مقاتلون معارضون يتدربون في أحياء حلب المهددة بالحصار

الفصائل دعت إلى النفير العام منذ أسبوعين واستجاب عشرات المدنيين بين 17 و30 عامًا

تدريب المدنيين على حمل السلاح في القسم الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (أ.ف.ب)
تدريب المدنيين على حمل السلاح في القسم الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (أ.ف.ب)
TT

مقاتلون معارضون يتدربون في أحياء حلب المهددة بالحصار

تدريب المدنيين على حمل السلاح في القسم الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (أ.ف.ب)
تدريب المدنيين على حمل السلاح في القسم الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة (أ.ف.ب)

وضع الخياط محمد الذي لم يغادر ورشته قط إبره وكشتبانه جانبًا، وذهب منذ أسبوعين للالتحاق بمعسكر تدريب تابع للفصائل المقاتلة، كي يتعلم الدفاع عن حيه ضد قوات النظام السوري.
وفقدت الفصائل المعارضة، منذ بداية فبراير (شباط)، عددًا من مناطق سيطرتها في محافظة حلب (شمال)، واحدة تلو الأخرى، إثر هجوم كاسح لقوات بشار الأسد بمؤازرة الطيران الروسي. وباتت الأحياء الشرقية لمدينة حلب الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة والمطوقة تقريبًا من جميع الجهات مهددة بحصار خانق، في حال نجح النظام في قطع الطريق الوحيد الصعب المتبقي إليها. وردًا على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، بعد إعلان الاتفاق الروسي الأميركي حول وقف لإطلاق النار اعتبارًا من الجمعة، يقول مسؤولون عن معسكر التدريب الواقع في شرق مدينة حلب، إنهم سيواصلون تدريباتهم ما دام جيش النظام يتقدم على الأرض في المنطقة.
ويقول محمد (20 عامًا) إنه لدى اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد خرج «في المظاهرات منذ البداية، ولكن لم يسبق لي أن حملت السلاح». ويضيف الشاب الأسمر النحيل: «الآن بعد التقدم الكبير لقوات النظام في ريف حلب الشمالي واقترابها من مشارف المدينة، التحقت بمعسكر التدريب كي أتعلم على استخدام السلاح، لأنني أخشى من أن يتمكن الجيش النظامي من محاصرتنا».
في معسكر التدريب الواقع عند الخط الفاصل بين قطاعي المدينة والمحاط بأبنية مهدمة، يقوم الشباب مرتدين زيهم العسكري بتصويب رشاشاتهم على الهدف، بإشراف ضابط من المقاتلين الذي يوجه لهم إرشادات حول كيفية اتخاذ وضعية سليمة للذراعين والساقين.
ويؤكد محمد الذي يقطن حي صلاح الدين المعارض: «إذا تمكن الجيش من دخول المدينة (الأحياء الشرقية) لن يفرق حينها بين مدني لم يحمل السلاح ومقاتل من المعارضة»، مضيفًا: «سوف يقتل الجميع دون استثناء». ويتابع: «لا بد لنا من الدفاع عن المدينة ومنع قوات النظام من حصارنا أو التقدم داخلها». وشيد تحالف لفصائل معارضة غير إسلامية المعسكر. وتسيطر هذه الفصائل على أكثر من نصف الأحياء الشرقية. وفي المقابل، أسست الفصائل الإسلامية التي يغلب وجودها في ريف المدينة، معسكرات تدريب سرية جديدة. ودعت الفصائل الموجودة في حلب منذ أسبوعين، إلى النفير العام عبر محطات التلفزيون والإذاعة واستجاب للدعوة عشرات المدنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و30 عامًا.
ويقول العميد المنشق عن القوات النظامية أحمد كردي المشرف على التدريب «استنزفتنا الهجمة الأخيرة لقوات النظام». ويضيف: «خسرت فصائل المعارضة المئات من المقاتلين أثناء الدفاع عن قرى وبلدات الريف الشمالي، لذلك قررنا إعلان حالة النفير وفتح باب الانضمام إلينا، وإنشاء معسكر لتدريب المتطوعين الجدد والدفاع عن مدينة حلب، وما تبقى من ريفها الشمالي».
وتعاني الفصائل المقاتلة من نقص في المعدات لمواجهة قوات النظام التي تتفوق خصوصًا بسلاحها الجوي. ووجد مقاتلو الفصائل المعارضة أن صفوفهم تتهالك في ريف حلب الشمالي مع انطلاق حملة الطيران الروسي، حليف النظام البارز، في مطلع سبتمبر (أيلول). ويضيف العميد كردي: «نقوم بتدريب الشبان الذين لم يسبق لهم أن حملوا السلاح أو انضموا لفصائل أخرى من المعارضة على استخدام السلاح، كما ندربهم على بعض الخطط العسكرية وكيفية التعامل مع العدو في أرض المعركة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.