الميليشيات تحرق المتحف الوطني في تعز

انطلاق المرحلة الثانية من «قافلة الضمير» لكسر الحصار عن المدينة

مقاتل من المقاومة الشعبية يتفحص الدمار الذي حل بالمتحف الوطني بتعز (رويترز)
مقاتل من المقاومة الشعبية يتفحص الدمار الذي حل بالمتحف الوطني بتعز (رويترز)
TT

الميليشيات تحرق المتحف الوطني في تعز

مقاتل من المقاومة الشعبية يتفحص الدمار الذي حل بالمتحف الوطني بتعز (رويترز)
مقاتل من المقاومة الشعبية يتفحص الدمار الذي حل بالمتحف الوطني بتعز (رويترز)

قصفت الميليشيات الانقلابية المتحف الوطني بتعز، وأحرقت محتوياته بالكامل، وأصبحت كل مقتنياته رمادا بعدما كان يحتوي على آثار ومخطوطات نادرة تؤرخ لحقبة زمنية مهمة لليمن ولمحافظة تعز.
واستمرت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح في قصفها العنيف والهستيري على الأحياء السكنية بمدينة تعز خاصة الخاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية، بالإضافة إلى قصفها بصواريخ «الكاتيوشا» قرى ومواقع للقوات الموالية للشرعية منطقة الأحيوق بمديرية الوازعية بوابة لحج الجنوبية، غرب مدينة تعز، ومنطقة كرش من مناطق تمركزها في الجرجوب في الراهدة، جنوب شرقي المدينة، وقطعت الميليشيات طريق السويداء الرام، في مديرية حيفان، جنوب تعز، ومنعت المواطنين من المرور في المنطقة التي قطعتها.
وقتل وجرح العشرات من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح جراء غارات التحالف التي تقودها السعودية، المركزة والمباشرة على تجمعات ومواقع ومخازن أسلحة الميليشيات في مناطق متفرقة من مدينة تعز وأطرافها، مما كبدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وأفاد شهود لـ«الشرق الأوسط» بأن غارات التحالف تركزت على مواقع وتجمعات الميليشيات في تلة السلال، بمديرية صالة شرق المدينة، وأسفل منطقة المطالي وتبة الخزان بمديرية المسراخ، جنوب تعز، ومواقع للميليشيات، بالإضافة إلى منزل قيادي حوثي، شرق المدينة.
كما طالت الغارات تجمعات للميليشيات في معسكر التشريفات جنوب القصر الجمهورية، شرق المدينة، ومنطقة الطمر في مديرية موزع.
في ظل رفض ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، رفض تطبيق القرار الأممي 2216، الذي ينص على إطلاق المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة تعز، لجأ ناشطون من أهالي المحافظة إلى مبادرات لكسر الحصار عن المدينة. وانطلقت أمس الخميس «قافلة الضمير» سيرا على الأقدام، من مدينة التربة، تحمل معها كميات كبيرة من المواد الإغاثية. وشارك في القافلة الآلاف من أبناء محافظة تعز الذين تجمعوا في مركز مديرية التربة، التي تبعد 45 كيلومترا عن تعز.
ومن جهتها، أعلنت اللجنة التحضيرية للمبادرة الشبابية انتهاء المرحلة الأولى من فعاليات كسر الحصار عن مدينة تعز (فعاليات الضمير) التي ابتدأت من 23 يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 3 فبراير (شباط) من الشهر الحالي، وبدء المرحلة الثانية، أمس الخميس، تحمل معها كميات من المواد الغذائية والطبية والأكسجين.
وأكدت اللجنة التحضيرية للمبادرة أن انطلاق قافلة الضمير يعُد «كسرا للحصار عن مدينة تعز»، وأن كل المواد الغذائية والطبية والإغاثية التي ستحملها القافلة ستُسلم للمنظمات والمستشفيات التي تعرضت لأضرار بسبب الحرب. وقالت إن هذه المبادرة هي مبادرة شبابية مستقلة وقضيتها الأولى حقوقية - إنسانية، متمثلة في كسر الحصار.
وحملت اللجنة التحضيرية للمبادرة الميليشيات الانقلابية مسؤولية «أمن وسلامة القافلة أو المساس بها أو المشاركين فيها بشكل مباشر أو غير مباشر»، كون القافلة ستمر عبر الطريق الرئيسي الممتد من التربة إلى تعز عبر بئر باشا. وأعلنت مؤسسة «تمدين شباب» مواصلة مساعيها الإنسانية من خلال إدخال المساعدات الإغاثية إلى سكان المدينة. وأكدت أنها «أدخلت 30 ألف غسلة لمرضى الفشل الكلوي في مستشفى الثورة العام والممولة في ميزانية المستشفى، فيما تكفلت منظمة الصحة العالمية بتكاليف النقل والتوصيل».
وقال منسق المؤسسة بسام الحكيمي، في تصريح صحافي له، إن «المؤسسة بذلت مساعيها مع كل الأطراف لتسهيل إجراءات إدخال هذه الكمية من المساعدات العلاجية لمستشفى الثورة، وإن الكمية تم توصيلها إلى مركز الكلى الصناعية في المستشفى، وهي من شأنها أن تسهم في التخفيف من آلام نزلاء المركز». وأكدت مؤسسة «رصد» الحقوقية أن الميليشيات الانقلابية لا تزال «تمارس العقوبات الجماعية المسلحة بحق أبناء المحافظة».
ومن جهتها، تواصل المقاومة الشعبية التهامية تصعيد هجماتها ضد ميليشيات الحوثي وصالح في جميع مدن ومحافظات إقليم تهامة، مستهدفة تجمعات الميليشيات ومواقعهم والدوريات والنقاط العسكرية، مما كبدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، جراء الهجمات وغارات التحالف التي تقودها السعودية، والتي تشن غاراتها على أهداف وتجمعات الميليشيات في مناطق متفرقة من محافظة الحديدة بما فيها تجمعات لميليشيات جوار المجمع الحكومي في مدينة بيت الفقيه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».