دبلوماسي أميركي رفيع لـ «الشرق الأوسط»: ليس لدينا خطط خفية في سوريا.. ومستقبلها يقرره السوريون

مبعوثو الدول المؤثرة «يواكبون» عن قرب محادثات جنيف ومواقف الأطراف «تطبخ» في فنادقها

دبلوماسي أميركي رفيع لـ «الشرق الأوسط»: ليس لدينا خطط خفية في سوريا.. ومستقبلها يقرره السوريون
TT

دبلوماسي أميركي رفيع لـ «الشرق الأوسط»: ليس لدينا خطط خفية في سوريا.. ومستقبلها يقرره السوريون

دبلوماسي أميركي رفيع لـ «الشرق الأوسط»: ليس لدينا خطط خفية في سوريا.. ومستقبلها يقرره السوريون

بقدر ما تحصل محادثات جنيف - 3 في جولتها الثانية في قصر الأمم المتحدة، فإن خيوطها تحبك في فنادق المدينة السويسرية حيث حلت الوفود السورية ولكن أيضا وتحديدا «المبعوثون الخاصون» لمجموعة الدعم لسوريا. وإلى جانب الاجتماعات الرسمية التي يستضيفها قصر الأمم في إطار المحادثات الرسمية المنفصلة مع وفدي النظام والهيئة العليا للمفاوضات «المعارضة» التي يقودها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أو تلك الدورية التي تجري في إطار مجموعتي العمل لمراقبة وقف الأعمال العدائية أو لإيصال المساعدات الإنسانية للمدن والقرى المحاصرة، فإن فنادق الخمسة أو الأربعة نجوم تشهد بعيدا عن الأضواء لقاءات أكثر أهمية وفق صيغ متعددة: المجموعة المصغرة الداعمة للمعارضة السورية التي تضم 11 بلدا هي الدول الغربية والخليجية وتركيا ومجموعة الـ17 المكونة لمجموعة الدعم لسوريا فضلا عن لقاءات شبه متلاحقة مع وفد الهيئة العليا أو مع وفد النظام. أما آخر الواصلين فكانت «مجموعة القاهرة - موسكو» بحسب ما تسميها بيانات فريق عمل دي ميستورا «أو المعارضة الديمقراطية - العلمانية كما تحب تسمية نفسها» التي التقى بها مساء الأربعاء وما زال وضعها «وفد تفاوضي، مجموعة استشارية، مجتمع مدني...» غير محسوم.
حتى الآن، وبعد أربعة أيام على الانطلاقة الرسمية للجولة الثانية، لم تثمر لقاءات جنيف أي نتيجة ملموسة. فرئيس وفد النظام السوري ما زال يستغل كل مناسبة ليؤكد أن المحادثات رغم وصفه لها بـ«الإيجابية والمفيدة» تدور في الأمور الشكلية والإجرائية وهو يعني تحديدا تعيين هوية المفاوضين من جانب المعارضة. وما يريد السفير بشار الجعفري الحصول عليه هو ألا يجد نفسه بمواجهة وفد المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض والذي أفرز الهيئة العليا للمفاوضات وهو، لو جازت التسمية، الوفد «الرسمي» للمعارضة. ولذا، فإنه يضغط باتجاه دفع دي ميستورا للتعامل مع «مجموعة القاهرة - موسكو» كوفد ثالث. والفائدة السياسية من وراء ذلك تشتيت المعارضة والتوكؤ على الوفد الأخير المدعوم روسيا لقطع الطريق على مطالب وفد الهيئة العليا الساعي لطرح تشكيل «هيئة الحكم الانتقالي» منذ الجلسات الأولى وتشديده على ضرورة خروج الرئيس السوري من السلطة منذ بدء المرحلة الانتقالية فيما وفد النظام متمسك بـ«مفهومه» للعملية السياسية أي تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تضم إليها بعض شخصيات المعارضة «المقبولة» وكتابة دستور جديد يقر في استفتاء شعبي تليه انتخابات تشريعية. أما موقع رئيس النظام الأسد، بحسب وزير الخارجية وليد المعلم فهو «خط أحمر».
هذا التصور نقله الجعفري الاثنين الماضي تحت مسمى «عناصر للحل السياسي» إلى دي ميستورا. وقام وفد الهيئة العليا بتسليم المبعوث الدولي ورقة أولية تعكس تصورها للحل السياسي. كذلك فعلت «مجموعة القاهرة - موسكو» أول من أمس. واللافت، وفق ما نقلته مصادر فريق دي ميستورا، أن الأخير لم يسلم رسميا كل طرف ما اقترحه الطرف الآخر بل إنه يحتفظ بالمقترحات ويعمل فريقه على درسها والمقارنة فيما بينها واستخلاص نقاط الالتقاء من أجل تظهير «أرضية» يمكن البناء عليها وإخصابها من خلال مقترحات يقدمها فريقه. وعندما يرى أن الأمور قد «نضجت» سيعمد إلى الدعوة إلى لقاءات مباشرة بين وفدي النظام والمعارضة. ورغم «الهوة» التي تفصل بين مقترحات الوفدين، فإن دي ميستورا يحافظ على هدوء أعصابه ويعتبر ذلك «أمرا طبيعيا» في نزاع يدوم منذ خمس سنوات.
تقول مصادر غربية على اطلاع على ما يقوم به دي ميستورا لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير «استخلص العبر» من تجربة سابقيه كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي وهو يريد «إنجاز شيء ما» بالاعتماد على «الدبلوماسية الهادئة» والمرونة والحيادية ليبقى مقبولا من الطرفين السوريين ومن الأطراف الراعية إقليميا ودوليا. بيد أنه يلجأ من وقت لآخر، وفق قراءة المصادر الغربية، إلى «إبراز العضلات الدبلوماسية» بإعلان استعداده لطلب «النجدة» من مجلس الأمن الدولي ومن الراعيين «الأساسيين» للمفاوضات أي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا. وهاتان الدولتان أرسلتا دبلوماسيين رفيعي المستوى إلى جنيف من أجل «مواكبة» المحادثات الجارية وتقديم المشورة والنصح. وخلاصة المصادر الغربية أن هناك ما يمكن تسميته «منهج دي ميستورا» الدبلوماسي المخضرم الذي لا يخلو من الهنات ومنها مثلا استعجاله في الدعوة إلى انطلاق محادثات جنيف نهاية يناير (كانون الثاني) من غير أن يستوفي الشروط التي توفر له الحد الأدنى من حظوظ النجاح كـ«تبريد» جبهات القتال وإيصال المساعدات الإنسانية... وهي الأمور التي تحققت بنسبة كبيرة مع الهدنة الراهنة فيما يبقى موضوع إطلاق الموقوفين مجمدا.
إلى جانب الكلام الرسمي، تلجأ الأطراف المؤثرة إلى الصحافة لإيصال تصوراتها لما وصلت إليه الأزمة السورية. ولذا، فإن فاعلية العمل الصحافي كما تبرز في جنيف تقوم على مدى الانخراط في شبكة العلاقات التي توصل إلى مصادر المعلومات. وهكذا، فإن مصدرا دبلوماسيا أميركيا رفيع المستوى عرض في لقاء ضيق دعيت إليه «الشرق الأوسط» تقييم بلاده لما تحقق وتصورها للمرحلة القادمة ونظرتها للمسائل الخلافية.
يقول المصدر المشار إليه إن واشنطن تعتبر أن في جنيف وفدين فقط: وفد النظام ووفد الهيئة العليا للمفاوضات المنبثق عن مؤتمر الرياض وليس هناك وفد ثالث. لكنها بالمقابل وبالنظر لقراءتها لبياني فيينا وللقرار الدولي رقم 2254. فإنه يحق للمبعوث الدولي دي ميستورا أن «يستشير من يشاء» من الشخصيات ومنظمات المجتمع المدني وهو ما يقوم به. وفيما تبدو الهوة سحيقة بين تصور النظام والمعارضة للمرحلة القادمة، فإن المصدر الأميركي يؤكد أن «المرجع الأساسي» للعملية السلمية هو بيان جنيف لصيف العام 2013 الذي ينص على إقامة هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة. أما بشأن تصريحات السفير الجعفري النارية لدى انتهاء كل اجتماع مع فريق دي ميستورا، فقد قال المصدر الأميركي إن «المهم ليس ما يقوله الجعفري خارج غرفة الاجتماعات وإنما داخلها». وسألت «الشرق الأوسط» المصدر الأميركي عن طبيعة الاتصالات مع موسكو وعن «خطة» بلاده لمستقبل سوريا ولما يروج عن وجود «تفاهم روسي - أميركي» فيما الكثيرون في العالم العربي يؤمنون بـ«نظرية المؤامرة» فكان رده أن واشنطن «لم تضع خطة لا في السر ولا في العلن» وأن تفضيلها التعاون مع الطرف الروسي «على التعاون مع الأطراف الأخرى الإقليمية أو الدولية» مرده لقدرة موسكو على التأثير على النظام. وفي أي حال، فإن الصورة المستقبلية لسوريا «تحدده نتائج المفاوضات بين السوريين».
اللافت فيما قاله المصدر الأميركي هو حذره البارز في التعاطي مع موضوع قرار الرئيس بوتين سحب «الأساسي» من قواته من سوريا إذ اكتفت بالقول إن بلاده «تراقب ما يحصل وتأمل في أن يكون ذلك علامة إيجابية». وفهم منه أنه يفضل قبل إطلاق أحكام متسرعة التأكد من خطط موسكو وحصول زيارة وزير الخارجية جون كيري إلى العاصمة الروسية يوم الثلاثاء القادم ولقائه بالرئيس بوتين وبنظيره لافروف الذي دافع عن التعاون الوثيق معه وهو ما يعتبره مفيدا ومؤثرا. ومن الأمثلة التي عرضها التزام روسيا بعملية وقف الأعمال العدائية واحترامها للتعهدات التي قطعتها. وللمرحلة القادمة، فإن المصدر الأميركي يرى أنه يتعين العمل جديا على موضوع إطلاق المعتقلين وهو بند ورد في قرار مجلس الأمن رقم 2254 تحت باب تدابير الثقة بين الطرفين. وفي أي حال، فإن المصدر الأميركي ينظر بـ«إيجابية» إلى ما يجري في جنيف رغم الملفات الصعبة ومنها ملف المعتقلين التي يتعين معالجتها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.