أحيت الجماهير الفلسطينية في إسرائيل، أمس، الذكرى السنوية الأربعين ليوم الأرض، بإعلان الإضراب العام، وبمسيرات شعبية عدة، تمت خلالها زيارة أضرحة «الشهداء»، وعقدت اجتماعات خطابية تندد بسياسة الحكومات الإسرائيلية لسلبها الأرض والمسكن. وأصدر مركز الإحصاء المركزي في السلطة الفلسطينية، تقريرا كشف فيه أن إسرائيل تستغل أكثر من 85 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية، البالغة نحو 27 ألف كيلومتر مربع، مع أن اليهود يشكلون نسبة 52 في المائة، بينما لا يتبقى للفلسطينيين سوى نحو 15 في المائة فقط من مساحة الأراضي، مع أن نسبتهم من السكان تضاهي 48 في المائة من إجمالي السكان في المنطقة، علما بأن هذه الإحصاءات لا تمثل الفلسطينيين الذين طردوا من وطنهم، ويضاهي عددهم اليوم أكثر من 7 ملايين نسمة.
وحسب هذه الإحصائيات، فإن إسرائيل لا تكتفي بما نهبته من أراضٍ في مناطق 1948 و1967، بل حتى قطاع غزة يعاني من هذه السياسة. فقد أقام الاحتلال الإسرائيلي منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة، بعرض يزيد عن 1500 متر على طول الحدود الشرقية للقطاع. وبهذا يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على نحو 24 في المائة من مساحة القطاع، البالغة أصلا 365 كيلومترًا مربعًا، الذي يعتبر من أكثر المناطق ازدحاما وكثافة في السكان في العالم (نحو 5 آلاف فرد لكل كيلومتر مربع). وكذلك الأمر، تسيطر إسرائيل على أكثر من 90 في المائة من مساحة غور الأردن، الذي يشكل ما نسبته 29 في المائة من إجمالي مساحة الضفة الغربية.
وتبرز في هذا الإطار الإحصاءات عن تهويد القدس الشرقية المحتلة. ففي الوقت الذي تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل الفلسطينية، ووضع العراقيل والمعوقات أمام إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين، تقوم بالمصادقة على تراخيص بناء آلاف الوحدات السكنية في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على أراضي القدس. وقد صادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في عام 2015، على بناء أكثر من 12600 وحدة سكنية في المستعمرات الإسرائيلية في المدينة، بالإضافة إلى المصادقة على بناء أكثر من 2500 غرفة فندقية كما صادقت على تغيير أسماء الشوارع في البلدة القديمة، وتسميتها بأسماء عبرية لفرض الطابع الاحتلالي عليها. وفي الوقت ذاته، قامت سلطات الاحتلال بهدم 152 مبنى فلسطينيًا (مساكن ومنشآت)، وتوزيع مئات أوامر بهدم مبانٍ أخرى، وتجريف 546 دونمًا من أراضي الفلسطينيين في تجمعي العيسوية ومخيم شعفاط، لإقامة حديقة قومية لليهود ومكب للنفايات.
وكان يوم الأرض قد أعلن لأول مرة في 30 مارس (آذار) عام 1976، وذلك ردًا على قرار الحكومة الإسرائيلية بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي منطقة الجليل. فقررت القيادات الوطنية يومها، إعلان الإضراب عن العمل والتعليم. وكان مثل هذا الإضراب غريبًا على كفاح فلسطينيي 48، واعتبرته الحكومة الإسرائيلية خطوة خطيرة متطرفة. وحاولت منع الإضراب بالقوة. وقتلت خلال ذلك 6 شبان، وجرحت ما يزيد على خمسمائة. وفشلت الحكومة في منع الإضراب. وأصبح هذا اليوم رمزًا للكفاح الفلسطيني من أجل الأرض والحقوق.
واتسمت ذكرى يوم الأرض، أمس، بالتركيز على موضوع النقب، حيث ما زالت نحو 70 قرية تعاني من رفض الاعتراف بها، ويترتب على ذلك قطع الميزانيات والخدمات الحكومية عنها. ويفسر المواطنون ذلك بأنه تعبير عن نيات الحكومة ترحيلهم عن أراضيهم ومصادرتها لصالح البلدات اليهودية. وأقيم أمس مهرجان كبير في منطقة أم حيران، التي تريد الحكومة ترحيل جميع سكانها وهدمها تمامًا، وإقامة بلدة يهودية مكانها، تحمل الاسم نفسه حيران بالعبرية. وقد تعهد الخطباء من الأحزاب العربية الوطنية بمواصلة النضال لإفشال هذا المخطط.
وأشارت لجنة المتابعة العليا، الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48، إلى أن السلطات الإسرائيلية صادرت منهم نحو مليون ونصف المليون دونم منذ عام 1976، ولم يبقَ بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، فضلاً عن ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة. وأكدت أن الاحتفال بذكرى يوم الأرض ليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.
وفي غزة، احتفل الفلسطينيون بيوم الأرض، حيث غرس المواطنون عشرات أشجار الزيتون، في دلالة رمزية على استمرار تمسكهم بأرضهم.
الفلسطينيون يحولون يوم الأرض إلى معركة دائمة لاستعادة الحقوق
إسرائيل تسيطر على 85 % من أراضي فلسطين التاريخية
الفلسطينيون يحولون يوم الأرض إلى معركة دائمة لاستعادة الحقوق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة