رفض وفد الانقلابيين (الحوثي – صالح)، أمس، المشاركة في جلسات اللجان المنبثقة عن المشاورات، كما رفض الوفد حضور لقاء محدد سلفا مع مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وفقا لمصادر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط»، وذلك بالتزامن مع تصعيد ميداني والسيطرة على إحدى المناطق في محافظة تعز، في إجراء وصف بـ«الخرق الصريح» لهدنة وقف إطلاق النار.
في الوقت يكتنف الغموض مشاورات الكويت في ظل التعليق غير المعلن للجلسات العامة والمباشرة بين وفدي الحكومة الشرعية والانقلابين، وذلك عقب تراجع الانقلابين عن التزاماتهم السابقة بالدخول في مناقشة جدول الأعمال، في ضوء الوساطات والجهود التي بذلتها دولة الكويت والأمم المتحدة والدول الراعية للسلام.
وقالت مصادر في المشاورات إن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد يبذل جهودا لاحتواء الموقف كي لا تفشل هذه الجولة من المفاوضات بين طرفي النزاع في اليمن؛ إذ حاول، أمس، العودة إلى طريقة اللقاءات الجانبية بكل وفد على حدة من أجل تقريب وجهات النظر، بعد التباين الكبير الذي ظهر في جلسة أول من أمس.
وأصر المتمردون على مناقشة الترتيبات المتعلقة بالتسوية السياسية، دون تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والخطوات التنفيذية لذلك، ممثلة في خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، التي نصت على إجراءات مزمنة، تفضي إلى انسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل للدولة، قبل أن يفشل المتمردون مساعيه الجانبية.
وفي ضوء الجهود التي بذلها ولد الشيخ، كان يفترض أن تعقد، مساء أمس، اجتماعات للجان التي شكلت الخميس الماضي، لتنفيذ أجندة جدول الأعمال وتطبيق القرار الأممي 2216، غير أن الاجتماعات لم تعقد.
وقال مصدر في وفد الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» إنهم أبلغوا المبعوث الأممي بعدم الحضور؛ «بسبب استمرار القصف»، حسب قوله. وأشارت مصادر إلى أن اجتماعات اللجان التي شكلت الخميس الماضي دخلت في يومها الثاني وهي شبه معلقة وأن سفراء الدول الراعية للسلام، وفي مقدمتهم سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، كثفوا أمس لقاءاتهم بالوفدين، بغية التوصل إلى تفاهمات بخصوص القضايا الخلافية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في مشاورات الكويت بأن الوفد الحكومي يتجه إلى اتخاذ موقف نهائي من موضوع الاستمرار في المشاورات، بعد استمرار عراقيل وفد الانقلابين وعدم الدخول في جدول الأعمال بشكل مباشر منذ انطلاق المشاورات في الـ21 من أبريل (نيسان) الماضي وحتى اللحظة. وأشارت المعلومات إلى أن الأسبوع الحالي سيكون حاسما بالنسبة إلى استمرار المشاورات أو عدم استمرارها.
وأعرب مصدر مقرب من الوفد الحكومي عن اعتقاده بأنه وعلى الرغم من عدم تقدم المشاورات: «لكنها حققت بعض النتائج ومن أهمها استعادة رأي عام دولي مناصر للقرار 2216»، مؤكدا أن «الانقلابيين يخسرون كل يوم ويتضح للرأي العام كذبهم فيما يتعلق بما يعلنونه من رغبة في إيقاف الحرب»، وأن «الموقف الدولي عاد بزخم كبير وقوي مع الشرعية».
وشدد المصدر المطلع إلى أن هذا الزخم الدولي ارتكز على معطيات ومعلومات حول ميدانية بشأن تحركات الانقلابيين، إلى جانب مواقفهم في المفاوضات، ورفض المصدر أن يفصح لـ«الشرق الأوسط» عن الخطوات اللاحقة لأي فشل متوقع للمشاورات في ضوء الدعم الدولي الذي تلقت إشاراته الشرعية اليمنية.
إلى ذلك، وفي ظل الضبابية التي تلف المشاورات، أكد عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني، لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الشرعية في وضع جيد ومتماسكة، وأن وفد الشرعية يسعى إلى السلام، وقال: «إن وفد الشرعية جاء إلى الكويت من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب والمآسي في اليمن، وأنه يتعامل بنفس طويل ومرونة مع كل المطالب التي قدمت إليه من قبل الأمم المتحدة والدول الراعية لعملية السلام في اليمن».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الوفد الحكومي يتعاطى بإيجابية عالية ونتمسك بأن ما سيوصلنا إلى خيار السلام العادل الذي يقوم على تنفيذ القرار الدولي 2216، والسلام الذي يعمل على تعزيز الاستقرار الذي يقوم على استعادة الدولة ومؤسساتها وإلغاء الانقلاب، ونحن لدينا الاستعداد التام ونفس طويل للسير في هذا الاتجاه»، مؤكدا أن «هذه معركة سياسية وقد أتينا من أجلها».
وقال الأصبحي: «أكدنا للمبعوث الأممي وللفريق الآخر (وفد الانقلابيين) بأن الوفد الحكومي مع مسارات السلام ومتمسك بمسألة الثوابت التي اتفقنا عليها».
وأضاف وزير حقوق الإنساني اليمني: «نؤكد للمقاومة ولشعبنا بأن الجبهة السياسية لا يمكن لها إلا أن تكون انعكاسا لتطلعات الناس في الميدان»، وأشار إلى أن لقاء وفد الحكومة، أمس، بسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وسفراء الدول الـ18، الراعية للسلام، وهي دول أوروبية ودول الخليج، كان لشرح موقف الوفد وما يقدمه من تعاط إيجابي في المشاورات منذ انطلاقها الشهر الماضي.
وأضاف الأصبحي أن «الأسبوعين الماضيين، كان المسار شاقا من حيث إن الوفد الحكومي ساير المقترحات كافة، التي قدمت من المراقبين ومن المبعوث الدولي، حول الموافقة على أي أسلوب من أساليب العمل داخل إطار المشاورات، تفضي إلى الحل الذي يؤدي إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، واستعادة الدولة المنهوبة، خاصة أن هناك جدول عمل وإطارًا واضحين، لكن المرونة لا تعني التنازل عن الثوابت المتفق عليها».
وتزامن تعثر مشاورات السلام اليمنية في دولة الكويت، مع تصعيد ميداني من جانب المتمردين في عدد من جبهات القتال؛ حيث سيطرت أمس الميليشيات الحوثية على منطقة جرداد، في مديرية الوازعية بمحافظة لحج، وهو ما اعتبرته قيادة المقاومة الشعبية «خرقا صريحا للهدنة»، في وقت صدت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مديرية نهم، بمحافظة صنعاء، هجوما كبيرا للميليشيات على مواقعها.
كما استمرت هجمات الميليشيات وعمليات القصف المدفعي على منطقتي ذباب وباب المندب على ساحل البحر الأحمر، إضافة إلى القصف المكثف على الأحياء السكنية في تعز، وقال مصدر في المقاومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى رصد تحركات كبيرة للميليشيات خلال الفترة التي توقف فيها طيران التحالف عن التحليق، وأشار المصدر إلى أن هناك صورا موثقة لتحريك آليات ومعدات عسكرية وقوى بشرية في الكثير من المحافظات اليمنية.
وفي هذا السياق، أكد الوزير الأصبحي أن «وضع قوات الشرعية والمقاومة العسكري جيد ومتماسك ونحن في موقف الدفاع عن النفس، وهو أمر مشروع، ودلل الأصبحي على ذلك بالقول إن الهجمات تأتي من الطرف الآخر وتستهدف المدن كتعز والبيضاء وغيرها. وفيما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، دعا وزير حقوق الإنسان اليمني إلى التفريق بين المسالتين، وقال: «إن هناك سجناء سياسيين أشير إليهم في القرار 2216، الذي ينص صراحة أن على جانب الانقلابيين الإفراج الفوري عنهم، وهذه نقطة أساسية يجب معالجتها وفقا للقرار وبشكل فوري»، مشيرا إلى القسم الآخر من المعتقلين أو الأسرى لدى أي من الطرفين «تنطبق عليهم قواعد القانون الدولي».
وفد الانقلابيين يرفض المشاركة في اجتماعات اللجان ولقاء ولد الشيخ.. والتصعيد الميداني يتواصل
الوزير الأصبحي لـ«الشرق الأوسط»: وضعنا العسكري جيد وجبهاتنا متماسكة.. ولا تنازل عن «الثوابت»
وفد الانقلابيين يرفض المشاركة في اجتماعات اللجان ولقاء ولد الشيخ.. والتصعيد الميداني يتواصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة