عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

«سيلفي» بالعمر كله!

عندما قرر الشاب البريطاني بن إينز إلقاء الحذر للريح ووقف إلى جانب مختطف الطائرة المصرية سيف الدين مصطفى الأسبوع الماضي ليحظى بالتقاط صورة «سيلفي» متميزة جدًا و«كول» جدًا أيضًا، لم ينكر أنه أحس بالخطر، وقال في تعليق له بعد ذلك إنه «حسبها في راسه» وقرر أن يقترب من الخاطف لأنه إن كان بالفعل مفخخًا فإنه ميت ميت لا محالة، فما الضير من التقاط صورة «سيلفي» معه تدخله التاريخ؟!
لحسن حظ الشاب البريطاني انتهى الموضوع على خير وحظي هو بالشهرة التي أرادها، ولكن هناك كثيرين ممن وقعوا في غرام «السيلفي» الخطر ممن لم يحالفهم الحظ وكلفتهم الصورة الأخيرة لهم «العمر كله».
تذكر صحيفة «آيريش تايمز» أن آخر ضحايا «السيلفي» في العام الماضي كان سائحًا يابانيًا سقط من على سلالم «تاج محل» عندما حاول التقاط صورة لنفسه في مدخل مقهى داخل المبنى الأثري. وفي بريطانيا قامت شابة بريطانية الأسبوع الماضي بمحاولة تسلق جبل «بين نفيس» في اسكوتلندا مرتدية ملابس صيفية ومكتفية من المتاع بعصا «السيلفي»، ولكن بعد أن تعرضت لحالة إرهاق حادة تم إنقاذها قبل أن تصل للقمة لتلتقط لنفسها صورة هناك.
ولا تعد حادثة الفتاة مختلفة؛ فهناك عشرات الحالات لمراهقين وأيضًا لبالغين ربما دفعوا حياتهم ثمنًا للقطة «سيلفي» في مكان خطر؛ فمن رجل حاول التقاط صورة في حلبة لمصارعة الثيران ولقي مصرعه بعد أن هاجمه ثور، إلى الأميركي الذي التقط صورة لنفسه مع أفعى رقطاء يبدو أن الأمر لم يرق لها فقامت بلدغه، أو المراهقة الروسية التي حاولت التقاط صورة لنفسها على جسر فوقعت من فوقه ولقيت مصرعها، أو عازف الموسيقى البورتوريكي الذي حاول التقاط «سيلفي» وهو يقود دراجته النارية بسرعة هائلة، وآخر أراد أن يلتقط «سيلفي» وهو موجه مسدسه إلى رأسه وبالخطأ أطلق النار على نفسه.
بعض الحوادث غريبة، وقد تكون نتائجها مضحكة إن لم تكن مأساوية، مثل كابتن الطائرة الخاصة الذي حاول التقاط صور «سيلفي» له مع الركاب وفقد التحكم في الطائرة لتتحطم براكبيها، ولكن الصور بقيت على نظام الفيديو الخاص بالطائرة لتبقى دليلاً على «تهور» الطيار ومعاونيه وغبائهم.
في روسيا أطلقت السلطات حملة بعنوان «سيلفي آمنة» بعد أن أصيب نحو مائة شخص في حوادث بسبب محاولة التقاط «السيلفي» في أوضاع وأماكن خطرة. ووزعت السلطات منشورًا للتوعية بعنوان «صورة سيلفي لطيفة (كول) قد تكلفك حياتك»، وضم المنشور بعض النصائح لمهاويس «السيلفي» الخطرة.
صرعة «السيلفي» قد تتطور من موضة لتسجيل الذكريات والمنافسة على أكبر عدد من «اللايكات» على مواقع التواصل، لتصبح أخطر هواية أنتجتها التكنولوجيا الحديثة. ولا نملك إلا أن نعلق بأن «من السيلفي ما قتل»، ونأمل أن تنتهي هذه الصرعة الإلكترونية بسلام ودون مزيد من الضحايا.