب «التبريكات» طوال ساعات اليوم. وأصدر الحزب بيانين للإعلان عن مقتله. ففي حين بدا الأول عاما متخذا طابعا دينيا – حزبيا، مشيرا إلى أن بدر الدين، قال قبل شهور: «لن أعود من سوريا إلا شهيدًا أو حاملاً راية النصر»، اتخذ البيان الثاني طابعا معلوماتيا، إذ تحدث عن «انفجار كبير» استهدف أحد مراكز الحزب بالقرب من مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى مقتل بدر الدين الملقب بـ(ذو الفقار) وإصابة آخرين بجراح. وأكّد البيان أن التحقيق سيعمل على تحديد طبيعة الانفجار وأسبابه، وهل هو ناتج عن قصف جوي أو صاروخي أو مدفعي.
ويمثل مقتل بدر الدين - وهو شقيق زوجة مغنية - أكبر خسارة تلحق بالحزب والنظام السوري وإيران في سوريا، وهو الذي يشكل إلى جانب مغنية ونصر الله المثلث القيادي للحزب متمتعا بنفوذ أساسي وكبير فيه، كما كان له علاقة مباشرة مع إيران.
وخلال تشييع بدر الدين، جدّد نائب الأمين العام لما يسمى «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، التأكيد على أنّهم سيعلنون «بالتفصيل خلال ساعات الجهة المسؤولة عن التفجير»، لافتا إلى أنّه «حصل قرب مطار دمشق وكان كبيرا». وكانت قناة «الميادين» اللبنانية المقربة من الحزب قد قالت في وقت سابق إن بدر الدين البالغ من العمر 55 عاما مات في غارة جوية إسرائيلية. لكن إسرائيل لم تتبن العملية. وعد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء في الاحتياط يعقوب عميدرور، مقتل بدر الدين، «بشرى إيجابية» لإسرائيل. وأضاف في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، أن مقتل بدر الدين «جيد بالنسبة لدولة إسرائيل». وقال: «دولة إسرائيل ليست مسؤولة عن ذلك (الاغتيالات) دائما». وأضاف عميدرور أن «من يحارب في سوريا اليوم، يوجد له كارهون كثر»، لكنّه أشار إلى أنه «كلما اختفى الأشخاص ذوو الخبرات من قائمة المطلوبين، فإن الوضع يكون أفضل».
ونشرت «يديعوت أحرونوت»، كبرى الصحف الإسرائيلية، تقديرات عسكرية تستند إلى مصادر مطلعة، تقول فيها إنه «على الرغم من أن بدر الدين ألحق أضرارا بمصالح إسرائيلية، كما يبدو، فإن إسرائيل ليست مسؤولة عن اغتياله». وأضافت: «يمكننا القول بكامل الاطمئنان إن قادة الجيش الإسرائيلي ناموا براحة بال تامة إزاء الأخبار التي تحدثت في الأيام الأخيرة عن قصف قافلة لـ(حزب الله) تحمل السلاح من سوريا. فالسياسة الإسرائيلية لا تبنى على تصفية الحسابات بل على التحذيرات المستقبلية. وبدر الدين كان يشكل تهديدا للمعارضة السورية السنية واللبنانية السنية أكثر مما هو تهديد لإسرائيل. وكانت له ارتباطات في عالم الأعمال وأمور أخرى مشبوهة، ولذلك فإن من المرجح أن يكون اغتياله ناجما عن الصراعات العربية الداخلية».
وأشار المعلق الاستراتيجي، رون بن يشاي، الذي كان ناطقا بلسان الجيش الإسرائيلي وقائدا لإذاعته في الماضي، إلى أن بدر الدين ليس أعلى قائد عسكري في ما يسمى «حزب الله» باعتبار أن طلال حمية، الذي يعد رئيسا للأركان اليوم يتولى منصبا أعلى منه. ونشر يشاي لائحة بأسماء سبعة قادة في ما يسمى «حزب الله»، بعضهم تمت تصفيته، مثل عماد مغنية وسمير القنطار وجهاد مغنية ومصطفى بدر الدين، وبعضهم موجهة السهام إليه، وهم: قاسم سليماني، قائد قوات القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني في سوريا، ومصطفى مغنية، والفلسطيني محمد ضيف قائد قوات حماس العسكرية.
وفي روسيا، رفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف التعليق على خبر مقتل بدر الدين، مشيرا إلى أن الأمر بحاجة إلى التحقق من صحته وأنه من اختصاص وزارة الدفاع الروسية. وأكد بسكوف أن قنوات الاتصال والتنسيق بين العسكريين الروس والإسرائيليين التي فتحت بعد انطلاق العملية الروسية في سوريا لا تزال قائمة. وأعلنت السفارة الإيرانية في بيروت أن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أبرق إلى الأمين العام لما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله، معزيا، ومؤكدا أن «شهادة هذا المجاهد الصلب ستزيد من عزيمة المقاومة ضد الكيان الصهيوني والإرهاب أكثر فأكثر».
ونقلت قناة «المنار» عن نائب الحزب نوار الساحلي قوله تعليقا على عملية الاغتيال: «هذه حرب مفتوحة، لا ينبغي أن نستبق التحقيق... المقاومة ستقوم بواجبها في الوقت المناسب». وأوردت قناة «المنار» التابعة للحزب على موقعها الإلكتروني في مقال: «وسيلة الاغتيال هي أسلوب الصهيوني والأميركي العاجز عن المواجهة في الميدان»، مضيفة أنه «ملاحق أمنيا منذ عقدين ونصف ومسطرة بحقه الاتهامات القضائية الدولية والعقوبات الأميركية المالية».
أما علي الأمين، الباحث السياسي المعارض للحزب، فتحدث عن «شكوك حول إمكانية أن يتحول مسار قضية اغتيال بدر الدين إلى مسار أشبه بقضية عماد مغنية، باعتبار أن الحزب كان قد وعد في حينها بكشف تفاصيل عملية اغتياله التي تمت بدمشق وتحديد الجهة المسؤولة والثأر له، وكل هذا لم يحصل». وقال الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «كما تساورنا تساؤلات حول إمكانية تورط طرف ثالث أو رابع بالعملية كالنظام السوري أو روسيا، خصوصا أنه مطلوب من أكثر من جهة». وأضاف: «على كل حال سنترقب الرواية التي سيعلنها الحزب». وعلّق الأمين على تفاقم وضع ما يسمى «حزب الله» في سوريا، ولم يستبعد وجود «قرار إيراني استراتيجي أو تواطؤ من أكثر من طرف لإغراق الحزب أكثر فأكثر في الحرب السورية بهدف تقويض دوره وفعاليته في مواجهة إسرائيل».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.