د. شملان يوسف العيسى
كاتب كويتي
TT

هل تنجح محادثات الكويت؟

تم تأجيل اجتماع الكويت بسبب غياب وفد الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ولكن الضغوط الدولية أرغمت الحوثيين وجماعة علي صالح على حضور مؤتمر الكويت الذي سيبدأ متأخرًا الأسبوع، أملاً في الوصول إلى تسوية سياسية تضع حدًا للحرب العبثية بين الإخوة في اليمن، وتقي هذا البلد المنكوب من ويلات الحروب والفقر والأمية والتخلف الاقتصادي والاجتماعي.
هل يمكن الوصول إلى حلول وسط ترضي الجميع؟ وما صيغة وطبيعة الحكم المقبل الذي ستقبله جميع الطوائف والقبائل والأحزاب والحركات السياسية في اليمن؟
الواقع اليمني اليوم، بعد «عاصفة الحزم»، انقسام اليمن عمليًا وفعليًا إلى أكثر من إقليم.. فأهل الجنوب اليمني الذي تديره الحكومة المؤقتة، برئاسة الرئيس هادي، يرفضون العودة إلى الدولة الموحدة. أما القسم الآخر في الشمال الذي تهيمن عليه القوات الحوثية وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فيرفضون التنازل عن مكتسباتهم ومناطق نفوذهم.. هل لدى الأطراف المجتمعة في الكويت الاستعداد للتنازل عن مواقفهم ومناطق نفوذهم لتحقيق الأمن والاستقرار لكل بقاع اليمن؟
لا يمكن الوصول إلى حلول سلمية في مؤتمر الكويت ما دام المتفاوضون لا يملكون ثقافة التوافق السياسي التي تستوعب كل التيارات والأحزاب السياسية المدنية منها والقبلية، بغض النظر عن حجم تمثيلها في المجتمع. المرحلة الانتقالية للديمقراطية والاستقرار تتطلب الاحتكام إلى احتضان واحتواء كل الآراء العملية الديمقراطية، من دون إقصاء أو تهميش لأحد، وهذا يعني، بكل بساطة، الاحتكام إلى الآليات الديمقراطية بمنطق الأغلبية العددية حتى تنجح مفاوضات الكويت. هل لدى الإخوة الفرقاء ثقافة جديدة يتبنونها بعد الحرب بعيدة جدًا عن النزعة الشمولية الإقصائية؟ وهل يكون هدف الجميع الوصول إلى حل ينهي العنف في اليمن، ويمهد لإعادة إعمار اليمن في ظل ثقافة جديدة عمادها التسامح والحرية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
السؤال هل يمكن الاتفاق على حكومة قوية ترعى مصالح الشعب اليمني بكل طوائفه؟ وكيف يمكن حل معضلة الأحزاب الدينية المؤدلجة التي تسعى للسلطة والهيمنة من دون مراعاة حقوق الآخرين؟ إن التجارب الإنسانية تخبرنا بأنه لا يمكن تحقيق الوفاق والوحدة الوطنية في غياب الثقافة السياسية، فالبناء الديمقراطي لا يعني الحرص على إجراء انتخابات للسلطة التنفيذية أو التشريعية، فذلك لن يجدي ما دامت الثقافة العربية السلطوية، ببعديها السياسي والمجتمعي، لا تزال قائمة، فالوفود التي ستصل إلى الكويت، سواء كانوا ممثلين للسلطة المؤقتة أو من يعارضهم من الحوثيين وجماعة صالح، عاجزة عن تحقيق الوفاق والحوار الديمقراطي الذي يسعى في النهاية للتوصل إلى حلول وسطية ترضي الجميع، وتضع مصلحة اليمن الوطنية فوق الولاء القبلي أو الطائفي والديني.
العقليات التي ستفاوض في الكويت تسيطر عليها الانتماءات الجانبية، سواء كانت قبلية أو طائفية، مما سيجعل مفاوضات الكويت شاقة ومطولة، وتحتاج إلى معجزة لكي تنجح.