دعاوى ضد وزير الداخلية الفرنسي بسبب تجاوزات حالة الطوارئ

حصاد هزيل للإجراءات المشددة عقب هجمات باريس.. وتمديدها 3 أشهر جديدة لها تبدأ الليلة

انتشار أمني مكثف في العاصمة الفرنسية عقب هجمات باريس في نوفمبر الماضي («الشرق الأوسط»)
انتشار أمني مكثف في العاصمة الفرنسية عقب هجمات باريس في نوفمبر الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

دعاوى ضد وزير الداخلية الفرنسي بسبب تجاوزات حالة الطوارئ

انتشار أمني مكثف في العاصمة الفرنسية عقب هجمات باريس في نوفمبر الماضي («الشرق الأوسط»)
انتشار أمني مكثف في العاصمة الفرنسية عقب هجمات باريس في نوفمبر الماضي («الشرق الأوسط»)

عقب الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة باريس ليل 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فرضت الحكومة حالة الطوارئ وذلك ردا على الاعتداءات، ومحاولة لتجنب اعتداءات جديدة، فضلا عن اعتبارها وسيلة لتضييق الخناق على «الخلايا النائمة»، وعلى «الإرهابيين» بفضل الصلاحيات الواسعة التي توفرها للأجهزة الأمنية، وتمكينها من فرض إجراءات واسعة وسريعة من غير المرور المسبق بالقضاء.
وأبرز ما تجيزه حالة الطوارئ تمكين رجال الأمن من القيام بعمليات دهم للمنازل والمكاتب في أي زمان ومكان، وفرض الإقامة الجبرية وحل الجمعيات، وغير ذلك من التدابير الإدارية. وبوصفها مرحلة أولى، فرضت حالة الطوارئ لمدة 13 يوما، ثم مددها مجلس النواب لثلاثة أشهر إضافية تنتهي منتصف ليل الجمعة. لكن مجلس النواب عاد ومددها لثلاثة أشهر إضافية «حتى 26 مايو (أيار)» والحبل على الجرار.
وكانت حالة الطوارئ إحدى الوسائل في «حرب فرنسا على الإرهاب»، وفق تعبير رئيس الجمهورية الذي أردفها بمشروع قانون لتعديل الدستور يجيز نزع الجنسية عمن يرتكب جرما أو جنحة إرهابية. وهذا المشروع صوت عليه في الجمعية الوطنية، وينتظر أن ينتقل إلى مجلس الشيوخ الشهر المقبل. وحتى يقر، يتعين أن يحصل على ثلاثة أخماس أعضاء مجلس النواب والشيوخ مجتمعين في قصر فرساي التاريخي.
لا حاجة إلى التذكير بالجدل العنيف الذي هز فرنسا وقسمها قسمين «مؤيد ومعارض» بالنسبة إلى التعديل الدستوري. لكن الجميع، بمن فيهم الرئيس والحكومة، يعترفون بأن نزع الجنسية «تدبير رمزي»، لأن الإرهابي لن يكون مهتما بالمحافظة على جنسيته الفرنسية في حال قرر ارتكاب عمل ما. كذلك، فإن أصواتا ارتفعت لتندد بحالة الطوارئ التي قيل عنها إنها تصيب الحريات الفردية وتفتح الباب للتجاوزات من كل نوع وتستهدف المسلمين وتصوب نحوهم سهام التشكيك.
أول من أمس، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا تندد فيه بحالة الطوارئ التي دعت بداية الشهر الحالي إلى الامتناع عن تمديد العمل بها. كذلك فإن رابطة حقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان عمدتا تكرارا ومنذ أسابيع إلى لفت النظر لـ«التجاوزات» التي تحصل بعيدا عن أعين القضاء بالاستناد إلى تدابير «قاتلة للحريات». وآخر ما أفرزته هذا الحالة أن خمسة من المواطنين الفرنسيين الذين فرضت عليهم الإقامة الجبرية، ثم رفعت من غير توافر عناصر جديدة في ملفاتهم قدموا شكوى مؤخرا ضد وزير الداخلية برنار كازنوف. وبحسب ما نقلته صحيفة «لوموند» عن محاميهم أرييه عليمي أمس، فإن وزارة الداخلية «كانت تعي أن الأسباب التي بررت وضع الأشخاص رهن الإقامة الجبرية إما غامضة وإما غير صحيحة»، وبالتالي فإن الوزارة أبقتهم رهن الإقامة الجبرية «بشكل اعتباطي»، ما يشكل انتهاكا للقانون ولحقوق الأفراد. ولعل ما يصب في هذا الاتجاه أنه مع انتهاء فترة الأشهر الثلاثة للتمديد الأول هذه الليلة، فإن الإقامات الجبرية المفروضة وعددها حاليا 274 حالة ستسقط قبل أن تعمد وزارة الداخلية إلى تمديد العمل بها لعدد أقل من الأشخاص. وبحسب الوزارة المذكورة، فإن هذا العدد سيتراجع إلى أقل من مائة، ما يعني أن أكثر من 170 حالة خضعوا لتدبير استثنائي وحرموا من حريتهم وألزموا التقدم ثلاث مرات في اليوم إلى مراكز الشرطة ليثبتوا وجودهم. لكن الأخطر من ذلك أن «شكوكا» صوبت نحوهم واتهموا ضمنا بعلاقتهم من قريب أو بعيد بالإرهاب أو كونهم خطرين على الأمن والسلامة العامة. وبحسب المدعين الخمسة، فإن خطيئتهم أنهم «يمارسون الديانة الإسلامية» وفق تصور وزارة الداخلية التي كرر شاغل حقيبتها على ضرورة «عدم الخلط» بين الإرهاب والإسلام.
إلى جانب الإقامة الجبرية، ثمة تدبير آخر لا يقل إيذاء وهو عمليات الدهم التي تقوم بها الأجهزة الأمنية من غير تفويض قضائي وبموجب أحكام قانون الطوارئ. وتفيد إحصائيات وزارة الداخلية أن هذه الأجهزة قامت بـ3397 عملية دهم، بعضها حصل منتصف الليل أو مع ساعات الفجر الأولى. وإذا كان تبرير هذه العمليات أنها تستهدف «خلايا» إرهابية أو أخرى داعمة لها أو لأشخاص يشكلون تهديدا للأمن والسلامة العامة، فإن معلومات الداخلية تفيد أن خمس حالات فقط نقلت إلى مكتب المدعي العام المتخصص في شؤون الإرهاب في باريس، ما يعني أن الحصاد كان هزيلا. وسمحت هذه العلميات بمصادرة 587 سلاحا من كل الأنواع، ووضع اليد على كميات من المخدرات في 254 حالة.
قبل أيام أعلن رئيس الحكومة مانويل فالس أن التهديد الإرهابي في فرنسا «لم يكن أبدا بهذه الخطورة». وخلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ الدولي حول الأمن في 15 الشهر الحالي، أكد فالس أن عمليات إرهابية «ستحصل بكل تأكيد» في أوروبا. وفي ذهن المسؤولين الفرنسيين أن حالة الطوارئ يجب أن تبقى قائمة ما دام بقي التهديد الإرهابي قائما. ووفق هذه القاعدة، فإن الفرنسيين سيبقون لفترة طويلة خاضعين لقانون استثنائي ولأحكام استثنائية، باعتبار ذلك ثمنا لتوفير الأمن ولتلافي تجدد العمليات الإرهابية.
الواقع أن المواطن الفرنسي نسي بعض الشيء حالة الطوارئ. فالتدابير الأمنية التي فرضت ابتداء من نوفمبر تراجعت بعض الشيء، والمواطن العادي لا يجد ما يقوله ما دام أنها لا تسمه شخصيا. ولذا، فإن التمديد الجديد لحالة الطوارئ لن يجد سوى جمعيات الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان للتنديد بها وبما تمثله من افتئات على الحريات الفردية والعامة، إضافة إلى الذين اكتووا أو ما زالوا يكتوون بنارها بسبب أو من غير سبب.



شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
TT

شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

أكّد المستشار الألماني أولاف شولتس، مساء اليوم الجمعة، أن اللاجئين السوريين «المندمجين» في ألمانيا «مرحَّب بهم»، في حين يطالب المحافظون واليمين المتطرف بإعادتهم إلى بلدهم، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المستشار الديمقراطي الاشتراكي، في رسالة على منصة «إكس»، إنّ «كلّ من يعمل هنا، ومندمج بشكل جيّد، هو موضع ترحيب في ألمانيا، وسيظل كذلك. هذا مؤكَّد»، مشيراً إلى أنّ «بعض التصريحات، في الأيام الأخيرة، أدّت إلى زعزعة استقرار مواطنينا سوريي الأصل».