أكد سامي كايلو، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار «مورغان ستانلي» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن سوق الأسهم السعودية مرشحة لجذب سيولة أجنبية تقدر قيمتها بما يصل إلى 30 مليار دولار، في حال إدراج السوق في مؤشر الأسواق الناشئة.
وأكد كايلو خلال حديثه أن الاقتصاد السعودي يمتاز بالقوة، والسرعة في النمو، مشيدًا في الوقت ذاته بالتحركات الإيجابية في ما يتعلق بزيادة فاعلية القطاع الخاص، من حيث خصخصة المطارات، والرعاية الصحية، والموانئ.. وغيرها من القطاعات الحيوية، مضيفًا أن «الطرح المرتقب لجزء من (أرامكو السعودية) للاكتتاب العام يحظى باهتمام كبير من قبل المستثمرين، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل وعلى المستوى العالمي أيضًا».
وأشار الرئيس التنفيذي الإقليمي لبنك الاستثمار «مورغان ستانلي»، إلى أن السعودية تتمتع بأسس سوق متينة على المدى البعيد، تحميها من تقلبات أسعار النفط، وقال: «لا شك في أن تراجع أسعار النفط والظروف الاقتصادية الراهنة تشكل تحديًا للسعودية، ولكننا على ثقة بقدرة المملكة على النجاح في مواجهة تلك التحديات».
وأوضح كايلو أنهم في «مورغان ستانلي» حريصون على توفير تدريب بمعايير عالمية للشباب السعودي، مشيرًا إلى أنهم خلال السنوات الماضية قاموا بإرسال كثير من الشباب السعودي إلى لندن ونيويورك، لإخضاعهم لبرامج تدريب متخصصة في أسواق المال، وإدارة الاستثمارات، والاستثمار المصرفي. وإلى نص الحوار:
* في بداية الحوار.. حدثنا عن حضور «مورغان ستانلي» في السعودية، ما الاستراتيجية التي تعتمدونها في السوق السعودية، وما الآليات التي تركزون عليها لتطوير هذه الاستراتيجية؟
- تعود بدايات «مورغان ستانلي» في منطقة الشرق الأوسط إلى سبعينات القرن الماضي، إلا أنه تم تأسيس «مورغان ستانلي - السعودية» عام 2007، والآن ننشط في عدد من المجالات، مثل إدارة الأصول، وتداول الأسهم، والاستثمارات المصرفية، سواء من خلال طرح أسهم الشركات للاكتتاب العام، أو الاندماج والاستحواذ. ونعمل مع القطاعين العام والخاص، ويستفيد مكتبنا في السعودية من وجودنا في أبرز أسواق المال العالمية. والاستراتيجية المعتمدة تركز على الابتكار والوفاء باحتياجات العملاء، ونحن ملتزمون بأسواق المنطقة، وننظر باهتمام إلى التطورات التي تشهدها السوق السعودية بصفة عامة.
* برأيكم كيف استجابت الأوساط المالية العالمية لانفتاح سوق المال السعودية أمام المستثمرين الأجانب.. هل تتماشى هذه الاستجابة مع توقعاتكم، وما استعداداتكم للتعامل مع هذه التطورات؟
- نعتقد أن هذا الانفتاح تطور إيجابي للغاية، وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا كبيرًا بين الأوساط المالية العالمية، حيث لمسنا اهتماما لافتًا من قبل المستثمرين الدوليين المهتمين باستكشاف الفرص المتاحة في السوق السعودية وتعزيز انكشافها على السوق خلال السنوات المقبلة.
وكما هي الحال في أي سوق تتطلع للانفتاح أمام مستثمرين من الخارج، يمكن أن تستغرق هذه العملية بعض الوقت لكي تتبلور وتحصل على النمو الطبيعي، وحدوث هذه العملية بشكل تدريجي هو، في واقع الأمر، صحي ومطلوب، حيث يتعين على المستثمرين الدوليين فهم السوق والمقومات والأسس التي تميزها، إضافة بالطبع إلى المسائل المتعلقة بالأمور التنظيمية والتسويات. ونأمل أن نكون قادرين على مساعدة هؤلاء المستثمرين في إيجاد طريقهم إلى السوق السعودية. وبالنظر إلى حجم وعمق وسيولة السوق السعودية، فإننا نتوقع أن يزداد اهتمام الشركات الاستثمارين العالمية بشكل مطرد خلال السنوات القليلة المقبلة.
وبالإجابة عن الشق الثاني من السؤال، كان «مورغان ستانلي - السعودية» أول بنك استثماري ينفذ بنجاح صفقات «مبادلة» نيابة عن مستثمرين أجانب غير مقيمين، ليتيح الفرصة أمام عملاء مؤهلين خارج المملكة للانكشاف على الشركات المدرجة في «تداول»، وكان ذلك في أغسطس (آب) 2008. وفي يونيو (حزيران) 2009، أطلقنا «صندوق مورغان ستانلي للأسهم السعودية» بهدف توفير الفرصة للاستثمار في الأوراق المالية المدرجة في «تداول».
واليوم لدينا سجل حافل في السوق المحلية وحضور قوي على الأرض يجعلنا في موقع مثالي لمساعدة العملاء على الوصول إلى سوق الأسهم السعودية، فمنذ سنوات ونحن نتمتع بالبنية التحتية اللازمة لتقديم أفضل خدمات للعملاء الدوليين والمحليين وتسهيل الوصول إلى هذه السوق المتنامية، ونشعر بالحماس والتفاؤل حول ما يخبئه المستقبل.
* كيف تنظرون إلى إمكانية طرح جزء من «أرامكو السعودية» للاكتتاب العام.. برأيك هل سيفتح هذا الأمر الباب أمام إدراج أسهم شركات مماثلة في الفترة المقبلة؟
- لا شك في أن الطرح المرتقب لجزء من «أرامكو السعودية» للاكتتاب العام يحظى باهتمام كبير من قبل المستثمرين، ليس على المستوى الإقليمي فحسب؛ بل وعلى المستوى العالمي أيضا، مثل هذا الأمر سيكون علامة فارقة قد تحفّز الشركات السعودية الأخرى على طرح أسهمها هي الأخرى للتداول، سواء في الأسواق المحلية أو العالمية، نرحّب بمثل هذه التطورات، ونعتقد أنها ستضيف بُعدًا جديدًا إلى جاذبية واهتمام المستثمرين وعمق السوق السعودية. كما نرى أيضًا أنها تشجع الشركات الأخرى على اعتماد أفضل ممارسات الحوكمة وإدارة علاقات المستثمرين، مما يؤدي إلى خلق سوق أكثر كفاءة وشفافية، كما نتوقع ارتفاع وتيرة طرح الأصول للاكتتاب بعد تطبيق برنامج التحول الوطني.
* هل تعتقد أننا سنشهد نموا في مجال الاستثمار المصرفي، والاندماجات والاستحواذات في السوق السعودية والخليجية خلال عام 2016، وما القطاعات المرشحة؟
- ما زال هناك اهتمام كبير من الشركات العالمية للاستثمار في المنطقة، ففي العام الماضي عمل «مورغان ستانلي» مستشارا ماليا لشركة «ميديكلينيك إنترناشيونال»، شركة الرعاية الصحية الجنوب أفريقية المدرجة، التي تبلغ قيمتها السوقية 8 مليارات دولار، أثناء اندماجها مع «مستشفيات النور» الإماراتية. كما نتوقع أن نشهد اهتماما من الشركات الإقليمية بتعزيز النمو عبر الاستحواذ في أسواق خارجية. وفي السوق السعودية، نتوقع أن نشهد نموًا في أنشطة الاستثمارات المصرفية في أسواق المال والاندماج والاستحواذ عقب الكشف عن برنامج التحول الوطني، خصوصا مع توجه الحكومة السعودية لتنويع مصادر الاقتصاد بعيدًا عن النفط، ونعتقد أن تشمل القطاعات الرئيسية، مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والبنية التحتية، والتعدين، والنفط، والبتروكيماويات.
* باتت الخصخصة من أبرز المستجدات الاقتصادية التي تعمل عليها السعودية، هل تعتقد أن لدى البنوك الاستثمارية العالمية دورا تلعبه في هذا المجال؟
- يعكف كثير من الحكومات الخليجية على إعادة النظر في اقتصاداتها وأسواقها، نظرًا لحالة عدم الاستقرار في مقومات الاقتصاد العالمي والتحديات التي رافقتها، ونعتقد أن يسهم هذا التوجه في زيادة وتيرة الخصخصة وتحويل عدد من الأصول الحكومية إلى القطاع الخاص في مجالات متعددة؛ تشمل النفط والغاز والاتصالات وشركات الطيران والنقل والبنية التحتية والرعاية الصحية والمرافق العامة.
وبمقدور برامج الخصخصة، في حال تم اختيارها وإدارتها بعناية، أن تحقق عددا من المزايا الحقيقية؛ سواء للحكومات أو الجهات الأخرى المعنية، كالجمهور والمستهلكين والمستثمرين والمزودين، فهناك دومًا اهتمام كبير من قبل المستثمرين بالانكشاف على جهات حكومية تُدار بشكل جيد وتسعى لتكون مملوكة لجهات خاصة أو مدرجة في أسواق المال.
ولدى قطاعنا دور هام في تقديم المشورة لهذه الحكومات حول أفضل الأساليب المعتمدة في تنفيذ برامج الخصخصة، وضمان أن تحصل تلك الحكومات على أفضل العوائد عقب تحويل الأصول أو الشركات إلى الملكية العامة أو الخاصة، ويمكننا أن نقدم خبرتنا الطويلة التي امتدت لعقود لمساعدة الحكومات على القيام بالخصخصة على النحو الأمثل، بما في ذلك الاستشارات المتعلقة بالتحضيرات المؤسسية وإعادة الهيكلة والحوكمة وعلاقات المستثمرين، وأي طرح أولي للاكتتاب، أو برامج للتمويل، أو متابعة الأمور الفنية في المؤسسة.
* لديكم «صندوق مورغان ستانلي للأسهم السعودية» الذي بدأ نشاطه عام 2009، كيف تقيمون أداء هذا الصندوق الاستثماري؟
- ما زال «صندوق مورغان ستانلي للأسهم السعودية» يتصدر أفضل الأوراق المالية أداء في الفضاء التقليدي للأسهم المدرجة في «تداول»، كما أنه من بين أفضل الصناديق الاستثمارية أداء، ومنحته مجلة «MENA Find Manager» المتخصصة لقب «أفضل صندوق للاستثمار في الأسهم السعودية» نظرًا لأدائه المتميز على مدار 3 سنوات.
ويرى الفريق المسؤول عن الصندوق، الذي يتخذ من الرياض مقرًا له، أن الاستراتيجية الاستثمارية التي تقوم على أساسيات السوق وتركز على أسهم معيّنة، يمكن أن تنجح في خلق قيمة مضافة للمستثمرين. ويحرص فريق العمل على الاستثمار في شركات سعودية تعد جذابة على أساس التقييم والنظرة المستقبلية للقطاع والاستراتيجية المعتمدة.
* كيف ترون مستقبل تطور قطاع إدارة الأصول في السوق السعودية؟
- بوصفها أكبر دولة خليجية من حيث الموارد المالية والتعداد السكاني، تتمتع السعودية بأسس سوق متينة على المدى البعيد. وعلى الرغم من التقلبات الأخيرة التي أحدثها الانخفاض في أسعار النفط، فإننا نعتقد أن هناك محفزات لنمو قوي ومستدام مدفوعًا بزيادة مستويات الدخل لدى الطبقة الوسطى المتنامية، والإصلاحات الهيكلية، ووجود فرص لنمو السوق الاستهلاكية في البلاد.
برأينا، لا يزال قطاع إدارة الاستثمار بالسعودية في مراحل مبكرة من التطور، إلا أن هذا القطاع يشهد نموًا متسارعا، وباعتقادنا أن هناك ثلاثة توجهات من شأنها أن تعزز النمو في المملكة على المدييْن المتوسط والبعيد، وهي: أولاً: لا يزال قطاع إدارة الأصول في السعودية يحقق تحسنًا ملموسًا بالتوازي مع تحسين القوانين واللوائح التنظيمية، ومن شأن هذا الأمر أن يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين ويساعد على استقطابهم للاستثمار لدى مديري الأصول المحليين، وهناك كثير من المبادرات التي تسهم في إضفاء الطابع المؤسسي على السوق، وجذب المستثمرين للتعامل مع الجهات المتخصصة بإدارة الاستثمارات بدلاً من التداول في سوق المال لتحقيق مكاسب على المدى القصير.
ثانيًا: قطاع صناديق الاستثمار المشتركة في السعودية صغير نسبيًا، ويعود ذلك لمجموعة من العوامل؛ تشمل غياب ثقة المستثمرين، بالإضافة إلى تركز كثير من المستثمرين الأفراد على استراتيجية الاستثمار على المدى القصير، ولكن مع التغييرات التنظيمية ورفع وعي المستثمرين، نعتقد أن يزداد الإقبال على صناديق الاستثمار المشتركة في المستقبل.
ثالثًا، وأخيرًا، فإننا نعتقد أن ابتكار منتجات جديدة بالتوازي مع تعزيز جانب الشفافية سيسهم بدفع عجلة نمو قطاع إدارة الأصول، وسيكون لانفتاح السوق السعودية على المستثمرين الأجانب دور كبير في تعزيز هذا النمو والابتكار.
وتشير التقديرات إلى ارتفاع إجمالي الأصول المُدارة العامة والخاصة (جميع فئات الأصول) في السعودية من 132 مليار ريال (35.2 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2013، إلى 180 مليار ريال (48 مليار دولار) في عام 2015، وعقب انفتاح سوق المال السعودية على المستثمرين الأجانب المؤهلين والإدراج المحتمل للسوق في مؤشر الأسواق الناشئة، فمن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم، وأن يتم استثمار الأموال النشطة والسلبية في الأسهم السعودية، ووفقًا لتقديرات مختلفة، يمكن لتدفقات الاستثمارات أن تصل من 10 إلى 30 مليار دولار عقب إدراج السوق في مؤشر الأسواق الناشئة.
* كيف تختارون وتدربون الموظفين العاملين لديكم خصوصا بالنسبة للمصرفيين السعوديين؟
- نحرص في «مورغان ستانلي» على توفير تدريب بمعايير عالمية للشباب السعودي، وخلال السنوات الماضية قمنا بإرسال كثير من الشباب السعوديين إلى لندن ونيويورك لإخضاعهم لبرامج تدريب متخصصة في أسواق المال وإدارة الاستثمارات والاستثمار المصرفي، ونحن ملتزمون بتوظيف وإعداد أفضل المواهب السعودية على الدوام.
* كيف تنظرون إلى الاقتصاد السعودي بصفة عامة؟
- لا شك في أن تراجع أسعار النفط والظروف الاقتصادية الراهنة تشكل تحديًا للسعودية، ولكننا على ثقة بقدرة المملكة على النجاح في مواجهة تلك التحديات.