أعلن ما يسمى «حزب الله» اللبناني، أمس، عن مقتل أحد أبرز قياديه مصطفى بدر الدين، المتهم الأول باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، في بيان مفاجئ أصدره صباح أمس، دون الإشارة إلى أسباب واضحة لمقتله، أو إلى تحديد الجهة التي يتهمها بالاغتيال.
وبسرعة قياسية، أجريت مراسم الدفن في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد ظهر أمس، بعدما تقبّل مسؤولون في الحزب «التبريكات» طوال ساعات اليوم. وأصدر الحزب بيانين للإعلان عن مقتله. ففي حين بدا الأول عاما متخذا طابعا دينيا – حزبيا، مشيرا إلى أن بدر الدين، قال قبل شهور: «لن أعود من سوريا إلا شهيدًا أو حاملاً راية النصر»، اتخذ البيان الثاني طابعا معلوماتيا، إذ تحدث عن «انفجار كبير» استهدف أحد مراكز الحزب بالقرب من مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى مقتل بدر الدين الملقب بـ(ذو الفقار) وإصابة آخرين بجراح. وأكّد البيان أن التحقيق سيعمل على تحديد طبيعة الانفجار وأسبابه، وهل هو ناتج عن قصف جوي أو صاروخي أو مدفعي.
ويمثل مقتل بدر الدين - وهو شقيق زوجة مغنية - أكبر خسارة تلحق بالحزب والنظام السوري وإيران في سوريا، وهو الذي يشكل إلى جانب مغنية ونصر الله المثلث القيادي للحزب متمتعا بنفوذ أساسي وكبير فيه، كما كان له علاقة مباشرة مع إيران.
وخلال تشييع بدر الدين، جدّد نائب الأمين العام لما يسمى «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، التأكيد على أنّهم سيعلنون «بالتفصيل خلال ساعات الجهة المسؤولة عن التفجير»، لافتا إلى أنّه «حصل قرب مطار دمشق وكان كبيرا». وكانت قناة «الميادين» اللبنانية المقربة من الحزب قد قالت في وقت سابق إن بدر الدين البالغ من العمر 55 عاما مات في غارة جوية إسرائيلية. لكن إسرائيل لم تتبن العملية. وعد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء في الاحتياط يعقوب عميدرور، مقتل بدر الدين، «بشرى إيجابية» لإسرائيل. وأضاف في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، أن مقتل بدر الدين «جيد بالنسبة لدولة إسرائيل». وقال: «دولة إسرائيل ليست مسؤولة عن ذلك (الاغتيالات) دائما». وأضاف عميدرور أن «من يحارب في سوريا اليوم، يوجد له كارهون كثر»، لكنّه أشار إلى أنه «كلما اختفى الأشخاص ذوو الخبرات من قائمة المطلوبين، فإن الوضع يكون أفضل».
ونشرت «يديعوت أحرونوت»، كبرى الصحف الإسرائيلية، تقديرات عسكرية تستند إلى مصادر مطلعة، تقول فيها إنه «على الرغم من أن بدر الدين ألحق أضرارا بمصالح إسرائيلية، كما يبدو، فإن إسرائيل ليست مسؤولة عن اغتياله». وأضافت: «يمكننا القول بكامل الاطمئنان إن قادة الجيش الإسرائيلي ناموا براحة بال تامة إزاء الأخبار التي تحدثت في الأيام الأخيرة عن قصف قافلة لـ(حزب الله) تحمل السلاح من سوريا. فالسياسة الإسرائيلية لا تبنى على تصفية الحسابات بل على التحذيرات المستقبلية. وبدر الدين كان يشكل تهديدا للمعارضة السورية السنية واللبنانية السنية أكثر مما هو تهديد لإسرائيل. وكانت له ارتباطات في عالم الأعمال وأمور أخرى مشبوهة، ولذلك فإن من المرجح أن يكون اغتياله ناجما عن الصراعات العربية الداخلية».
وأشار المعلق الاستراتيجي، رون بن يشاي، الذي كان ناطقا بلسان الجيش الإسرائيلي وقائدا لإذاعته في الماضي، إلى أن بدر الدين ليس أعلى قائد عسكري في ما يسمى «حزب الله» باعتبار أن طلال حمية، الذي يعد رئيسا للأركان اليوم يتولى منصبا أعلى منه. ونشر يشاي لائحة بأسماء سبعة قادة في ما يسمى «حزب الله»، بعضهم تمت تصفيته، مثل عماد مغنية وسمير القنطار وجهاد مغنية ومصطفى بدر الدين، وبعضهم موجهة السهام إليه، وهم: قاسم سليماني، قائد قوات القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني في سوريا، ومصطفى مغنية، والفلسطيني محمد ضيف قائد قوات حماس العسكرية.
وفي روسيا، رفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف التعليق على خبر مقتل بدر الدين، مشيرا إلى أن الأمر بحاجة إلى التحقق من صحته وأنه من اختصاص وزارة الدفاع الروسية. وأكد بسكوف أن قنوات الاتصال والتنسيق بين العسكريين الروس والإسرائيليين التي فتحت بعد انطلاق العملية الروسية في سوريا لا تزال قائمة. وأعلنت السفارة الإيرانية في بيروت أن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أبرق إلى الأمين العام لما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله، معزيا، ومؤكدا أن «شهادة هذا المجاهد الصلب ستزيد من عزيمة المقاومة ضد الكيان الصهيوني والإرهاب أكثر فأكثر».
ونقلت قناة «المنار» عن نائب الحزب نوار الساحلي قوله تعليقا على عملية الاغتيال: «هذه حرب مفتوحة، لا ينبغي أن نستبق التحقيق... المقاومة ستقوم بواجبها في الوقت المناسب». وأوردت قناة «المنار» التابعة للحزب على موقعها الإلكتروني في مقال: «وسيلة الاغتيال هي أسلوب الصهيوني والأميركي العاجز عن المواجهة في الميدان»، مضيفة أنه «ملاحق أمنيا منذ عقدين ونصف ومسطرة بحقه الاتهامات القضائية الدولية والعقوبات الأميركية المالية».
أما علي الأمين، الباحث السياسي المعارض للحزب، فتحدث عن «شكوك حول إمكانية أن يتحول مسار قضية اغتيال بدر الدين إلى مسار أشبه بقضية عماد مغنية، باعتبار أن الحزب كان قد وعد في حينها بكشف تفاصيل عملية اغتياله التي تمت بدمشق وتحديد الجهة المسؤولة والثأر له، وكل هذا لم يحصل». وقال الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «كما تساورنا تساؤلات حول إمكانية تورط طرف ثالث أو رابع بالعملية كالنظام السوري أو روسيا، خصوصا أنه مطلوب من أكثر من جهة». وأضاف: «على كل حال سنترقب الرواية التي سيعلنها الحزب». وعلّق الأمين على تفاقم وضع ما يسمى «حزب الله» في سوريا، ولم يستبعد وجود «قرار إيراني استراتيجي أو تواطؤ من أكثر من طرف لإغراق الحزب أكثر فأكثر في الحرب السورية بهدف تقويض دوره وفعاليته في مواجهة إسرائيل».
اغتيال «الضلع» الثاني في قيادة «حزب الله» في عملية بسوريا
بدر الدين المتهم باغتيال الحريري لقي حتفه في ظروف غامضة قرب مطار دمشق.. و«حزب الله» يتروى قبل تحديد الجهة المسؤولة
اغتيال «الضلع» الثاني في قيادة «حزب الله» في عملية بسوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة