ما زال توديع تشيلسي لبطولة دوري أبطال أوروبا يتطلب إلقاء الضوء على بعض المظاهر التي شهدها لقاء الإياب على ملعب «ستامفورد بريدج» بوسط لندن. ليس هناك شك في أن باريس سان جيرمان الفريق الذي ودع تشيلسي البطولة الأوروبية أمامه كان الأكثر جاهزية مع مهارة يتمتع بها بدلائه ومفاتيح قوة متعددة، سواء في وسط ملعبه أو السرعة الفائقة على الأجناب.
في ليلة باردة في غرب لندن، ألقى تشيلسي بكل ما في جعبته في مواجهة باريس سان جيرمان. حاول دييغو كوستا بكل ما أوتي من قوة على مدار ساعة، ودون ذلك قدم تشيلسي أداء ملتزما لكنه كان محكوما عليه بالفشل في مواجهة أكثر أندية العالم إنفاقا، حيث يمتلك الفريق الفرنسي مجموعة فريدة من اللاعبين الذين هيمنوا على مجريات اللقاء بما فيه الكفاية، فضلا عن الثلاثي زلاتان إبراهيموفيتش ولوكاس وأنخيل دي ماريا، الذين شكلوا خطورة بالغة للغاية. تعرض تشيلسي في كثير من الأحيان إلى اتهامات بكونه مجرد لعبة بيد رجل أعمال من أصحاب المليارات. لكن في الوقت نفسه كانت هناك أفراح في شوارع الدوحة، خط الإمداد المتدفق الذي يحرك هذه القوة الكروية العظمى الصاعدة. وفي النهاية كان ناصر الخليفي، الوزير القطري (ورئيس باريس سان جيرمان) يرقص هنا ويقتنص اللحظة، وهي لحظة مبهرة لكرة النخبة الحديثة.
كانت مباراة من نوع غريب: عصبية، وحماسية، ومتوترة في بعض الأحيان، وكانت ليلة تحتاج أن يظهر واحد ممن يرتدون قميص تشيلسي بعضا من القيادة. كان دييغو كوستا مرشحا دائما للعب هذا الدور، والذي كان يبذل قصارى جهده في المباراة منذ البداية. كانت التغريدة التي أرسلها الحساب الرسمي لباريس سان جيرمان، وتصف كوستا بأنه «محتال»، بلا معنى بالطبع، وهي مزحة لم تكن في محلها، وإن كانت غير مضحكة في المقام الأول. قد تجتمع كثير من الصفات في كوستا، كوصفه بلاعب كرة الشارع، أو المشاكس، أو الدخيل، لكنه أكثر اللاعبين إخلاصا. كان كوستا حاضرا بقوة هنا منذ البداية، حيث ألقى قناعه الواقي بطريقة دراماتيكية، لا لشيء إلا أن يجد حفنة من أصحاب القمصان البيض الواثقين يحيطون به متى استطاع تشيلسي أن يتحول من وضعيته الدفاعية إلى الهجوم.
كان باريس سان جيرمان هادئا خلال الـ20 دقيقة الأولى، حيث كان أشبه بماكينة استحواذ راسخة، ويقترب من تسجيل هدف التقدم، الذي تحقق بسهولة كبيرة. وبطريقة ما أبدع دفاع تشيلسي في أن يغفل عن المهاجم المتبختر، صاحب قصة الشعر على هيئة ذيل حصان، والذي يبلغ طوله 6 أقدام و5 بوصات، وهو يخترق سريعا من الناحية اليسرى لتشيلسي. حول أدريان رابيو عرضية إبراهيموفيتش الأرضية، وكانت المباراة تخرج تدريجيا عن سيطرة الفريق اللندني. واصل تشيلسي المقاومة، وأثمر الضغط حيث نجح بيدرو في استعادة الكرة ومرر لويليان، الذي سمحت تمريرته لكوستا بالتخلص من ثياغو كوستا وتسديد الكرة إلى داخل شباك كيفين تراب.
وكانت هذه لحظة الفرح لتشيلسي في هذه الليلة، فبعدها بساعة جلس كوستا في نصف ملعب باريس سان جيرمان، وهو ما كشف أن إصابته قد تفاقمت. وجد كوستا تحية دافئة من داخل الملعب، على الأقل من ديفيد لويز وثياغو سيلفا اللذين تعرضا لمثل هذه الإصابة من قبل. ومع خروج كوستا، غاب آخر أمل حقيقي لتشيلسي. بعد 8 دقائق سجل إبراهيموفيتش الهدف الثاني، لتصبح النتيجة 2- 1، والتي كانت تعني حسم المباراة إلى حد بعيد، على رغم كل محاولات تشيلسي. ويبدو الخروج من دوري الأبطال بمثابة نهاية للفصل المطول من عملية تجديد النادي على يد رومان أبراموفيتش. وربما سيبدأ هذا المزيج من العناصر المختلفة، الذي يشكل فريق تشيلسي، في الانهيار قليلا الآن. يضم الفريق مزيجا غريبا من اللاعبين، فهو يتمتع بقوة في بعض الصفوف ويعاني من النقص في مراكز أخرى، ويفتقر إلى قوام رئيسي من لاعبين محوريين يمكنهم ضبط إيقاع الفريق.
إذا كان تشيلسي قد دخل في نفق مظلم خلال الشهور الـ8 الماضية، وأصبح فريقا من دون اتجاه أو طريقة لعب واضحين، فهذا يكشف عن إخفاق سواء في التعاقد مع اللاعبين، أو عرض السنوات من الإدارة دائمة التغيير. ووراء هذا تكمن السخافة المتمثلة في إعارة 25 لاعبا، تبلغ قيمتهم مجتمعين مائة مليون جنيه إسترليني.
على سبيل المثال، يعد كينيدي لاعبا جيدا وواعدا، لكن في الوقت الحالي لا يجب فعلا أن يلعب في الجناح الأيمن في مواجهة باريس سان جيرمان في دور الـ16 لدوري الأبطال. فيليبي لويس وأشلي كول ورايان برتراند رحلوا جميعا في السنوات الأخيرة، بينما يغطي سيزار أزبيليكويتا الثغرة على الجانب الآخر، وهو الوحيد المقنع. حل برتراند تراوري بديلا لكوستا، وهو لاعب شاب ممتاز، لكنه مهاجم ثان قليل الخبرة عند هذا المستوى.
ويعتبر أنطونيو كونتي من نوع المدرب البراغماتي الذي لا يرحم والذي يمكن للنادي أن يستعين به، بينما يحاول أن يطوي صفحة الماضي ويستعد للخطوة القادمة. لكن ما يحتاجه تشيلسي حقيقة، ليس قائمة بالصفقات التي يستهدفها كفريق، وإنما مجموعة من الأساسات، وطريقة لعب يتم تثبيتها وتطويرها، كما حدث في السابق بفضل وجود ترسانة من اللاعبين المتمرسين على البطولات، من أمثال بيتر تشيك وجون تيري وفرانك لامبارد، وكلهم كانوا موجودين قبل عصر رومان أبراموفيتش، حافظ الفريق على تماسكه على مدار الـ12 عاما الماضية. وكما أشار غوس هيدينك المدرب المؤقت لتشيلسي في وقت لاحق، يحتاج الفريق لشيء أكثر عمقا بدءا من الآن، بعد ليلة بدت كفصل ختامي، بقدر ما كانت خروجا من دوري الأبطال.
واعتبر هيدينك أن الفريق يواجه تحديا يتمثل في بناء فريق جديد من أجل المستقبل بعد خروجه من دور 16 لدوري أبطال أوروبا. وابتعد تشيلسي بفارق 20 نقطة عن ليستر سيتي متصدر الدوري، كما يبتعد بفارق عشر نقاط عن مانشستر سيتي صاحب آخر مركز مؤهل للمشاركة في دوري الأبطال. وقال هيدينك: «رأيي أن تشيلسي الآن في مرحلة انتقالية. على النادي التفكير في كيفية التقدم للأمام واستعادة مكانته التي اعتاد عليها». وأضاف «الوصول للمركز الرابع أمر صعب». وتولى هيدينك تدريب تشيلسي بشكل مؤقت في ديسمبر (كانون الأول) بعد إقالة البرتغالي جوزيه مورينهو.
وحول تعرض هازارد لصيحات استهجان من قبل مجموعة من الجماهير أثناء خروجه من الملعب عقب المباراة أمام باريس سان جيرمان، قال هيدينك: «من حقهم أن يطلقوا صيحات الاستهجان تجاه أي شخص يعتقدون أنه يستحق ذلك». وأضاف «لم أشاهد الواقعة (تغيير القمصان) إلا أنني لا أستطيع القول إنني لست على علم بما حدث. كان من السهل أن أقول إنني لم أر شيئا. ما كان يجب أن يحدث ذلك (تغيير القمصان). يكون الأمر معتادا في بعض الدول لكن عقب المباراة». وانتقدت الصحف البريطانية هازارد وهو أفضل لاعب في إنجلترا الموسم الماضي. وقال صحيفة «ديلي ميل»: «نهاية الولاء.. إيدن هازارد يتبادل القمصان وبشكل مثير للجدل مع أنخيل دي ماريا لاعب سان جيرمان بين الشوطين». وقالت صحيفة «صن»: «هازارد يتبادل العار في ليلة خروج تشيلسي».
خروج تشيلسي من دوري الأبطال.. فصل ختامي أم كبوة تعقبها صحوة ؟
بعد أن قال هيدينك المدرب المؤقت إن الفريق الآن في مرحلة انتقالية
خروج تشيلسي من دوري الأبطال.. فصل ختامي أم كبوة تعقبها صحوة ؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة